من معالم مشروع الإمام علي (ع) الإصلاحي للأمة والتزاماتها

الثانية والثالثة 2019/05/27
...

وليد الحلي
تمر علينا ذكرى شهادة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) في 21 شهر رمضان، والأمة ما زالت بحاجة إلى وعي إبعاد مشروعه الإصلاحي والتزاماتها نحوه.
اعتمد مشروعه الإصلاحي بتحقيق قيم العدل والصلاح في نفوس الناس حيث قال: “ومَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَيْهِ أَضْيَقُ”.
وتضمن مشروعه الالتزام بالقيم والأخلاق، والموعظة الحسنة، والموقف الواعي، والحكمة في القرار والتصرف ( حيث قال:” الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ” ) ،
والسلوك الطيب في التعامل،  وتعزيز الكرامة الانسانية، والمحافظة على الدين، ونبذ الفتن والتطرف والانحراف، ومواجهة الغلو والخرافة والتزييف والفساد، وحقن الدماء، وحماية الأموال والأعراض ، ودعم التعفف، وحصانة عقل الإنسان.
لقد حث الإمام على المرونة في التعامل، وحمل كلام الاخر على المحمل الحسن، حيث قال: “لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَحَدٍ سُوءاً وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلًا”. وهذا القول للامام  يهدف الى تعميق الأواصر بين المؤمنين وعدم فسح المجال للظنون والهواجس لتقطع الأواصر والصلات في ما بينهم .
اهتم الإمام بالبعد الإنساني في الروابط  بين البشر والتي تسهم في استمرارية التواصل في ما بينهم، فقال: “الناس صنفان، أما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق”. 
وقسم الامام العلاقات السياسية بين الناس قائلا:
“ أَصْدِقَاؤُكَ ثَلاَثَةٌ، وَأَعْدَاؤُكَ ثَلاَثَةٌ، فَأَصْدِقَاؤُكَ: صَدِيقُكَ، وَصَدِيقُ صَدِيقِكَ، وَعَدُوُّ عَدُوِّك
‏‎وَأَعْدَاؤكَ: عَدُوُّكَ، وَعَدُوُّ صَدِيقِكَ، وَصَدِيقُ عَدُوِّكَ”
حيث رتب رابطة العلاقة مع الآخر تعتمد على مواقفه السياسية والاجتماعية والاقتصادية عند الشدائد والمحن والتحديات وعندها يشخص الصديق والعدو.
وعندما يتعلق الأمر بالمصالح العليا للإسلام  والتي تحتاج إلى التضحية، نجد الإمام في مقدمة المضحين حيث قال: “ لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة” نهج البلاغة: الخطبة 74.
اهتم الامام على تأهيل المؤمنين ليحملوا  رسالة الرحمة التي جاء بها رسول الله محمد (ص) الى الانسانية اضافة الى اهتمامه بحفظ وقراءة القرآن الكريم والتدبر فيه وحفظ احاديث رسول الله . 
وضع الإمام أهم الركائز والمفاهيم والأفكار السياسية والاقتصادية وشؤون الحكم والإدارة على أساس العدل والحرية والمساواة، واعتمد الإمام  في كيفية إدارة حكمه وتنصيب الولاة على اكتشاف المهارات ووضع الشخص المناسب في الموقع المناسب تجسيدا للحكمة ووفق الكفاءة والإخلاص لتحقيق المنهاج المطلوب بنجاح، مع منحه الصلاحيات بعد تحديد الأهداف وخارطة الطريق له،  ومتابعته للتقويم الدائم وتكريم الناجح والملتزم  ومساءلة المقصر.
لقد صار مصطلح (أم الولد) سياسيا في التعامل مع الاحداث، حيث نقل من مصادر أنه طلب من الإمام علي أن يحكم بين امرأتين تنازعتا حول طفل، تدعي كل منها إنه طفلها، وبعد حواره معهما، طلب بجلب سيفه، فسألته احداهما، ماذا تريد أن تفعل يا أمير المؤمنين ؟ قال: لنقسمه بينكما! قالت: أنا تنازلت عنه!، فقال الإمام لها إذا أنت ( أم الولد)، وهكذا يفوز صاحب القضية ، أمه تنازلت عن حقها ليبقى طفلها سالما، ويتنازل الشخص عن حقه ومصلحته لتبقى القضية حية.