مرقد الحمزة الغربي.. عنوان للشموخ وشجاعة البيت النبويّ

ريبورتاج 2023/05/16
...

  عامرجليل ابراهيم

 تصوير: إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية

ضمن سعيها الدؤوب للتعريف بأماكن السياحة الدينية في العراق كانت محطة «جريدة الصباح» هذه المرة في مدينة الأنبياء والأولياء والصالحين مدينة الحلة الفيحاء، وتحديداً في (قضاء الحمزة) حيث مزار ومرقد  الحمزة الغربي (ع) الذي وهب اسمه إلى المكان الذي دفن فيه، والقضاء يبعد 28 كم تقريباً عن مركز محافظة بابل شرقي الفرات. وللتعريف بصاحب هذا المقام الجليل التقت «الصباح» بالسيد محمد مأمون ديكان الشمري الأمين الخاص لمزار الحمزة الغربي (ع) الذي قال: الحمزة الغربي هو الحمزة بن القاسم بن علي بن الحمزة الأكبر بن الحسن بن عبيد الله بن أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام، أبو يعلى، كانت ولادته أواخر القرن الثاني وهو من طبقة الشيخ الكليني ووفاته كانت في زمن المطيع العباسي أواخر القرن الثالث 352هـ .

نشأته وحياته

يحدثنا السيد الشمري عن النشأة بالقول: إن أبا يعلى نشأ في المدينة المنورة ونهل من معارف وعلوم بيت النبوة واجتذبه علم رواية الحديث، وكان من علماء الأمامية الأتقياء الأجلاء وقد ذكره علماء الرجال بكل الثناء والإطراء وشهدوا له بالعلم والورع والوثاقة.

عندما خرج الإمام الحمزة من المدينة إلى العراق لزيارة أضرحة أجداده في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، وبعد إكمال مراسيم الزيارة وأثناء عودته، أراد زيارة جده لأبيه الحسن بن عبيد الله الكائن في قرية المزيدية، فشاءت الأقدار أن يتوفاه الله في القرية بعد أن كتب وصيته المعروفة بقوله (إذا مت أبعدوني إلى مكان آخر) ونفذ وصيته أهالي المزيدية فدفنوه في هذا المكان، وكان أرضاً قاحلة تسمى أطراف الجزيرة، ووضعوا إشارة تدل على وجود قبر رجل علوي، وتشير رواية أخرى إلى أنه رجل دين ومن رواة الحديث، فهو صاحب مدرسة فقهية في زمن كان فيه العباسيون يبحثون عن بقايا العلويين لإبادتهم، فأخفى نفسه في هذه المنطقة النائية وأدركته المنية فدفن فيها.


لماذا سمي بالغربيّ؟

يضيف الأمين الخاص للمرقد بقوله: عرف مرقد حمزة بن القاسم، المنتهي نسبه الشريف إلى الإمام علي (ع) من طريق جَدّه أبي الفضل العباس شهيد طف كربلاء سلام الله عليه بالحمزة الغربيّ، تمييزاً عن مرقد السيد أحمد بن هاشم بن علوي بن الحسين الغريفي البحراني من نسل السيد إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم (ع)، وقبر السيد أحمد بين مدينتَي الديوانيّة والرميثة، ويُعرَف بالحمزة الشرقي هكذا سمّاه العوام، لأنّهم لم يكونوا يعرفون اسمه الحقيقي (السيد أحمد)، فاعتقدوا أن اسمه الحمزة فسَمَّوه بالحمزة الشرقي نسبةً إلى مرقد أبي يعلى حمزة بن القاسم الذي عُرِف بالحمزة الغربي رضوان الله تعالى عليهما.


عمارة المرقد

عن أعمال العمارة ومراحلها يقول الشمري: إن أعمال البناء والتأهيل كانت على أربع مراحل، الأولى في سنة 1912م، أما المرحلة الثانية فكانت سنة 1936م من السدنة آل شمر وبمعاونة عشائر البو سلطان، إذ كانت قبة صغيرة قبل سنة 1900م وطوارم من القصب، كان ارتفاع القبة لا يتجاوز 15م.

بعد سنة 1936م بنى الشيخ عداي الجريان وأخوه نايف الجريان والسدنة وأهل المنطقة قبة ارتفاعها 23م، وفي سنة 1962م بنيت له باب القبلة الرئيس فقط، أما العمارة الثالثة فكانت طفرة نوعية في توسعة المزار سنة 1973م حيث أزيلت الطوارم الخشبية وبدلت بالحديد والطابوق. 

ارتفاع القبة القديمة 23م، وارتفاع المنارة 28م، وارتفاع القبة من الداخل 6م، المزار مساحة الضريح لا تتجاوز 350م2 هذا القديم، أما الآن وبعد جهود الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة ضمن مرحلة حشد إعمار المزارات تمت الموافقة على التصميم الجديد الذي تم إعداده من مهندسي المزار ومهندسين من الأمانة العامة للمزارات.

