الكوت: محمد ناصر
على ضفاف نهر دجلة، وعند سدة الكوت الشهيرة، حيث بساتين النخيل وكورنيش وسط المدينة، يتجمع الصائمون، هرباً من الارتفاع البسيط في درجات الحرارة وهم يستمتعون بعذوبة الهواء النقي لقضاء ساعات ما قبل الإفطار وبعده للترويح عن أنفسهم، إذ تقضي الأسر الواسطية أوقاتاً ممتعة، مستغلة جمال الأجواء، وشاعرية المكان. وتتنوع طقوس سكان محافظة واسط، فكل قضاء أو مدينة يختلف عن الآخر، لكن السمة الأبرز لهم هي التزاور وتبادل الأطعمة وهي عادة رغم الحداثة لم تتغير. ويقول الفنان الواسطي جلال الشاطي: إن مركز المدينة أو ما يسمى (الولاية) خليط من مكونات الطيف الكوتي، مذاهب وأديان تجمعهم تقاليد وطقوس تشمل حتى الأديان والمذاهب تتبادل الأطباق فيما بينهم وهي السمة السائدة بين الأسر الكوتية، إذ تكون أغلب الموائد متسعة بسبب تبادل الأطباق لأن هذا الأمر هو موروث شعبي اعتادت عليه الأهالي..
وتابع "بما يخص سدة الكوت بعد الإفطار فهي تمثل لهم قبلة وتاريخاً ورمزية وهي متنفس جميل لهم بالجلوس على ما يسمى (المسناية) كما يحلو لهم تسميتها وهو السياج المحيط والفاصل بين كفة النهر والشارع وهذا أيضاً تقليد اعتادت عليه الأهالي منذ أكثر من 100 عام".
أما رئيس مؤسسة سنتر فن للسينما والمسرح في واسط عصام القريشي فأكد أن هنالك عادات وتقاليد لم يغيرها الزمن بل زادها ترابطاً وهي عادات قديمة. فالشباب يحرصون على لعب المحيبس بعد الإفطار ولساعات متأخرة من الليل، فضلاً عن ارتياد المقاهي والحرص على شرب الشاي على الفحم والحامض وشراء المكسرات..
أما الأسر فتتزاور فيما بينها بعد الأفطار وتتبادل أطباق الحلوى، بينما الأغلبية تتبادل وجبات الطعام كواحدة من أهم طرق التواصل الاجتماعي. وتابع القريشي: في واسط هنالك ترابط كبير تسوده المحبة، فالكل هنا يعرفون بعضهم وهم أهل وجيران وإخوان، الرجال الكبار يذهبون للمساجد لأداء صلاة التراويح، بينما تخرج بعض الأسر لسدة الكوت للإفطار في مطاعم السدة، أما حركة الشباب فهي الأوسع، إذ يجلسون للتسامر وتبادل الأحاديث وينتهي بهم المطاف بلعب المحيبس والدومينو أو السباحة وإلى ساعات متأخرة يذهب كل إلى بيته لتبقى سدة الكوت ترفد الأنهر والبساتين بعذوبة مياهها.