يعدّ العصاب القهري من الأمراض النفسيَّة التي تتصف بسيطرتها على المريض وإجباره على ممارسة الأفعال والعادات الغريبة، مصحوباً بزيادة القلق والتوتر والاكتئاب والمخاوف الدينية والاجتماعية. 

ومع أنَّ هذا المرض ينجمُ عن اضطرابٍ في العمليات الكيميائية، فإنَّ الظروف الاجتماعية تلعب دوراً فعّالاً في التأثير على الأجهزة العصبية المركزية وجعلها في اضطرابٍ وتوترٍ مستمرين. والمزعج في هذا الاضطراب أنَّ الأفكار الوسواسية فيه تكون خطيرة ومتعبة جداً للمصاب به، مثل: تسلّط فكرة القتل، الحرق، السرقة، الاعتداء الجنسي، الطعن في الدين، توقع الشر، اللوم المستمر للذات، الاستغراق في أحلام اليقظة المعطّلة لأداء المهام اليومية، ومحرّمات يفرضها المريض على نفسه مع أنَّها ليست بمحرّمات.

وليت الحال تبقى على هذه الأفكار، لكنَّ المريض يصل الى مرحلة الإنهاك حين تتحول هذه الأفكار الى أفعالٍ تسلطية مثل: غسل اليدين عشرات المرات في اليوم، الانشغال بعد الأشياء والسلالم، التأكد من غلق قنينة الغاز عدة مرات، والكفر أثناء الصلاة.

ومع ذلك فإنَّ علاجه ممكنٌ، شرط تعاون الطبيب والأسرة والمريض نفسه. 

ففي ما يخص الطبيب عليه أنْ يعمل على إيضاح حقيقة المرض للمريض نفسه وتوعيته بعدم اللجوء الى المشعوذين والدجالين، وإشغاله بنشاطات تبعده عن التفكير بمشكلته التي تقلقه. وفي ما يخص المريض فإنَّه ينبغي عليه الاستمرار على العلاج الجسمي والنفسي معاً، والابتعاد عن المواقف التي تثير القلق والتوتر، وممارسة الأعمال الخيرية التي تضفي على النفس الراحة والاطمئنان، والابتعاد عن مشاهدة نشرات الأخبار التلفزيونية التي تثير القلق والتوتر 

والحزن.

وفي ما يخص الأسرة والمقربين من حوله فإنَّه ينبغي عليهم إحاطته بالحب والحنان البعيد عن التطرف، وتقوية ثقة المريض بنفسه، والابتعاد عن التندر والتهكم على سلوكه. 

ومع ذلك فإنَّ دور المريض في علاج نفسه يبقى هو الأقوى من دور الطبيب والأسرة، إذ تشير نتائج الأبحاث الى أنَّ إرادة الفرد في التخلص من المرض هي الوسيلة الأقوى في علاج الكثير من الأمراض، فاذا استطاع مريض العصاب القهري أنْ يعمل عكس الفكرة التي تسيطر عليه، وممارسة عمليات الاسترخاء، وسماع الموسيقى الهادئة، وقراءة القصص والمجلات المسلية، ومشاهدة المسرحيات الكوميدية، وتكوين صداقات مع أفرادٍ يرتاح لهم فإنَّها تشكل، بالتعاون مع الطبيب والأسرة الضمانة الأكيدة للعلاج من أزعج اضطراب نفسي.. يكفي أنَّ اسمه: العصاب القهري.