بغداد: سرور العلي
في منطقة الجبايش جنوب العراق، يشرعُ الناشط البيئي رعد حبيب الأسدي منذ ساعات الصباح الأولى، باستقبال السياح والوافدين من مدنٍ وبلدانٍ مختلفة في «بيت التراث البيئي»، الذي قام بتأسيسه دعماً للسياحة، وتقديم العديد من الخدمات، لمساعدتهم وتمكينهم في أعمالهم، والقيام بجولات سياحيَّة. حافظ الأسدي على شغفه بالاهتمام في الأهوار منذ سنٍ صغيرة، إذ كرس معظم وقته وجهده، بجمع كل ما يتعلق بأدوات السكان الأصليين في تلك المنطقة.
ولفت إلى أنَّ “البيت تأسس من أجل دعم السياحة في منطقة الأهوار، لا سيما أنَّه رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئيَّة، فحاول عدة مرات مع مستثمرين وتجار لإنشاء استراحة وتقديم خدمات للسياح، ولكنْ كل المحاولات باءت بالفشل، ولم يجد آذاناً صاغية، من أي شركة أو مستثمر، فاضطر بالتعاون مع منظمات أخرى، إلى تأسيس بيت الأهوار البيئي، ليكون ملاذاً للسياح القادمين”.
وتبدو وجبات الطعام التراثيَّة ساخنة ولذيذة للمقيمين هناك، مشيراً إلى أنَّ “البيت يشبه إلى حدٍ كبيرٍ الفندق الصغير، ويحتوي على غرفٍ للمبيت، فضلاً عن احتوائه على مكتبٍ يستخدم للإدارة والاستشارات البيئيَّة، ويقدم خدماته للسكان والباحثين والعلماء القاصدين للأهوار، كما أنَّه يحتوي على قاعة اجتماعات، تتضمن خمسين مقعداً، تستخدم من قبل منظمات المجتمع المدني لمناقشة الأمور المتعلقة بالأهوار”.
كما أنَّ البيت يستقبل الجميع، وبإمكان أي شخصٍ القدوم إليه، وقضاء وقتٍ فيه، مقابل أجورٍ زهيدة جداً، وهو أول تصميمٍ فندقي في هذه المنطقة، ومستوحى من التراث، وجميع المواد التي يحتويها هي صديقة للبيئة من الطين والقصب والبردي وأدوات أخرى متواجدة في المنطقة، كجزءٍ من عاداتها وتراثها. وأكد الأسدي أنَّ “المبادرة تمت بجهودٍ ذاتيَّة، لكنْ جاء بعض الدعم من منظمة الهجرة الدوليَّة، لدعم السياحة في تلك المناطق”. واجه الأسدي الكثير من التحديات، ومنها كون البيت مبنياً من القصب، ما يجعل معظم مؤسسات الدفاع المدني تحصل على الإجازة بشكلٍ شاق، بالرغم من معرفة الجهات المعنيَّة بأنَّ تراث الأهوار مكونٌ من القصب، ونال الدعم من أسرته وأصدقائه، ويطمح أنْ يكون البيت خطوة أولى وأساسيَّة، لتحقيق مهام أخرى تخدم بيئة الأهوار، وزيادة السياحة فيها، والعمل على نجاحها. ويسعى الأسدي إلى النهوض بواقع السياحة، علاوة على إنشاء فندقٍ فخم لتقديم خدمات أكبر للسكان والسياح، وكذلك توفير فرص عمل، كونها معدومة في هذه المنطقة، كما أنَّ السياحة بحاجة إلى تنظيمٍ والعمل بشكلٍ مهني للاستفادة من هذا المورد الاقتصادي المهم.
وبين أنه “في السنوات الأخيرة لن نرى هناك أي أعمالٍ حقيقيَّة، لكنْ نطمح إلى إنشاء مشاريع استثماريَّة كبيرة، كبناء مدنٍ سياحيَّة ومائيَّة، فضلاً عن ضرورة توفير المياه لسكانها، والمساهمة بإيصال أصواتهم، والتعاون مع المنظمات الدوليَّة للنهوض بها”.