كيف نقوم بتربية شركائنا على الكوكب؟

ريبورتاج 2023/07/12
...

 رند الأسود

في كل صباح هناك موعد لدجاج بيت الحاج ناجي مع حجارة علي ابن جيرانهم الذي ما إن يتسلق السور الفاصل بين البيتين حتى يبدأ برميه بالحجارة والاستمتاع بتعذيبه، حتى أن قطة أخته سلمى لم تسلم من هذا الطقس المرعب، فيلاحقها ويحملها بطريقة مؤلمة من أذنها ويركلها بقدمه أحياناً، وسط هذه القساوة المرضية لبعض البشر هل لهذه الأرواح التي ليس لها حول ولا قوة من قانون يحميها؟.
"هاتشيكو" الوفي
ما زال البعض يعد جمعيات حقوق الحيوانات نوعاً من الترف غير المبرر لاستهانتهم بأرواح هذه الكائنات وآلامها، فهناك الكثير من الأشخاص مثل (علي ابن الجيران) يعتبرون تعنيف الحيوان مجرد تسلية، غاضين النظر عن هذه الأرواح غير البشرية، وللأسف حتى بعض مربي الحيوانات الأليفة لا يجيدون التعامل معها بالشكل الصحيح، فالعلاقة بين الإنسان والحيوان معقدة، لأن الأخير لا حول له ولا قوة ويحتاج مراعاة الإنسان واهتمامه وحمايته من فتك الجهلاء، فالإنسان بالنسبة للحيوان كل عالمه، وإن عامله بصورة جيدة أخلص له طوال حياته مثل قصة كلب المحطة "هاتشيكو" الذي أصبح رمزاً للوفاء في اليابان بعد أن انتظر صاحبه الذي فارق الحياة بعد رحيله في محطة القطار لعشرة أعوام، وقد قامَ نحات ياباني بصنع تمثال من البرونز لـ "هاتشيكو"، وتم نصب التمثال أمام محطة القطار في احتفال كبير، والكلب نفسه كان حاضراً خلاله.
وهناك العديد من القصص والأمثلة على إخلاص الحيوانات لمن يرعاها ويعاملها بلطف وشفقة ورحمة.

نماذج شاذة
وللحديث أكثر عن هذا الموضوع توجهنا إلى عيادة الدكتورة ليليان للطب البيطري، لنسألها كيف ترى علاقة العراقيين بحيواناتهم؟
في الآونة الأخيرة يقسم مربو الحيوانات في العراق إلى قسمين، الأول هم المتباهون بخط دم ونوع الحيوان الذي يملكونه، وهذا النوع يعتمد اعتماداً كلياً على تجهيزات العيادات البيطرية والأسواق الخاصة بتغذية الحيوانات، إما القسم الثاني هو القسم المحلي وهم الأشخاص الذين يربون الحيوانات لأغراض إنسانية ويسعون إلى تكوين علاقات صداقة مع كائنات غير بشرية، غير أن ثقافة العناية بالحيوان بدأت مؤخراً بالتطور البطيء في العراق، فأصبح الناس يتعاملون بإدراك أن هذه المخلوقات شركاؤنا على الكوكب، ورغم تسليط الضوء على المعنفين للحيوانات من النماذج الشاذة، غير أن هنالك قسماً كبيراً من الناس بدؤوا يتعاملون عاطفياً مع هذه المخلوقات، ويبحثون عن الارشاد للطريقة الصحيحة للعناية بها، وهنا دورنا نحن الأطباء البيطريين في تقديم النصح والتوجيه للقضاء على الأفكار الخاطئة المتوارثة بما يخص موضوع التربية والتغذية والصحة.

تعلم المسؤولية
قبل أن تفكر في اقتناء أي حيوان من أي نوع سواء كان طيراً أو قطة أو كلباً أو حتى مجرد سمك زينة عليك أولاً أن تفكر ما هو هدفك من تربية هذا الحيوان، وهل أنت على استعداد لتحمل مسؤولية الاعتناء به ومراعاته؟ تخلصنا من حيرتنا شيماء عقيل التي ترعى أكثر من قطة في منزلها موضحة بعض الأمور المهمة الواجب مراعاتها أثناء تربية الحيوانات في المنزل، مثل توفير البيئة الملائمة والمكان المناسب، وكذلك حساب التكلفة المادية والالتزام
للمربي.  
وتضيف شيماء: تختلف الحيوانات عن بعضها البعض في طرق التربية مثل القطط والكلاب، حتى أن نوع وصنف القطة يحدد طريقة تربيتها والعناية بها، أما الكلاب فتحتاج إلى بيئة مختلفة، كونها تحب اللعب والخروج كثيراً، إضافة إلى زيارات دورية للطبيب لتلقي اللقاحات والتطعيمات اللازمة.
إن مراعاة هذه الكائنات ليست للترفيه فقط بل  لتعلم المسؤولية وزرع الرحمة والعطف في النفس البشرية.
ويشير ماجد حسن إلى رصانة الشعور الإنساني عند العناية بالحيوان ويقول : رغم امتلاكي مجموعة من الطيور إلا أنني أعي مسؤوليتي في تربيتها والاهتمام بها، وأعدها كأطفالي لكونها مخلوقات حية لها ما لنا من الأهمية والحاجة إلى الاهتمام، فتراها تشعر بالحزن كما نشعر، لذلك من أولى اهتماماتي توفير الأجواء اللازمة لكي تكون سعيدة، فضلاً عن توفير المأكل والمشرب ومساحة خاصة لمنامها، إن الحكمة هي رؤية إنسانيتنا من خلال الاهتمام بها.

الطفل دائماً يلتقط الصورة
توجهنا إلى الدكتورة ناز بدرخان سندي - أستاذة العلوم التربوية والنفسية- للبحث عن الأسباب الاجتماعية التي تؤدي بالبعض إلى تعنيف الحيوانات فكان ردها لـ (الصباح): كل تصرفات الإنسان نابعة من طفولته، فالطفل يلتقط الصورة فعندما نحذر أطفالنا من التعامل مع الحيوان أو نتعامل بصورة سلبية مع هذه الكائنات أمامهم فذلك سيولد القسوة داخلهم، لذلك يجب أن ننتهج السلوكيات الإيجابية تجاه هذه المخلوقات، وللمناهج المدرسية أيضاً دور في تعليم الطلاب الرفق بالحيوانات، كما يجب سن قوانين صارمة تحميها حتى لا تزداد هذه النزعة العدوانية
تجاهها.

قاتل متسلسل
وعلى الصعيد النفسي بينت المعالجة النفسية الدكتورة صفا الجنابي سبب تعذيب بعض الأشخاص غير الأسوياء للحيوانات، بوجود طاقة غضب داخلهم، أما تكون مكتسبة من البيئة التي نشؤوا فيها، فقد يكونون قد تعرضوا إلى الاضطهاد في طفولتهم أو لديهم بعض الاضطرابات الجينية التي تكون الميول السادية للأشخاص.
وأوضحت الجنابي أن من يقوم بظلم الحيوانات هو (قاتل متسلسل)، فبداية تكوين الشخصية المعادية للمجتمع هي اللجوء إلى الجور على الكائنات الأضعف من الإنسان مثل الحيوانات بل وحتى
الحشرات.