بغداد: سرور العلي
بالرغم من فقدانها البصر، إلا أن ذلك لم يمنع الشابة مينا رغيد من تحقيق نجاحات متواصلة في دراستها، فحصلت على البكالوريوس في اللغة العربية من جامعة الموصل كلية الآداب بتقدير امتياز، ونالت المرتبة الأولى على جامعتها، ثم تعينت في الكلية نفسها بحسب قانون الأوائل، فعملت بشبكة الإعلام والاتصال الحكومي، وفي رسالة الماجستير حصلت كذلك على تقدير امتياز، وكان عنوانها «الجملة الشرطية المسبوقة بجازم في شعر الأخطل الصغير» تركيبها ودلالاتها»، وهي تناول ظاهرة نحوية في الجملة الشرطية، وتطبيقها على شاعر كبشارة الخوري.
تحدٍ ونجاح
وعن بداياتها أشارت إلى أنها درست في مدرسة الثانوية للمتميزات الأولى في مدينة الموصل، وولدت فاقدة للبصر، ما سبب لها تحديًّا في بداية الأمر، لكن بفضل أسرتها وإيمانها بالله استطاعت التأقلم مع وضعها، ومنحها والداها كل الرعاية والاهتمام، وعاشت كطفلة عادية لم تشعر بأنها من ذوي الاحتياجات الخاصة، وساهمت والدتها بالجزء الأكبر من نجاحها، إذ كانت ترافقها في كل مراحل حياتها، وكانت تقرأ لها، وتسجّل صوتها في الهاتف وهي تسمعه.
واجهت العديد من التحديات كأي مكفوف، فكانت لا تستطيع القراءة والكتابة، وبمساعدة برنامج ناطق أثناء دراستها تغلبت على هذا العائق، فهو يقوم بمعالجة النصوص وقراءتها صوتياً، كما أن أساتذتها لهم دور كبير بتقديم لها الدعم والمساعدة، من خلال قراءة السؤال لها، وهي تقوم بالإجابة، ويقومون بكتابة الإجابات بدلاً منها أثناء فترة الاختبارات، وتزويدها بالمصادر والدراسات التي تحتاجها.
مؤكدة أن الطموح ليس له سقف، لكن تطمح في الفترة القادمة إلى إكمال الدكتوراه، وأن تصبح تدريسية في كلية الآداب بقسم اللغة العربية، كونها شغوفة جداً بالتدريس، وتكون قريبة من الطلبة، إذ تتمنى أن تخدم تلك الفئة وتزويدهم بالخبرة والمعرفة، ونقل لهم التجارب ومعظم الصعاب التي خاضتها ونجحت بتخطيها، ولتكون لهم قدوة للتسلح بالعلم.
مقومات النجاح
ولفتت إلى أنها كانت الأولى على دفعتها، وكان بتخطيط منها منذ أن دخلت الجامعة، وكان شعورها لا يوصف حين تم إبلاغها بوصولها لهذا المستوى، وبقيت بأصرار وعزيمة على مواصلة التفوق والنجاح في المراحل الأخرى كافة، وتنصح دائماً زملاؤها الطلبة على التواجد المستمر في المحاضرات، لأنها تعطي صورة واضحة عن المادة العلمية، وإيصالها بشكل سلسل إلى أذهانهم، لا سيما للطلبة الطموحين بإكمال الدراسات العليا وترى أن مقومات النجاح، هي الدراسة العميقة للمنهج، وأخذ الأمور على محمل الجد، والمتابعة المستمرة، والإلمام بالمادة العلمية، وجميع المعلومات المهمة، والإطلاع الدائم على آخر التطورات العلمية، وفي المجال الذي يرغب به الطالب لإكمال دراسته.
شهادات وتكريم
حصلت رغيد على عدة تكريمات من رئاسة جامعة الموصل أثناء مراحل الدراسة، وفي المرحلة الرابعة شاركت في مهرجان لإعادة وإعمار المكتبة المركزية في الجامعة، وألقت كلمة الافتتاح، وكان مهرجاناً رائعاً بحسب ما تقول، وبقيَّ عالقاً بذاكرتها، كما نالت الكثير من الشهادات التقديرية والجوائز، وكان لرئيس جامعة الموصل دور مهم بتقديم لها الدعم والتشجيع، وحضر أثناء مناقشة رسالة الماجستير الخاصة بها، وتسعى للمشاركة في مؤتمرات علمية بمحافظات العراق المختلفة، ونشر البحوث والدراسات، والعمل أكثر على الجمل والتراكيب في اللغة العربية، إضافة إلى ممارسة هواياتها، ومنها حفظ الشعر، وكم هائل من المعلومات، وتطوير مهاراتها وقدراتها، وسماع الموسيقى، كذلك لديها شغف بالتعرف على عدة ثقافات مختلفة.
وختمت رغيد حديثها بالقول:»رسالتي إلى الجيل الشاب ألا يشعر باليأس، ويواصل تحقيق أهدافه وطموحاته، وتجاوز المصاعب من دون خوف وتردد، لنيل النجاح المستحق.