الأبنية وتشييدها سبقا ظهور الإنسان

علوم وتكنلوجيا 2023/09/25
...

 جوهانسبيرغ: وكالات

في جنوب أفريقيا، اكتشف علماء آثار بريطانيون وأفارقة أدلة على البناء الأقدم في العالم من صنع الإنسان، وشيده نوع بشري انقرض منذ نصف مليون سنة.

صنع المبنى من عوارض خشبية مشغولة، ولربما شيده كي يشكل مساراً مرتفعاً عبر المستنقعات، أو ليعمل كمنصة خشبية مرتفعة وسط منطقة من الأراضي الرطبة، وربما أنه جزء من قاعدة صيد أو مكان لذبح الحيوانات بغية استهلاكها.

اكتشف العلماء المكان في أرض غمرتها المياه في شمال جمهورية زامبيا ويبلغ عمره في أقل تقدير ضعفي عمر أي بناء آخر معروف من صنع الإنسان.

على الأرجح، سيغير هذا الاكتشاف مفاهيم راسخة لدى علماء الآثار حول تطور التكنولوجيا البشرية والقدرات المعرفية المبكرة.

في الواقع، شكل المسار المرتفع المكتشف أو المنصة الخشبية العالية جزءاً صغيراً من وجود إنسان ما قبل التاريخ على الضفة الجنوبية لنهر كالامبو. وعثر العلماء على ذلك البناء على بعد بضع مئات من الأمتار عجيبتين طبيعيتين أثارتا دوماً اهتماماً كبيراً بهما، وتتمثلان في شلال بارتفاع يصل إلى 235 متراً وواد بعمق 300 متراً. ولا يستبعد أن تكون الشلالات والتضاريس المحلية المتنوعة بشكل غير مألوف، مسؤولة بشكل غير مباشر عن جذب نوع بشري قديم عاش على الصيد وجمع الثمار إلى تلك المنطقة، من بينهم "مهندسون" ونجارون يمكن اعتبارهم الأقدم عالمياً في مجال الإنشاءات.

حتى الآن، عثر علماء الآثار على جزئين من البناء الخشبي، هما قطعة بطول 1.4 متر من جذع الشجرة والقسم المتصل بجذرها، وأدخل نجارون من تلك المرحلة من عصور ما قبل التاريخ تعديلات على الجزئين كليهما.

بعد قطع جذع الشجرة، غير البناة شكله كي يصبح مدبباً من الطرفين كليهما. ثم حفروا على جانبه شقاً على شكل حرف "يو" U بطول 13 سنتمتراً. وفي المرحلة التالية، وضعوا جذع الشجرة أفقياً فوق عقب الشجرة الذي نحتوه وغيروا شكله بغية التأكد من أن الجزء العلوي الذي يبلغ 20 سنتمتراً يمكن أن يتناسب تماماً مع الشق على شكل الحرف "يو" لجذع الشجرة المنحوت أفقياً.

وهكذا، حينما وضع جذع الشجرة المعدل بهذه الطريقة، تأكد البناة أنه بات "مثبتاً" تماماً، كأنه مفتاح في قفل، عند القسم العلوي من عقب الشجرة، مما يضمن بقاء المسار أو المنصة الخشبيين على ارتفاع نحو 20 سنتمتراً فوق المستنقع. على بعد أمتار قليلة من البناء، عثر العلماء أيضاً على إسفين خشبي كبير يعود تاريخه أيضاً لقرابة نصف مليون سنة مضت، ربما استخدم في المباعدة بين العوارض الخشبية.

واستكمالاً، إن البشر الذين عاشوا في تلك البقعة من الأرض في مرحلة ما قبل التاريخ، هم أفراد نوع من البشر منقرض الآن يسمى "إنسان هايدلبيرغ" Homo heidelbergensis، واستوطن آنذاك بالفعل معظم أجزاء أفريقيا وغرب آسيا وأوروبا وتضاعفت أعداده واتسعت رقعة انتشاره ما بين 600 ألف و300 ألف سنة مضت.

ومع ذلك، منذ نحو 300 ألف عام، اندثر إنسان "هايدلبيرغ"، ربما نتيجة المنافسة مع غيره من الأنواع البشرية الأحدث والأكثر تقدماً، وتحديداً إنسان "نياندرتال" ونحن (الإنسان العاقل).

واستطراداً، لقد استمرت عمليات البحث الأثرية على مدى السنوات الأربع الماضية، وتولاها علماء آثار وغيرهم من علماء مقيمين في المملكة المتحدة وبلجيكا وزامبيا من جامعات ليفربول، وأبيريستويث، ورويال، هولواي، ولييج، ومن "مجلس المتاحف الوطنية" في زامبيا، و"هيئة الحفاظ على التراث الوطني في البلاد".