ظمأ العراق

آراء 2023/08/27
...

نجاح العلي

علماء البيئة والناشطون البيئيون بح صوتهم في جميع المحافل والتجمعات الدولية التي تناقش الواقع البيئي بخطورة الوضع البيئي عالميا، وضرورة اتخاذ اجراءات وخطوات للتقليل من الاستخدام المفرط للوقود الاحفوري (النفط والغاز والفحم) المسبب الرئيس لانبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون المؤدي لظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة الارض عن معدلاتها الطبيعية، وتأثيرات هذا الأمر سلبا على الإنسان والحيوان والنبات؛ بل إن بعض العلماء والمختصين بالشأن البيئي كانوا اكثر تشاؤما ودقوا ناقوس الخطر بأن كرتنا الارضية تحتضر، ونحن مقبلون خلال قرن من الزمن على تهديد حقيقي بانقراض بني البشر.
العراق وحسب التقارير الدولية في مقدمة الدول الأكثر هشاشة في مواجهة تأثيرات وانعكاسات التغيرات المناخية على وضعه المائي و الزراعي والاقتصادي والامن الغذائي والقومي، بفعل الهجرة والنزوح إلى مصادر المياه وفرص العمل وتاثيرات هذا الامر في اثارة النزاعات على الاراضي والمراعي، التي بدأت مساحاتها بالانحسار بشكل ملفت، فضلا عن تغيير التركيبة الديموغرافية للسكان بفعل الهجرة من الريف إلى المدينة؛ فشحة المياه في نهري دجلة والفرات وصلت إلى 37 ٪ خلال الفترة من 2020 إلى 2030 وتزداد إلى 51 ٪  للفترة من 2030 إلى 2040، وهذا الامر يفسر الانهيار الكبير الحاصل في قطاع الزراعة.
العديد من الإجراءات اتخذتها الحكومة العراقية للتكيف مع ظاهرة التغيرات المناخية وبخاصة في ملف المياه بالضغط على دول المنبع لزيادة الاطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات، وتشجيع استخدام وسائل الري الحديثة بكلفة تخمينية تقدر ب٤٥ مليار دولار للسنوات العشرين المقبلة، فضلا عن التوجه لاستخدام مياه المبازل والصرف الصحي في انشاء أحزمة خضراء وتثبيت الكثبان الرملية وإنشاء الواحات الصحراوية، اعتمادا على المياه الجوفية ونشر محطات حديثة للتحسس النائي للماء والهواء والتربة ولمراقبة الطقس والمناخ الزراعي ورفع كفاءة الري في الزراعة المروية، بالاعتماد على التقنيات الحديثة واستنباط أصناف من المحاصيل الزراعية والنباتات، التي تتحمل الجفاف وتقاوم الملوحة وتقاوم الأمراض، ولا تستهلك كميات كبيرة من المياه وإنشاء الأحزمة الخضراء، حول المدن، للتقليل من اثار العواصف الترابية والرملية وايقاف مد التصحر وتطوير سلالات من الماشية متكيفة مع التغيرات المناخية، وذات انتاجية عالية وحفر آبار مائية لأغراض الشرب ورعي الماشية في المناطق الصحراوية، وتكثير النبات الطبيعي في المناطق الرعوية وتشجيع البحوث والدراسات الخاصة بآثار التغيرات المناخية على الزراعة وطرق التكيف معها؛ جميعها خطوات عملية تسهم في الحد من اثار التغيرات المناخية وتحسين واقعنا البيئي.