{المحيبس}.. جزءٌ لا يتجزأ من رمضان العراقيين

استراحة 2023/04/05
...

  إبراهيم هلال العبودي


"محيبس" هي تصغيرٌ لكلمة (محبس) التي تعني الخاتم، وهو الخاتم الذي يتم البحث عنه من خلال اللعبة ولهذه اللعبة اسمٌ آخر وهو (بات)، يقولون: يلعبون بات. وكلمة (بات) ومعناها يأتي من مبيت المحبس في أيادي هذا الفريق الذي لم يستطع الفريق الآخر استخراجه من أيديهم.

واللعبة تعتمد بشكلٍ عام على دراسة نفسيَّة سريعة للفريق حامل المحبس من قبل الرجل الذي يحاول اكتشاف مكانه والذي يدعى بالعامية العراقية (الطاير).

واللعبة يعود أصلها الى لعهد العباسي بعد أنْ فقد خاتم الخلافة في إحدى جلسات الخليفة مع ندمائه خلال أيام شهر رمضان وبقصد ممازحته أخفى أحدهم الخاتم في يديه وشاركه باقي الأصدقاء نفس الحركة حتى طلب الخليفة من أحد أصحابه أنْ يحاول معرفة مكان الخاتم وسيتم تكريمه إنْ وجده.

لعبة المحيبس من الألعاب التراثية في العراق، وتنشط عملية ممارستها خلال شهر رمضان المبارك، ويحرص كثيرون على ممارستها لأهدافٍ عدة، منها التسلية والمنافسة والتعرف على أشخاص آخرين يمثلون مناطق أخرى، وهي تعتمد على التوقع الصحيح والحدس وتشخيص مكان المحبس من خلال قراءة وجه الشخص الذي يكون بيده، فهناك أشخاصٌ يستطيعون تشخيص حامل المحبس من بين العشرات، لكنهم لا يستعجلون انتزاعه من يده من أجل زيادة الترقب والمتعة بين المشاركين في اللعبة أو الجمهور.

يتمُّ لعب اللعبة بفريقين وبأي عددٍ من المشتركين، حيث يقوم أحد الفريقين الذي يشتري المحبس (الخاتم) (بعددٍ من النقاط يتم منحها للفريق الآخر) بتخبئته بيد أحد أفراد فريقه بدون علم الفريق الثاني، عندها يقوم أحد أفراد الفريق الثاني بالبحث عن المحبس باسقاط الأشخاص الذي يعتقد بعدم وجود المحبس بيدهم.

وتختلف الأهداف المتوخاة من ممارسة هذه اللعبة التي تعود لإحياء الأجواء الشعبية من خلال التجمعات الاجتماعية، ولا تخلو من كسب المهارة والفراسة والشهرة من خلال الممارسة والتكرار في اللعب الذي يتلخص في عملية إخفاء المحبس والبحث عنه والعثور عليه، وتتعدد الأماكن التي يتم اللعب فيها ومنها المقاهي والبيوت وصالات الأندية وغيرها. يستمر اللعب لحين وصول أحد الفريقين لمجموع النقاط التي يتفق عليها مسبقاً، وبذلك يكون هو الفريق الفائز ويحصل على الجائزة ويدفع الفريق الخاسر كلفة صواني الحلويات التي توزع بين الفريقين والمشاهدين.

عادةً ما ترافق اللعبة مجموعة من الأهازيج والأغاني التراثيَّة مثل المربعات والجالغي البغدادي لبث الحماس والتسلية بين الحضور. يكون اللعب على شكل تسقيط بين فرق المحلات والحواري ويحصل الفريق الفائز في آخر أيام شهر رمضان على الجائزة الكبرى.

ويعدُّ اللاعب الأبرز في هذه اللعبة في الداخل العراقي تضاهي شهرة نجوم لعبة كرة القدم والغناء والتمثيل، وخلال السنوات الأخيرة برز لاعبون جدد، لكنهم لم يتمكنوا من مزاحمة جاسم الأسود الذي بقي النجم الأول في لعبة المحيبس في العراق بسبب فراسته الكبيرة في تشخيص مكان المحبس وأما في مدينة الصدر فيبقى المرحوم  فاضل البياتي (أبو العيس) من أبرز لاعبي المحيبس من حيث الإخفاء والعثور عليه عند الفريق المنافس بفراسته المعروفة حينها كان ينزل على حامل المحبس قارئاً وجهه بدون تأخير وأخذه من يديه تحت الحماس والأهازيج.