الذكاء الاصطناعي يضعنا على عتبة عصرٍ جديد

منصة 2023/12/31
...

 واشنطن: زينة إبراهيم

ستتذكر البشريَّة عام ألفين وثلاثة وعشرين، على أنه العام الذي تحول فيه كثير من فرضيات الخيال العلمي إلى حقيقة ملموسة، إذ تسارع خلال هذا العام تطور الذكاء الاصطناعي أو الـ AI ليصبح جزءاً لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليوميَّة. في العام 2023، أصبح الحوار المباشر بين الإنسان والآلة لأول مرة ممكنا، بفضل ما يعرف بنماذج الـ Pot Chat المتقدمة، ولم يعد الذكاء الاصطناعي يردد كالببغاء بيانات المبرمجين، بل دخل عالم التفكير والاستنتاج والجدل، ولهذا بات مساعداً حاسماً في مجالات علميَّة وعمليَّة عديدة.
في المجال الطبي، يرى الخبراء أنَّ الذكاء الاصطناعي يغير قواعد اللعبة، إذ أصبح شريكاً لا غنى عنه بالنسبة للعاملين الطبيين، فهو يسهمُ من خلال خوارزميات التشخيص المتطورة في الكشف المبكر عن الأمراض، وتقديم علاجات أكثر دقة وفي الوقت المناسب، وهو قادرٌ على اكتشاف الأمراض، بدءاً من السرطان وحتى الاضطرابات الوراثيَّة النادرة.
وفي مجال النقل، يقودنا الذكاء الاصطناعي نحو عصرٍ جديدٍ، ففي العام ألفين وثلاثة وعشرين، أصبح الحديث عن المركبات ذاتيَّة القيادة أو حتى رؤيتها في الشوارع أمراً عادياً.
وخلال هذا العام، أظهرت النماذج المتقدمة من مؤسسات، مثل Open AI، أنَّ الآلات لا يمكنها التعلم فحسب، بل هي قادرة على الإبداعِ والتفكير والفهم ببراعة تكاد تفوق براعة البشر.
ومن الفن إلى اللغة، تكاد تتلاشى الحدود بين ما يصنعه الإنسان وما تصنعه الآلة، التي صارت تُنتج أفكارها المستقلة بناءً على حزمة من المعلومات.
قد تكون قصيدتك المفضلة القادمة، أو الرواية، أو السيناريو، أو التقريرُ الإخباري الذي يثير إعجابك، هو من عملِ الذكاءِ الاصطناعي، وكذلك الحالُ في مجال الاكتشافاتِ الفضائيَّة والطبيَّة أو الفيزياء والكيمياويَّة.
لا ندري إنْ كان الذكاء الاصطناعي سيحصل على جائزة نوبل العام القادم أو الذي بعده، لكنْ من المؤكد أنَّ مساره آخذ في الصعود إلى آفاقٍ لا نزال نجهلها، صحيح أنَّه يتعلم منا، ويقلدنا في كثيرٍ من الأحيان، لكنَّه أظهر، في هذا العام تحديداً، مؤشراتٍ على أنَّه بدأ ينافسنا في مجالات عدة، ويتفوق علينا أحياناً.
لكنَّ هذه الثورة التكنولوجيَّة سلاحٌ ذو حدينk فمع القدرات الخارقة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لخدمة البشر، ينطوي أيضاً على مخاوف كبيرة تتعلق باختراق الخصوصيَّة والفبركة واختفاء ملايين الوظائف، فضلاً عن الغموض الذي يغلف منطق صنعِ القرار الذي يتخذه الذكاء الاصطناعي.. مخاوف أشعلت حواراً عالمياً حول مستقبل العلاقة بين البشر والآلة.
وإذا كان العام 2023، هو العام الذي بدأ فيه العالم ينظر إلى الذكاء الاصطناعي بجديَّة أكبر، فقد يكون العام 2024 هو عام الجدل الذي سيتم من خلاله اختبار حدوده القانونيَّة والأخلاقيَّة.
ومن المرجح أنْ تصدر ضوابط وقوانين تحدُّ من كيفيَّة استخداماتِهِ، مثل القرارِ الأميركي الذي يمنعُ استخدام الـ AI لتصنيعِ أسلحةٍ بيولوجيَّة أو نوويَّة، أو مشروعِ القرارِ الأوروبي الذي يحدُّ من استخدامِ تقنياتِ التعرفِ على الوجه والتزييفِ العميق deep fake ويحددُ كيف يمكنُ للشركاتِ التجاريَّة استخدامَ الذكاءِ الاصطناعي.