تفاصيل المزار

وعن التفاصيل يحدثنا المهندس أمير محمد عليوي مسؤول الشعبة الهندسية في المزار الشريف حيث يقول: إن مساحة المزار هي (9975م2)  والمساحة الكلية للبناء الجديد هي (2400م2) منها (1200م2) حضرة داخلية تقسم مناصفة للرجال والنساء، مفصولين بقواطع خشبية ذات زخرفة ونقوش إسلامية مصنوعة بأيادٍ عراقية ومن أجود أنواع الخشب البورمي، وارتفاع المزار من الداخل 12م و60سم، وتم تغليف الجدران الداخلية للمزار وتغليف الأرضية بالمرمر الاونكس الإيطالي الفاخر، ويصل ارتفاع المرمر بالحضرة الداخلية إلى حوالي (2،5م) تعلوه كتيبة قرآنية مغلفة بالكاشي الكربلائي، ثم تعلو سطح الحضرة الشريفة من الداخل مجموعة من القباب الإسلامية وعددها (11)، محاطة بفضاء الحضرة الشريفة، منقوشة بالمرايا والزجاج الملون والأبيض وذو طابع اسلامي، أما واجهات المزار الشريف من الخارج، فكلها مغلفة بالمرمر الايطالي بارتفاع (2م)، وعن استبدل الشباك القديم بآخر جديد تبرع به الحاج هاشم الشمري حسب ما سمعناه من الأمين الخاص للمزار، حيث  تمت صناعته في مدينة أصفهان بأبعاد  4×4 م ونصف، وارتفاعه 4 م ونصف. 

وعن باقي تفاصيل المشروع تقول المهندسة زهراء جميل هادي إنَّ القبة الآن هي بارتفاع 36م مغلّفة بمادة GRP ، وهي مادة مؤلفة من لدائن مدعمة بألياف مصنوعة من الزجاج، تعرف هذه المواد تحت الاسم الشائع (فايبر كلاس)، ومن الداخل بالعين كار والنقوش الإسلامية، أما المنارتان فيبلغ ارتفاعهما 46م و 60سم مغلفة بالكاشي الكربلائي، وعلى ما اعتقد أنهما أعلى منارتين في جنوب العراق، ترمزان للشموخ والشجاعة للبيت النبويّ العلويّ، وللمزار 4 أبواب باب القبلة أمام القبر بارتفاع  8 أمتار وبعرض 5 أمتار، وباب الحسين (ع)، وباب الرضا (ع)، وباب الجواد تطل على الصحن الداخلي، مصنوعة من أجود وأنقى الخشب الصاج البورمي، يوجد مجمعٌ للصحيات، يتكون من 16 وحدة صحية للرجال ومثلها للنساء.

ومن ضمن مشروعنا الجديد توسعة مجمع الصحيات، والمشاريع المستقبلية للمزار فتح مدرسة أهلية في بناية مستملكة للمزار، مع توفير مقاعد خاصة مجانية للطلبة الأيتام، دعما لهذه الشرائح، ولتطوير العملية التربوية، والقضاء على البطالة وتوظيف القدرات الشبابية من الخريجين، وكذلك قدمنا مقترحا بإنشاء مشروع تدوير النفايات الناتجة من الخدمات المقدمة للزائرين في الزيارات المليونية.


النشاطات الثقافيَّة

وعن النشاطات، التي تقام في المزار الشريف حدثنا السيد احمد فاهم عبد الحسين معاون الأمين الخاص للشؤن الفكرية والثقافية والدينية حيث قال: تقام في المزار على مدار السنة العديد من المناسبات الدينية والثقافية ومحافل للقرآن، ونحن في المراتب الأولى في دورات القرآن، والأول على العتبة العباسية، واقامة مجالس العزاء لوفيات أهل البيت عليهم السلام، وإقامة الاحتفالات والمهرجانات الشعرية بمناسبة ولادات أهل البيت عليهم السلام، إقامة دورات فقهية وارشادية وتعليمية للأطفال في العطلة الربيعية والصيفية، اقامة ورشة ومعرض لرسوم الاطفال، إضافة إلى دورات حفظ القرآن وتلاوته، وإقامة المحافل القرآنية على مدار السنة.

ويختتم الأمين الخاص السيد الشمري حديثه بالقول: ولا يفوتني أن أذكر أن المزار يزوره الزائرون من مختلف الدول، من الهند ومن جميع الدول الإسلامية ويستوعب المزار 2000 ألفي زائر أو أكثر، ويوجد هناك مبيت قاعة للنساء، وأخرى للرجال، ويوجد مضيف لاطعام الزائرين، كما يوجد عدد كبير من الأفرشة والأغطية بحدود 3000 آلاف قطعة للوافدين إلى المزار، كل ذلك لتوفير سبل الراحة للزائر، بل حتى مضايفنا الخاصة المجاورة للمزار مفتوحة دائما للزائر الكريم.