بغداد: نورا خالد
يميل الطفل بطبيعته إلى الإيقاع والأغاني ويحفظها سريعاً، فتصبح جزءاً مهماً من مخزونه اللغوي والمعرفي، وتحدد ذائقته الجمالية
في وقت مبكر.
تحفز الموسيقى جميع مجالات تنمية الطفل ومهارات استعداده للمدرسة من حيث المهارات الفكرية والاجتماعية والعاطفية والحركية
واللغوية، وتسهم في تعلمه القراءة والكتابة بشكل
عام.
ويشير الشاعر والخبير في ثقافة الطفل جليل خزعل إلى أن "الطفل يولد بحاسة سادسة، يدرك بها ما في الأعمال الفنية من سحر وجمال، ويستجيب لها، ويتوقف نمو الحاسة على رعايتها، وإرهافها للتذوق".
ويتأسف خزعل " على ما تعرضه وسائل التواصل الاجتماعي، وقنوات الطفولة غير المهنية، التي تسبب خراباً في ذائقة الأطفال، ويحرمهم من متعة تلقي الأعمال الرصينة المخصصة لهم".
ويتذكر الخبير في ثقافة الطفل (أغاني برنامج "افتح يا سمسم" بنسخته العربية الشهيرة في مواسمه الأولى، وكيف أسهمت في تنمية الذائقة الجمالية والموسيقيَّة للطفل العربي، ورفدت قاموسه اللغوي بمفردات فصيحة، وكانت وسيطاً معرفياً وفنياً مناسباً جداً، ولعبت الموسيقى دورا أساسيا في جاذبية البرنامج، انطلاقا من اللحن الأساسي، وصولا إلى الأغاني التي كتبت خصيصا لهذا العمل، ونجحت باستمالة ذائقة الجمهور من الأطفال وحتى الموسيقيين
المحترفين).
مؤكدا أن "غياب الرقابة والتدقيق سمح بتسريب أعمال غير مناسبة، فيها أخطاء وأخطار تربوية، أضرت كثيراً بالطفل المتلقي، وهذا يتطلب من الجهات المعنية بثقافة الطفل وتربيته، الحد قدر الإمكان من هذه الرسائل المسمومة التي يتلقاها أطفالنا عبر أكثر من وسيلة ، وأكثر من طريق".
للموسيقى دورٌ مؤثرٌ في تربية الطفل وتنمية حواسه وذائقته الفنية والجمالية وقدراته اللغوية، فالعلاقة بين التربية والموسيقى علاقة وطيدة تبدأ من المهد - من خلال أغاني التنويمات التي ترددها الأم لرضيعها- وتكبر معه وهو يدخل الروضة، أو يخطو خطواته الأولى خارج المنزل، مشاركاً أقرانه في الحي ألعابهم ومرحهم، الذي غالباً ما تبنى على الإيقاع، وتكون مصحوبة بأغانٍ عفوية يحفظها الطفل بسرعة شديدة، حتى تصبح جزءاً من ذاكرته وذائقته الفنية في
ما بعد.
وتابع خزعل" أطفالنا لا يتلقون تعليماً مناسباً ينمّي ذائقتهم الفنية، فدروس الموسيقى تكاد تكون منسية تماماً في مدارسنا، كما أن الأهل لا يهتمون ولا يرقبون ما يشاهده أبناؤهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو القنوات الفضائية، وهذا ما جعلهم يرددون أغنيات مخصصة في الغالب إلى الكبار تحمل بعض العبارات والأفكار المنحرفة".
مختتما حديثه "نحن بحاجة لاعادة النظر في منهاجنا التربوية، خاصة في فروع التربية الموسيقيَّة والفنية، والمسرح، وإعداد معلمين قادرين على تقديم هذه الدروس بالطريقة المناسبة والصحيحة للتلاميذ في سنوات الطفولة المبكرة، التي تحدد فيها ملامح الشخصية بدرجة كبيرة، بعيدا عن هذا الاجتياح الغريب عن مجتمعنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
يبقى السؤال: هل من سبيل لعودة ذائقة الطفل الى سابق عهدها أم أن الانحدار سيستمر؟.