كيفيَّة التعامل مع التقلبات المزاجيَّة للمراهقين

ريبورتاج 2023/08/03
...

 سرور العلي

تشكو نور حسين (أم لثلاثة أبناء)، من مزاجية ابنها أحمد ذي الرابعة عشرة من العمر، إذ يشعر من حين لآخر بالحزن أو الابتهاج، أو عدم المبالاة بمن حوله، أو يميل أحياناً للعزلة، أو الشعور بالسعادة بشكل مفاجئ، أو فقدان الشهية للطعام، وتبدو حسين قلقة من الحالة التي يمر بها أحمد، بالرغم من أنها حالة طبيعية تصاحب جميع المراهقين أثناء فترة البلوغ.  

تغيرات
إن مزاجية المراهقين من الأمور المهمة، وينبغي معرفتها ودراستها، إذ أوضحت د.ناز بدر خان السندي، أستاذة العلوم التربوية والنفسية في جامعة بغداد ذلك بالقول: "تأتي تلك المزاجية نتيجة للتغيرات الهرمونية في جسم المراهق، أي أنها من دون أن يشعر، وهي مسألة طبيعية جداً، وتأتي بفترة مبكرة، وأحياناً بفترة نوعاً ما متأخرة، وهذه الهرمونات عندما تتغير تتداخل فيما بينها، وتؤثر في الحالة المزاجية للمراهق وحالته العصبية، فلا يستطيع في أحيان كثيرة التحكم بتصرفاته والسيطرة عليها، إذ يطرأ تغير على سلوكه، وهذه السلوكيات يصعب التعامل معها، لذا يجب معرفة أن تلك المرحلة هي مهمة، وينبغي للمحيطين بالمراهق أن يدركوا كيفية التعامل معه، لأنه ليس قادراً على التحكم بالتطور الهرموني الذي يحدث لديه". مضيفة "بالنسبة للأسرة يجب أن تكون مدركة لذلك، كونها فترة في حياة أبنائها، وإذا تعاملت مع الحالة بشكل إيجابي وتفهم، سيسهم ذلك بتعديل الحالة المزاجية للمراهق، ويصبح أكثر هدوءاً، أما إذا كان العكس وهو العصبية والعناد معه، تنتج عن ذلك ردود أفعال سلبية، فهي مسألة وقتية لحين ما يقوم المراهق بتغيير سلوكه تدريجياً، لثبوت الهرمونات، وأيضاً عامل الوراثة يتدخل في هذا الأمر، فهناك من تبدأ فترة بلوغه ومراهقته مبكراً، وتنتهي متأخراً، لذلك على الأسرة أن تستوعبه استيعاباً تاماً، وتكون العلاقة بين الوالدين والأبناء مليئة بالحب والتفاهم والمودة، وبالتالي كلما كانت العلاقات طيبة معهم وسليمة، بعيداً عن العناد والغضب سيبلغ ويصبح شاباً، من دون اضطرابات نفسية، ويكون غير ضار في المجتمع".

مقترحات
واقترحت السندي أن تكون الأسرة، وحتى
إدارة المدرسة، وكل ما يحيط بالمراهق على علم بفترة المراهقة، فالثقافة والتعلم أمر ضروري، للتعامل مع الأطفال والمراهقين بشكل سليم،
كونها مراحل صعبة، تقوم ببناء شخصياتهم
وتغيير هرموناتهم، لا سيما أن مجالات التعلم اليوم كثيرة وواسعة، بفضل شبكة الإنترنت، ومنها تصفح مواقع سيكولوجية التعامل مع المراهقين.

أبعاد
استشاري الطب النفسي د. طارق الحبيب بين أن فترة المراهقة الآن بدأت تتغير، فقدرة المراهق على الوعي اليوم أصبحت أكثر، نتيجة للانفتاح الكبير الذي نشهده، ولغة التطور التقنية الحديثة، فبدأ عقله ينمو بشكل أوسع، وهناك متغيرات عديدة يمر بها المراهق في تلك الفترة، ومنها على البعد الاجتماعي، فعلاقة المراهق بوالديه تمر بثلاث مراحل، الأولى فترة الموافقة معهم في كل شيء، ثم تأتي فترة المعارضة والعناد، إذ يبدأ بالتساؤل حول تنفيذ الأوامر المطلوبة منه، ثم مرحلة التوازن ويرى فيها الأمور بوضوح وتجلٍ، ويستدعي كل ما تربى عليه من أخلاق ومبادئ، والتي يصل لها إذا نجح الوالدان بالتوفيق بين المرحلتين السابقتين، وهناك من ينمو وهو ما زال في مرحلة المعارضة، ولم يخرج منها بعد، بسبب كونه لا يملك والدين حكيمين، والضغط عليه يجعل منه أشد عنفاً ومعارضاً، أما المتغيرات العقلية لديه فهي أشياء طبيعية في النمو، لكنها خاطئة في السلوك، ومنها أن يكون مادياً والصواب هو معنوي، ويكون فردياً والصواب نقله إلى التفكير الجماعي وغيرها، لذلك على الأسرة تعلم أساسيات المراهقة، لمعرفة كيفية التعامل مع أبنائها المراهقين، وتعديل سلوكهم.