لو كانغ
ترجمة: شيماء ميران
بانعقاد المنتدى العالمي للتنمية عالية الجودة لتعليم الطب الصيني نهاية آب الماضي في تورنتو، قُدم الطب الصيني التقليدي الى المشهد العالمي مرة أخرى، إذ انضمَّ لمناقشات المؤتمر أكثر من عشرين خبيراً وعالماً من عدة دول مختلفة، ما يشير أيضاً الى أنَّ فكرة دمج الطب الصيني التقليدي مع الغربي سيصبح أحد المفاهيم المهمة للتنمية الطبيَّة مستقبلاً.
تطوير تعليم الطب الصيني
وفي مقابلة أجرتها صحيفة غلوبال تايمز مع "وو بينجيانغ"، خبير بمجال الطب لمدة 66 عاماً، ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر ورئيس كلية اونتاريو للطب الصيني التقليدي (OCTCM) في كندا، أوضح أنَّ "المؤتمر الذي كان موضوعه (النزاهة والابتكار وإفادة البشريَّة)، يهدفُ إلى مساعدة البشريَّة، وتطوير تعليم الطب الصيني التقليدي في جميع أنحاء العالم".
يعتقد "وو" أنَّ القضاء على سوء الفهم للطب الصيني التقليدي هي مهمة طويلة الأمد تتضمن التعليم وبناء الثقة وتقديم الأدلة العمليَّة والخبرة. فعلى سبيل المثال، أصبح الوخز بالابر الصينيَّة خصوصاً في السنوات الأخيرة مقبولاً وتتم ممارسته على نطاقٍ واسعٍ في جميع أنحاء العالم، ما زاد من إدراك الناس لقيمته وفوائده. ومع ذلك، فإنَّ تطوير واعتماد الطب الصيني التقليدي في الخارج يواجه بعض العقبات والتحديات، ما يتطلب جهوداً مشتركة لتعزيز تدويله وتحديثه".
يقول "وو": "إنَّ الطب الصيني التقليدي نشأ في بلدي الصين، واليوم أصبح عالمياً، إذ اندمج مع الاقتصاد والثقافة والجوانب الأخرى في الدول المضيفة، وشكل أنظمة طبيَّة صينيَّة مميزة وأسهم بشكلٍ إيجابي في العالم".
مضيفاً: "لقد كنت مفتوناً بالطب الصيني منذ طفولتي، وهي الفترة التي عانى فيها والدي من مرض القلب لسنوات عديدة. في ذلك الوقت، حلمت أنْ أصبحَ طبيباً مشهوراً عندما أكبر، لمساعدة الناس على مواجهة أمراضهم ومعاناتهم".
إفادة الناس
حصل "وو" على درجات علمية في تخصصات مختلفة مثل الطب الصيني التقليدي، والوخز بالإبر، والكيغونغ ودمج الطب الصيني التقليدي والغربي من مؤسسات متعددة، بما في ذلك جامعة هيلونغجيانغ للطب الصيني التقليدي، والأكاديميَّة الصينيَّة لمعهد الوخز بالابر للطب الصيني التقليدي، وجامعة هيبي الطبية وجامعة خنان للطب الصيني التقليدي.
وبعد انتقاله الى الخارج عام 1990، أنشأ عيادات للطب الصيني التقليدي والوخز بالإبر في اليابان والمجر والنمسا ودول أخرى، وأسس جامعة OCTCM في كندا.
نظراً لأنَّ الطب الصيني التقليدي أصبح أكثر شيوعاً في العديد من البلدان، وزاد عدد الأشخاص المهتمين بعلاجات الطب الصيني التقليدي، بما فيها الوخز بالإبر والأدوية العشبيَّة والتدليك. وقد شهد نمواً ملحوظاً واعترافاً به في الخارج في العقود القليلة الماضية.
يقول "وو": "أنشأت بعض الدول كلياتٍ ومؤسسات تدريب للطب الصيني التقليدي، وقامت برعاية وتدريب ممارسيه محلياً، وتعزيز نشره وتطبيقه في مناطقها".
واليوم، تستخدم 200 دولة ومنطقة تقريباً حول العالم الوخز بالإبر. ولقد شرعت دول مثل أميركا وأستراليا وكندا تشريعات الطب الصيني بشأن الوخز بالإبر.
يعدُّ هذا إنجازاً مهماً، لفاعليَّة وجاذبيَّة الوخز بالإبر كأنَّه فنٌ علاجيٌّ، إذ يتمتع بتاريخ طويل وثقافة غنيَّة، وهو كنز من كنوز الحضارة الصينيَّة يفيد الناس في جميع أنحاء العالم. يقول "وو": "تعمل الحكومة الصينية بنشاط على تعزيز الثقافة الصينية، بما فيها ثقافة الطب الصيني التقليدي، ونشره الى المجتمع الدولي من خلال التبادلات الثقافية والمهرجانات، ما عزز الوجود العالمي للطب الصيني التقليدي وساعد في القضاء على التحيز".
التكيف مع التغيير
يواجه تطوير الطب الصيني التقليدي وقبوله في الخارج بعض الصعوبات والتحديات أيضاً. ولكونه متجذراً في الثقافة الصينيَّة التقليديَّة، يجعله في بعض الأحيان غير متوافقٍ مع النموذج الطبي الغربي. فضلاً عن أنَّ اللغة عاملٌ آخر، فغالباً ما تستخدم نظريَّة الطب الصيني التقليدي ومصطلحاته اللغة الصينيَّة، لذا فإنَّ تدريسه في الخارج يتطلبُ التغلبَ على الحواجز اللغويَّة والثقافيَّة، لضمان النقل الدقيق للمعارف التقليديَّة.
يقول "وو": "لهذا السبب يجب علينا التواصل والتعاون بشكلٍ مكثفٍ مع المجتمع الدولي، وتبادل الأفكار والخبرات في الطب الصيني التقليدي، وتعزيز تكامله مع الأنظمة الطبيَّة الأخرى. وفي الوقت ذاته، يجب تعزيز البحث العلمي والابتكار في الطب الصيني التقليدي، باستخدام التكنولوجيا الحديثة لإجراء دراسات معمقة حوله، وتحسين قيمته العلمية وفاعليته".
انتشر الطب الصيني التقليدي على نطاق واسع في أجزاء مختلفة من العالم منذ الستينيات، وبالاخص الوخز بالإبر.
كما يوضح "وو": "تظهر هذه الإنجازات سحر وقيمة الوخز بالإبر بشكلٍ كامل، وتثبت أيضاً أنَّ الوخز بالإبر في الطب الصيني التقليدي هو ثروة مهمَّة لصحة الإنسان. يجب أنْ نفخر بهذا ونشجعه، ونواصل أيضاً العمل الجاد لجعل الطب الصيني التقليدي يفيد شعوب العالم بشكلٍ أفضل".
عن صحيفة غلوبال تايمز الصينية