الديمقراطيَّة سلاحٌ أيضاً

آراء 2023/11/13
...

علي لفتة سعيد

أكثر الدول التي رفعت شعار الديمقراطية واستخدمته كسلاح مدمّر ومخرّب ومهشم هي الولايات المتحدة الأمريكية ولا يمكن تحديد الأماكن التي كان سلاحها الأقوى والشعار الذي رفعته على شكل فوهة بندقية بل على شكل صارخ عابر للقارات. بل لا يمكن حصر الاماكن التي استخدمته والمواقع التي وصلتها والانظمة التي ناصرتها أو جعلتها عدوها لمخالفتها لمصالحها والخروج عن طوعها بل نكاد أن نجزم أن لا مكان في الأرض والسماء لم تصله سلاح الديمقراطية الأمريكي؛ ولذا فإن الأمر الذي يمكن حصره في هذا النقطة هو ما يحصل الآن على الكرة الأرضيَّة من حروب سواء التي بدأت بين روسيا وأوكرانيا والحرب الأهلية السودانية وكذلك الانقلاب في النيجر وأخيرًا في فلسطين. حيث يمكن لنا أن نجد التناقض في هذا المجال الذي يصل إلى حد التنافر الواضح الذي تحاول الولايات المتحدة أن تجعله مغلفًا بالحقيقة حتى تلك التي وقفت فيها ذات سنوات مع المسلمين في صراع كوسوفو والبوسنة والهرسك وغيرها بحجة الدفاع عن الديمقراطية بل كان لوجود طرف تعده عدوا لها في الجانب الآخر. وكذلك ما فعلته في العراق حين احتلته بحجة نشر الدمقراطية لان العراق يعيش تحت سلطة طاغية وتريد تخريب الحياة في المنطقة مستغلة ما حصل في الكويت.
إنَّ الولايات المتحدة هي أكثر الدول التي استخدمت الدمقراطية كسلاح بوجه الشعوب فهي تقول إنّها تقف مع أوكرانيا لأن روسيا تقوض الديمقراطية في المنطقة والعالم، وانها تريد احتلال دولة تمتلك الحرية في الانضمام إلى هذه الجهة أو تلك وهو ما يعني أن أوكرانيا تريد الانضمام إلى الحلف الناتو وهو حق ديمقراطي؛ لذا هي تساعدها من أجل ألّا تنجح روسيا في تقويض الديمقراطية العالية وحرية التجارة والفكر والسلطة. وانها تقف أيضا لأن روسيا توقع ضحايا بين المدنيين من خلال القصف المستمر.. لكنها في الجانب الآخر تقف مع الكيان الصهيوني الذي يمارس الحرب الأقسى على وجه الكرة الأرضية وربما الأقسى حتى من الحربين العالميتين الاولى والثانية وحتى من ضرب اليابان بقنبلتين نوويتين. وفي كلا الحالتين يكون شعار الديمقراطية هو سلاح أمريكا في الواجهة على اعتبار أنها تدافع عنها وعن حرية الحياة، وهي بذات الوقت تمنع أية دولة من الوقوف مع فلسطين مثلا لأنّها ترفع السلاح ايضا بحجة أن من يقف مع فلسطين يقف ضد الحياة والديمقراطية.
إنّ هذا المفهوم أو المصطلح والذي ينقسم إلى عدة أقسام تبدأ بديمقراطية الحكم ولا تنتهي بديمقراطية التجارة تحول بشكلٍ عام إلى مفهوم سياسي فحسب. وتغلبت الولايات المتحدة على بقية دول العالم بإشهاره، مستخدمة القوة تارة والكذب تارة أخرى والانتقام تارة ثالثة وحتى الترهيب وما حصل مع نائب امريكي كونه دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة وإيقاف عملية القتل الجماعي حين طردته من المبنى بحجة الإساءة إلى الديمقراطية.
إنَّ أمريكا والغرب حولوا الديمقراطية إلى سلاح وهي لا تختلف عن الأنظمة الشموليّة في العالم التي تقمع شعوبها بحجة الديمقراطية فهو سلاح العصر الفتاك الذي يقلب الحقائق ويغيرها ويشكلها بطريقته الخاصة كما يريد، حتى أنه استخدم الدين في توجيه اسطرلاب التزييف.