وليام بليك.. علامة فارقة شعراً ورسماً

ثقافة 2024/01/31
...




وولكر مايمز


ترجمة: كريمة عبد النبي





يعد وليام بليك واحداً من الفنانين المتميزين بعد أن جمع بين فن الشعر والرسم حيث استخدم فرشاته ليترجم مخيلته الشعرية إلى لوحات فنية جمعت بين مخيلة الشاعر وفرشاة الرسام.

ويستضيف مركز جيتي للفنون في لوس أنجلوس حالياً معرضاً  فنياً لهذا الفنان حيث يضم المعرض مائة وإثني عشر عملاً فنياً أنجزها الفنان في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر. وتعكس معظم أعماله الحياة التي عاشها في ذلك الوقت، كما عكست لوحات هذا الفنان الإنكليزي فن السياسة في القرن الثامن عشر.

ووصفه الشاعر تي.أس. إليوت بأنه “رسام الحياة البرية” وكان معروفاً بتأثيره الكبير في الفنانين والكتاب الحداثويين مثل بوب ديلان، باتي سميث، وآلان جينزبيرغ. وفي مجال الشعر كتب العديد من القصائد بالإضافة إلى الأناشيد القصيرة. أما أفضل أعماله الشعرية فهي مجموعة “أغاني البراءة والتجربة” ضمت تسع عشرة مقطوعة شعرية تعود كتابتها للفترة بين 1789 و1794 وهي معروضة حالياً في معرض لوس أنجلوس. وبعد ذلك بسنوات أصدر مجموعة شعرية جديدة وجهها لـحيوان “النمر”. كما كان هذا الفنان نقاشاً محترفاً.

عمل في بداية حياته، ولغرض كسب لقمة العيش، نقاشاً على الخشب والمعدن حيث طور لنفسه طريقة خاصة في النقش جعلت من أعماله الأكثر خلوداً من بين أعمال النقاشين الذين عاصروه. استخدم بليك النقش ليحل محل الطباعة حيث قام بحفر النصوص إلى جانب رسومها التوضيحية على ألواح نحاسية وفي خاتمة المطاف راح يعبر عن نفسه بالشعر. في سن الثالثة والثلاثين ظهرت مهارته الكبيرة في فن النقش واضحة من خلال العمل الذي أنجزه للفنان وليام هوغارت وهو بعنوان “أوبرا متسول” في عام 1790. ويعد هوغارت (1697-1764) واحداً من أشهر النقاشين الإنكليز حيث كان مصوراً ونقاشاً ونال ثروة وشهرة من أعماله في فن النقش من بينها “الزواج الحديث” و”سيرة الفاسق” ورسمه لـ”مراحل الوحشية الأربع” وهي سلسلة مكونة من أربع لوحات من النقوش المطبوعة. ولم ينل هوغارت شهرة باعتباره مصوراً، بالرغم من أنه قام بأعمال تصويرية ممتازة.

قدم بليك وفنانين آخرين طلباً إلى الأكاديمية الملكية للفنون لغرض الاعتراف بأعمال النقش التي أنجزوها، لكن الأكاديمية رفضت الاعتراف بتلك الأعمال، كما رفضت تقديم أعمالهم في معارضها بسبب عدم التزامهم بالقواعد والتقاليد الفنية التي كانت تفرضها الأكاديمية.

وفي مجال الشعر، قدم وليام بليك العديد من المجموعات الشعرية التي انتقد من خلالها الحكم الاستعماري، قوانين عمل الأطفال ونظام البطرياركية. أما في مجال الرسم فقد أقام بليك معرضه الفني الشخصي الأول في عام 1809. 

ولد بليك في عام 1757 لأبوين من الطبقة العاملة ودرس في مدرسة الفنون وهو في سن مبكرة من حياته حيث أظهر ميولاً إلى فن النقش وبدأ بنقش نسخ من رسومات كلاسيكية قديمة وتدرب على يد النقاش جيمس بازاير لمدة سبع سنوات ليصبح نقاشاً محترفاً في سن الحادية والعشرين. وفي سن الخامسة عشرة تدرب بليك على النحت مع النحات جيمس باسير لمدة سبع سنوات، كما نظم الشعر مبكراً. عاش حياة الفقر واقترب من الموت جوعاً في أوقات عدة لأنه كان يتلقى أجوراً زهيدة عن عمله في مجال النقش. وظن الكثير من الناس أنه مجنون. لم تكن أعماله الفنية ذات أهمية كبيرة، لكنها أصبحت اليوم علامة فارقة في الشعر والفنون حيث تم تصنيف أعماله كجزء من الحركة الرومانسية. 

وقد أظهر الكثير من النقاد احتراماً كبيراً لإبداعه وتعبيريته ووصفه عالم القرن التاسع عشر وليام مايكل بأنه “نجم لامع” ولا يمكن أن يخلفه أحد بسهولة.


عن صحيفة نيويورك تايمز