بغداد: نورا خالد- كاظم لازم
تصوير: نهاد العزاوي
وحول هذا الموضوع اشار الموسيقي ستار ناجي إلى أن "كل من يقول إن الموشح أو حتى المقام مرتبط بحقبة زمنية معينة ويندثر مع تقادم الزمن، فهو رأي خاطئ جدا، فهذا اللون الغنائي غير قابل للنسيان والاندثار، مادام هناك من يهتم به ويحافظ على قالبه من تقلبات الزمن، ونمط الحياة المتجدد وايقاعها
|المتسارع".
موضحا أن "دول المغرب العربي ما زالت ملتزمة بالحفاظ على تراثها الغنائي المتمثل بالموشح ولديها العديد من الفرق الغنائية والموسيقية، التي تؤدي الموشح حتى يومنا هذا، كونه امتدادا لحضارتهم وتراثهم مع اهتمام حقيقي من قبل الدولة أو وزراء الثقافة والفنون لديهم، فضلا عن وجود معاهد متخصصة بهذا المجال، توفر الدعم لدارسي ومحبي هذا اللون الغنائي الراقي".
مستدركا "في العراق بلد الحضارات والفنون فكان هناك اهتمام ورعاية وفرق موسيقية غنائية، تهتم بتراث البلد من أغانٍ وموشحات مثل فرقة الانشاد العراقية تحت إشراف خيرة اساتذة الفن العراقي كالاستاذ
روحي الخماش والأستاذ جميل جرجيس -رحمهما الله- وكان هناك دعم ملموس وواضح من قبل الدولة، حيث كانت هناك بيوتات لهذا
اللون أو فن المقام العراقي، مثل بيت المقام فرع الموصل وبغداد وديالى وكركوك، وكذلك فرقة الملا عثمان الموصلي، لكن السبب الرئيس لاندثار الموشحات حاليا، هو عدم وجود اهتمام صادق وحقيقي بهذا اللون الغنائي وغيره من ألوان الغناء التراثي وإهماله، تمهيدا لاندثاره بشكل تام، من خلال عدم توفير الدعم المادي والمعنوي للفرق الموسيقية التي تهتم بالتراث".
خاتما حديثه "لا يمكن أن نتعكز على إيقاع الحياة السريع، وجعله سبب اختفاء واندثار الموشح أو المقام، فما زالت عندنا أصوات غنائية قادرة على أداء جميع الألوان الغنائية، ومنها الموشح بشكل دقيق وسليم، وما زال هناك محبون ومستمعون لهذه الألوان الغنائية الراقية والرائعة وتعشق تراث بلدها بشغف كبير".
يعتبر الموشح الغنائي من الأعمال الغنائية الصعبة، بسبب اللغة المستعملة فيه، فهي خليط من اللغة العربية الفصحى والعامية المشذبة، ثم الإيقاعات الداخلة فيه، وهذه الإيقاعات غالباً ما تكون من النوع الثقيل، وهي لا تستخدم حالياً في الغناء، وكذلك المطرب فهو يحتاج إلى المران والتدريب المكثف، لكي يتمكن من غنائه".
"تراجع الموشح في العراق وفي كل البلاد العربية قاطبةً، حيث لم يلحن فيه أحد منذ سنوات طويلة، وكل ما يعمل حالياً بخصوص الموشح في البلاد العربية، ومنها العراق هو فقط حفظ ذلك التراث الغنائي الكلاسيكي"، هذا ما قالته الباحثة الموسيقية ومغنية الموشحات فاطمة الظاهر عن الموضوع، عازية أسباب تراجعه إلى "تغير ذائقة الجمهور، فما كان يسمعه أجدادنا وآباؤنا سابقا، من خلال وسائل الإعلام المحصورة بالراديو أو التلفاز، لا يمكن لهذا الجيل الاستماع له".
المنشد حسن الترابي اكد أن فن "الموشح الأندلسي من أهم الألوان الفنية الأصيلة الضاربة الجذور في ذاكرتنا الفنية"، ويرجع الترابي السبب إلى قلة كتاب الموشح الديني، وكذلك عدم وجود المؤدي الجيد، الذي يستطيع أن يؤدي هذا الفن بصوت قوي له خصائص مميزة يجذب من خلاله المتلقي".
نشأ فن الموشحات في الأندلس في القرن التّاسع الميلادي تقريبًا، عندما ازدهرت الموسيقى وشاع الغناء في تلك البقعة وفي ذلك الوقت من جانب، ومن جانب آخر احتكاك العرب بالإسبان، ولذلك فكانت نشأة فن الموشحات استجابة لحاجة فنّية من جهة، ونتيجة لظاهرة اجتماعيّة من جهة
ثانية.