أربيل: رائد العكيلي
احتضن المركز الاكاديمي الاجتماعي في أربيل ندوة ثقافية بحضور مجموعة من الشعراء والأدباء والمثقفين. افتتح الجلسة المهندس والأديب بدر سنجاري الذي تحدث عن الهايكو، وقال: هو من الشعر الياباني الذي غزا العالم بمختلف اللغات، وهو نوع من أساليب كتابة الشعر الياباني المتعدد مثل «شعر التانكو، والسينريو، والهايبون» وغيرها.
وقد اشتهر الهايكو في جميع دول العالم لتميزه في استيعاب اللغات كافة، وقدرته على التوصيف والإحساس بالمخاطبات الإنسانيّة، حيث يقوم على أساسيات محددة منها، أن يبدأ شعر «الهايكو» بثلاثة أسطر بخلاف الشعر العربي سبعة أسطر، ويتكون من خمس مقاطع للسطر الأول وسبعة مقاطع للسطر الثاني، وخمسة مقاطع للسطر الثالث لأن اللغة اليابانية صوتية وليست لغة كلمات كالعربية، ثم يمر هذا الشعر بمختبر «الهايكو» الذي يحدد الضوابط والقياسات التي ينطبق عليها، كما أضاف «ولكونه قائماً على المشهديّة يحتاج إلى تمرين ودراسة واستمرارية على العكس من الشعر العربي الذي يقوم على أساس الاحساس والمجاز والخيال».
وقد دخل «الهايكو» العالم العربي منذ ستينيات القرن الماضي عن طريق كتاب فلسطينيين معروفين، كعزالدين مناصرة، وازدادت شهرته في التسعينيات عبر ترجمات فرنسية وأجنبية، وفي بداية القرن الواحد والعشرين بدا كتاب عراقيون بكتابة شعر «الهايكو» وتطور وازدادت شهرته وانتشاره بعد ظهوره في منصات «الفيس بوك».
ودخل «الهايكو» إلى الادب العربي منذ التسعينيات، وفي عام 2010 أسس أول نادي لـ «الهايكو» في مصر للشاعر حمدي اسماعيل، وبعدها في عام 2013 أسس نادي «هايكو» سوريا للشاعر الدكتور سامر زكريا، وكل هذه النوادي جمعها مفهوم النص الوجيز، وفقاً لسنجاري.
كما وتحدث الشاعر علي القيسي عن الفرق بين شعر الومضة وشعر «الهايكو» بحسب تحليل عميدة قسم الأدب جامعة تشرين - الدكتورة سميرة ديوب، الومضة «هي نص هلامي ممكن أن يدخل على الومضة المشهدية والقصيدة الومضة والخاطرة»، فأغلب شعرائنا حاولوا عام 1964 أن يعبروا في نصوصهم خارج التجنيس، فلذلك ذكر كل منهم تسمية محددة لنصوصهم. «الهايكو» يكتب بزمن المضارع الحاضر أو الماضي المتحرك نحو الحاضر، أما الومضة فتكتب في زمن الماضي. «الهايكو» لا يقبل المجازات ولا المحسّنات كما ويعتمد على البساطة المؤتية للدهشة، أما الومضة فتعتمد على الاندهاش المصطنع. «الهايكو» يكون مشهد عيان في حين لا يشترط في الومضة ذلك، وجود العفوية في «الهايكو» وعدم وجودها في الومضة. فقد شغلت قصيدة الهايكو اليابانية العالم على مدى مئة عام، فلا توجد دولة في الوقت الحالي لا يكتب فيها «الهايكو»، أو تعد له مائدة نقدية خاصة به، بل إن كثيرا من الدول أعدت بيانا شعريا خاصا في «الهايكو» لمنح الخصوصيّة الكاملة لهذا الجنس، واستدلالات خاصة به ليتميز عن باقي أشكال الادب الوجيز.
ومن أشهر كتاب «الهايكو» العرب هو محمد عظيم الذي قدم ايجازا كبيرا في الترجمة التي حلت الإشكالية، وحول النص من مجاز إلى ايقاع من أصل اللغة اليابانية، لأن اليابانيين لا يكتبون المجازات، فهم يتعاملون مع الأشياء بمصداقية مطلقة، حيث يتفاعلون مع الأشياء بحقيقتها الواقعية، وهو نقل أمين وذكي لواقع خارجي ملموس. وكان بيان بغداد «للهايكو» الذي اطلقته رابطة هايكو سومر مفصلاً مهماً له أثر في اعادة بريقه المكتوب باللغة
العربية.