لماذا يشاهد الأطفال الفيلم نفسه مئة مرة؟

منصة 2023/03/23
...

  ترجمة: لينة الحيالي


من المحتمل إنك قلت عبارة “ألا تمل من مشاهدة الفيلم نفسه مرات كثيرة؟” لابنك في أكثر من مناسبة حين تجده “مبهوراً” يشاهد المقاطع ذاتها لمراتٍ كثيرة والتي لابد أنه حفظها عن ظهر قلب. 

إذ يستمتع أغلب الأطفال بمشاهدة الفيلم نفسه أو الرسم المتحرك بشكلٍ متكرر. وأكثر ما يثير الفضول أنهم يبقون مركزين كما لو أنهم يشاهدونه للمرة الأولى. على الرغم من أنهم قد يكونوا حفظوا عن ظهر قلب بعض الحوارات كما يحدث أن يضحكون مسبقاً لأنهم يعرفون ما الذي سيحدث، ومع ذلك لا يبدو عليهم الملل. كيف يكون ذلك ممكناً؟ وفي الحقيقة هناك أسباب

عدة.

- إذ لا يفهم الأطفال الفيلم بالكامل حين يشاهدوه للمرة الأولى.  

فعلى الرغم من أن أفلام الأطفال سرعتها أكثر بطئاً من أفلام الكبار إلا أن أشياء كثيرة تحدث على الشاشة: مثل تدخل شخصيات عديدة، إضافة إلى المحادثات وإظهار العواطف وردود الأفعال ... ولأن كل هذه الأشياء تحدث في وقتٍ واحد يكون من السهل أن يفقد الأطفال تفاصيل عديدة، نتيجة عدم التركيز.   

بعبارة أخرى قابلية الانتباه والمعالجة المعرفية للأطفال الصغار لا يمكن أن تجاري إيقاع الفيلم “المحتدم” تقريباً بالنسبة لهم. ومن الواضح فإن ذلك يصعب عليهم استيعاب ما يحدث. لهذا، في كل مرة يشاهد الطفل الفيلم يلتقط تفاصيل جديدة لم يدركها سابقاً مما يساعده على فهم القصة بشكلٍ أفضل. وبقدر ما يتآلف الطفل مع القصة والشخصيات تكون أسهل عليه.  

ولأنه يجب على الطفل أن يقوم بجهدٍ معرفي أقل، فأنه يستمتع أكثر بما يحدث ويقيم ارتباطاً عاطفياً أقوى مما يجعل هذا الفيلم يعجبه كل مرة أكثر. 

- التكرار يجعل الأطفال يشعرون بأن العالم مكان آمن.

سبب آخر يجعل الأطفال يشاهدون الفيلم عشرات المرات هو لأنهم يستمتعون بالتكرار، الذي يجعلنا نحن البالغين نشعر بالملل، بينما على العكس التكرار يمنح الأطفال الإحساس بأن العالم هو مكان قابل للتكهن وآمن. لأنهم بالطبع يستطيعون التكهن بما سيحدث فيما بعد ويثبتون صحة توقعاتهم ويشعرون بالقوة ولديهم الثقة بأنهم يستطيعون، على الأقل السيطرة على جزءٍ صغير من العالم الذي هو بالنسبة لهم لا زال فوضوياً كثيراً.

 وعلينا ألا ننسى بأننا جميعاً يعجبنا التكهن بما ستؤول إليه الأمور، وذلك يعطينا انطباعاً بالأمان والشعور بالرضا العميق، حين نرى أن تكهناتنا كانت صائبة، وهذا الشيء نفسه يحدث مع الصغار. ويكون ذلك التأثير واضحاً لديهم أكثر، لأن الكثير من الأشياء التي اختبروها جديدة بسبب كون دماغ الطفل يثرى باستمرار بمعلوماتٍ جديدة، من الممكن أن تصبح متعبة له. وعليه فإن ذلك التكرار يكون هو واحة الأمان التي يتمسك بها. 

- أنها استراتيجية قيمة للتعلم تحفز التفكير 

   حين يشاهد الأطفال الفيلم نفسه أكثر من مرة، يتكهنون لا إراديا بما سيحدث مما يساعدهم على تطوير تفكيرهم المنطقي وعلى فهم العلاقات (السبب/ التأثير) وهي مهارة معقدة تبدو أساسية ليتمكن الصغار من استيعاب مفهوم التعاقب. ومن جهةٍ أخرى فإن التكرار هو أيضاً واحد من أفضل الطرق  ليتعلم الأطفال ويكتسبون مهارات جديدة. وبالفعل يروق لهم كثيراً أن يقرأ لهم آباءهم القصص نفسها أكثر من مرة مما يسمح لهم فهم القصة بشكلٍ أفضل وبتطوير الذاكرة واكتساب المفردات.     

وبهذا المعنى، أكدت دراسة أجريت في جامعة ساسكس، أن الأطفال يتعلمون أكثر حين يقرأ عليهم شيء أكثر من مرة. وأخضع علماء النفس مجموعة من الأطفال بعمر ثلاث سنوات للتحليل النفسي فكانوا يقرؤون للبعض منهم القصة نفسها مرات عدة وللبعض الآخر قصص مختلفة واثبتوا أن الصغار الذين اكتسبوا مفردات أكثر كانوا أولئك الذين تعرضوا لتكرار القصص. لذلك عندما يرغب ابنك بمشاهدة الفيلم الذي شاهده مئات المرات، دعه يفعل ذلك ببساطة، لأن ذلك سيكون مفيداً

لدماغه. 


المصدر: 

elclubdeloslibrosperdidos.org