طـلـبـة البـكـالـوريا يتـوسلـون.. رفقاً بنا

ريبورتاج 2023/07/12
...

  بدور العامري
لا شك أن الامتحانات النهائية لمرحلة البكالوريا تلعب دوراً أساسياً في حياة الطالب ومسيرته العلمية والمهنية فيما بعد، فبناءً على نتائجها يتحدد مستقبله، ومن هذه الأهمية نجد أن هناك ضغوطات نفسية أثرت بشكل سلبي في حياة الطالب، لذلك كان لا بد من وقفة حقيقية للتحليل والتتبع من قبل المعنيين بالشأن لغرض ايجاد حلول ورؤى من شأنها إنقاذ أبنائنا الطلبة من شبح الضغوطات النفسية وانعكاساتها السلبية على تلك المرحلة المفصلية من حياتهم.
تأثير الأهل
حالة وفاة الطالب أحمد بشير من أهالي البصرة بعد دقائق معدودة من دخوله قاعة الامتحان وغيره من حالات الاغماء والخوف والقلق كل ذلك يدخله المختصون في خانة الضغوطات النفسية التي يتعرض لها طالب المرحلة النهائية في الدراسة الإعدادية، إذ يقول التربوي كرار حسين: كثيراً ما يعاني الطلبة في مرحلة البكالوريا من ضغط كبير من قبل الأهل، إذ يبدأ الأب والأم بتحشيد أبنائهم للحصول على معدل تنافسي كبير، كأنهم داخلون لساحة حرب وليس اختباراً لمرحلة دراسية يجب أن تتمتع بخصوصية معينة ونوع من الهدوء الذهني لغرض اجتيازها والخروج بنتيجة جيدة تلبي طموح الطالب وتتناسب مع قدراته الذاتية، وبحسب حسين فإن الأمر لم يتوقف عند الضغط المفرط للأهل على الطلبة أثناء الدراسة والتسبب بنتائج عكسية، بل أن طبيعة العلاقة داخل الأسرة والمشكلات الاجتماعية التي تتعرض لها هي أحد أسباب الفشل لدى طلبة المدارس، كما في حالة الطالب سلام عادل، حيث يصفه التربوي كرار بأنه إحدى ضحايا الضغوط النفسية الاجتماعية، حيث بدأت معاناته بعد أن قرر والداه الانفصال عن بعضهما قبل بدء الامتحانات بأسبوع واحد، ما أدخله في صدمة نفسية حادة جعلته ينزوي في إحدى الغرف في منزله هاجراً الناس وحياته الاجتماعية وبالتالي رفضه لأداء الامتحانات، علماً أن سلاماً كان أحد الطلبة المجتهدين طيلة العام الدراسي!.

ضغوط نفسيَّة
وبينت دراسة حديثة لمختصين في علم النفس والاجتماع أجريت على آلاف الطلبة من مرحلة البكالوريا، أنه كلما زادت الضغوط النفسية لدى الطلاب كلما انخفض معدل تحصيلهم الدراسي، والعكس يحصل عندما تقل تلك الضغوط، وتشير تلك الدراسة إلى أن الضغوط النفسية هي مجموعة من المؤثرات الداخلية والخارجية التي يتعرض لها طالب المرحلة النهائية من الدراسة الإعدادية، إذ يستجيب لها بالتوتر والخوف والقلق وعدم الاتزان، نتيجة لعدم قدرة الطالب على الموازنة بين ما يتمتع به من إمكانات وبين الضغوط البيئية المحيطة به والمتمثلة بالضغوط الأسرية والضغوط المدرسية، إذ تشكل له تهديداً وعبئاً ثقيلاً على عاتقه، ولغرض التعامل الصحيح مع تلك الضغوطات أو التقليل من تأثيرها يتطلب الأمر التكيف والتوافق من أجل تحقيق النجاح وهو الحصول على شهادة البكالوريا، وبحسب تلك الدراسة فإن الطلاب في هذه المرحلة بحاجة إلى قليل من الضغط الذي من شأنه أن يولد لديهم روح المثابرة والإدراك.
بينما تعتقد التدريسية عبير كامل بتأثير الانفتاح الإعلامي ووسائل التواصل الاجتماعي وزيادة الضغط النفسي على طلبة المراحل المنتهية والصف السادس الإعدادي بصورة خاصة، إذ عملت على ضخ الأخبار والمعلومات عن حالات القلق والخوف وتأزيم بعض المواقف من أخطاء في وضع الأسئلة وبالتالي التأثير في نفسية الطلبة، على عكس ما كان معمولاً به قبل وصول ثورة المعلومات وعالم الانترنت إلينا، إذ كان الطلبة يتعاملون بأريحية معينة مع امتحان البكالوريا وبحسب التدريسية عبير فإن بساطة الحياة في السابق وانغلاق المجتمعات، كانا سبباً في عدم وجود ضغوطات نفسية على طلبة المدارس.

أخطاء
التربوية نادية خليل الربيعي، ماجستير في مادة الأحياء تقول: "يجب أن يكون تعامل المدرس مع طلبته تعاملاً أبوياً مليئاً بالمودة والتفاهم، كي يحظى بالمقابل بحب وحسن إصغاء من الطلاب، ونبهت الربيعي إلى أهمية أن يبتعد المدرسون عن أسلوب التهديد والتخويف من الفشل في حال لم يلتزم الطلبة بطريقة تدريس معينة، الأمر الذي أفرز مشكلات جديدة نتيجة كثرة معاهد التقوية والتدريس الأهلية، ولفتت الربيعي إلى مسألة الأخطاء المتكررة في المناهج الدراسية والأسئلة الموضوعة في الامتحانات النهائية، الأمر الذي تسبب بإرباك للعملية التعليمية، لذلك دعت الربيعي إلى ضرورة إعادة النظر وايجاد الحلول الجذرية لمسألة الأخطاء في المواد العلمية، وكذلك شددت على أهمية التعاون بين المدرسة والأسرة لتوفير الظروف المناسبة للمذاكرة والاستعداد الصحي للامتحان، إذ يتوجب اتخاذ عدة إجراءات منها أن يحظى تلاميذ المرحلة النهائية للدراسة الإعدادية باهتمام خاص من قبل المرشد الاجتماعي في المدرسة، كما يجب على الأبوين تفهم أبنائهم وعدم الضغط المبالغ به عليهم عن طريق مقارنتهم مع أبناء الأقارب أو الأصدقاء، وتابعت الربيعي "أن طالب المدرسة لم يعد يستسيغ أسلوب التلقين والحفظ كالببغاوات خاصة بعد ظروف وباء كورونا وما رافقها من اختصار لأغلب المواد الدراسية والاستعانة بالتعليم عن بعد (التعليم الالكتروني) ما أوجد فجوة كبيرة بين فترة ما قبل كورونا وما بعدها، حيث أصبح الجيل الحالي مبرمجاً على عدم الإكثار من القراءة وعملية الانتقاء أصبحت سمة ملاصقة له.