التدخين الالكتروني وسقوط الرئتين

علوم وتكنلوجيا 2023/12/31
...

 دانيال مور
 ترجمة: فجر محمد

صنفت السجائر الالكترونيَّة عندما تمَّ طرحها لأول مرة في السوق، على أنها بديل آمن لنظيرتها التقليديَّة، مشجعة العديد من المصابين بالربو على التحول إليها عوضاً عن الدخان التقليدي، مفترضة أن أبخرة ودخان السيجارة الالكترونية المتطايرة ستكون أقل إثارة لنوبات الربو بالمقارنة مع التقليديَّة. لكن الدراسات الأخيرة تنفي ذلك، وتؤكد وجود أدلة متزايدة تثبت أن استخدام تلك السجائر لا يسبب صعوبة السيطرة على نوبات الربو فقط، بل إنه يسبب الإصابة بالمرض ذاته.
وفقاً للجراح الأميركي فيفيك مورثي، فإنَّ بخار السيجارة القابل المستنشق يحتوي على مواد كيميائية متطايرة تسبب ضرراً على المدى القصير والبعيد للرئتين. وتشمل المعادن الثقيلة (مثل القصدير والنيكل والرصاص) فضلاً عن المواد الزيتية التي تبقى محصورة داخل المسالك الهوائية الأصغر.
بعض هذه المركبات (مثل ثنائي الأسيتيل المنكه، المستخدم في صنع نكهات الزبدة) لا تؤدي فقط إلى التهاب الخلايا اللمفاوية المرتبط بالربو التحسسي، بل وبالتصلب والتضييق التدريجي للمسالك الهوائيَّة، فيصعب معها التنفس أثناء التعرض
للنوبة.  كما تؤدي الإضافات الأخرى إلى زيادة خطر النوبات عن طريق الضغط على المسالك الهوائية الملتهبة بالفعل، وهذه الإضافات تشمل رباعي هيدروكانابينول، المسبب لتأثيرات الهلوسة في الماريجوانا، وأسيتات فيتامين (إي)، المستخدمة لتكثيف أو تخفيف سوائل السجائر الإلكترونية، وهي مرتبطة بالإصابة الحادة للجهاز التنفسي لدى مستخدمي السجائر الالكترونية.
ويبدو أنَّ المواد الكيميائية المتعددة الموجودة في السجائر الالكترونية تؤدي إلى الإصابة بنوبات الربو تماماً مثل تلك المواد الموجودة في السجائر التقليديَّة، وحتى الحرارة الرطبة الناتجة عن التدخين الإلكتروني قد تكون كافية لإثارة نوبة الربو لدى
البعض. تشير الأدلة الى أنَّ التدخين الالكتروني يمكن أنْ يغير الاستجابة المناعية للجسم بحيث تزداد حساسيته لمحفزات الربو أكثر. ووفقاً لدراسة نشرت قبل فترة في مجلة (ثوراكس)، فإنَّ المواد الكيميائية المتطايرة في السجائر الإلكترونية تعملُ على شل حركة الخلايا المناعية المعروفة باسم (الخلايا الغبارية) التي يستخدمها الجسم لإزالة مسببات الحساسية والغبار والربو من الرئتين. وهكذا يسقط الخط المناعي للجسم بتدخين السجائر الإلكترونية؛ إذ تتعرض الرئتان للالتهاب بالسماح للجسيمات الدقيقة المتبخرة بالوصول حتى إلى أصغر المسالك الهوائية. تشير تقارير المجلة أيضاً إلى أدلة وبائيَّة تربط بين التدخين الإلكتروني وبداية أعراض الربو لدى طلاب المدارس الثانوية والجامعات، فهذه هذه الفئة العمرية هي المستهلك الرئيس للسجائر الإلكترونية في أميركا. يؤكد بحث نشرته مجلة الطب الوقائي الارتباط بين استخدام السجائر الإلكترونية من قبل الشباب وزيادة خطر الإصابة بالربو بمقدار الضعفين مقارنة بأقرانهم الذين لم يستخدموا السجائر الإلكترونية مطلقاً. وتدعم هذه النتائج دراسة اخرى أجريت في كوريا الجنوبية، إذ كان طلاب المدارس الثانويَّة والجامعات المستخدمون للسجائر الإلكترونية أكثر عرضة للإصابة بالربو بمقدار ثلاثة أضعاف تقريباً وتغيبوا عن أيام الدراسة بسبب المرض أكثر من أقرانهم غير المدخنين لها.  كما وجدت أبحاث جامعة جون هوبكنز أنَّ مستخدمي السجائر الإلكترونية يزداد خطر إصابتهم بالربو اكثر، وغالبا ما يصابون بالمرض بين سني 18 و24 عاما. من جهة أخرى، وجد فريق باحثي جامعة جونز هوبكنز أنَّ مستخدمي السجائر الإلكترونية لديهم خطر متزايد للإصابة بمرض (الانسداد الرئوي المزمن) بما يصل إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بغيرهم، ويميلون إلى الإصابة بالمرض بين سني 30 و34 عاماً. تشير هذه البيانات إلى أنَّ الاستخدام المستمر للسجائر الإلكترونية يمكن أنْ يتسبب بسلسلة من أمراض أخرى في الجهاز التنفسي مع مرور الوقت، مع تسريع تطور مرض الانسداد الرئوي المزمن، وهو عادة ما يصيب الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 45 عاماً فما فوق في الحالات الاعتياديَّة. بينما يكون مرض الربو بحد ذاته هو العامل الخطر للإصابة بمرض الانسداد الرئوي. من المشهور استخدام زيت جوز الهند ومحلى الكليسرين ضمن منتجات التدخين الالكتروني. ويمكن ان يتحملهما الجلد والجهاز الهضمي بشكل جيد لكنَّ الجهاز التنفسي يتأثر بالالتهاب عند استنشاقهما وبالتالي يتراكمان في الشعب الهوائيَّة وتلتصق زيوتهما السميكة بالانسجة، ومع مرور الوقت قد يصاب الشخص بمرض الالتهاب الرئوي الشحمي. كما تؤدي المكونات الأخرى مثل ثنائي الأسيتيل إلى حالة لا رجعة فيها تسمى توسع القصبات، إذ تتوسع المسالك الهوائية وتترهل بشكلٍ دائمٍ وبجدار غير منتظم.
يتمُّ إنتاج العديد من المواد الكيميائيَّة الخطرة الموجودة نفسها في التبغ عندما يتم تسخين المواد الكيميائية الموجودة في السجارة الالكترونية. خلصت دراسة اجريت في اليونان قبل سنوات الى ان كمية الفورمالديهايد التي تنتجها السجائر الالكترونية تزيد 15 ضعفا عن تلك الموجودة في السجائر التقليدية، وهي تصل بعمق الى الرئتين بسبب حالتها البخارية.

عن موقع فيري ويل هيلث الالكتروني