بغداد : غيداء البياتي
تصوير: نهاد العزاوي
على خلاف عادة الكثيرين ممن يحتفون بقدوم شهر رمضان تستعد أم بان «44» عاماً لاستقبال أيامه الفضيلة بتخصيص مبلغ من المال جمعته من كل أفراد الأسرة، بالاتفاق مع صاحب أحد المحال لبيع المواد الغذائية بالجملة الذي قرر هو الآخر مساعدتها بخصم فائدته بغية توفير الاحتياجات الخاصة من المواد الغذائيَّة، وأنواع العصائر التي تزين مائدة الافطار للأسر المحتاجة خلال أيام الشهر الفضيل؛ هذا ما قالته لصفحة «أسرة ومجتمع» وتضيف: «ان المبادرة الأسريَّة ستنفذ ابتداء من أول ايام شهر رمضان حتى آخره».
أم بان التي تسكن منطقة الاعظمية تسترسل حديثها بالقول: «في كل عام نستقبل رمضان بفوانيس الأمل بالعيش الرغيد تحت سماء بلدنا من دون خوف من قوة تهدد أمننا أو عوز يقصر موائدنا، هذا العام قررت مع افراد الأسرة وبعض الأصدقاء التعاون من أجل مبادرة يحبها الله ورسوله وهي مساعدة الفقير وسط هذا الغلاء الفاحش لجميع المواد، وستكون عبر توزيع كرتون يحتوي مواد غذائية رئيسية لمائدة الافطار يتم تجهيزها من قبل صاحب المحل المتعاون والمرحب بهذه الفكرة الخيريَّة في مساعدة المحتاجين».
وعلى قول «الأقربون أولى بالمعروف» فقد أكدت أم بان على أن تكون الأولويَّة في المساعدة للأقارب والجيران وأنها تمعن النظر فيمن حولها ربما تجد من هم أشد حاجة إلى المساعدة لكنهم لا يستطيعون البوح بذلك».
ركن رمضاني
أما المهندسة في وزارة الزراعة منى العبادي «36» عاماً فقد حرصت على إضفاء طابع البهجة والاحتفال بقدوم رمضان وذلك بتنظيف المنزل وتزيين واجهته بأضواء الزينة، كما حرصت على تخصيص أحد أركان المنزل للعبادة فهي تقول: «إن ايام شهر رمضان تعد ايام التجدد الروحي حيث تنطوي على قراءة القرآن والصلاة والعبادة لأكثر وقت، فتخصيص ركن في المنزل يضفي نوعاً من البهجة والسرور للأسرة بقدوم شهر الخير من جهة ويسهم في تشجيع أفراد الأسرة لا سيما الأطفال على قراءة القرآن واداء الصلاة في بيئة هادئة من ناحية اخرى، لذا فقد زينت طاولة كبيرة بإحدى الزوايا في صالة الضيوف بمبخرة وقطع خشبية مزخرفة بطريقة جميلة على الطراز البغدادي تحمل عبارة رمضان مبارك تحيطها النحاسيات الفلوكلورية، والأهم منها الفانوس الذي يعد بمثابة رمزيَّة لقدوم شهر الطاعة، ما يجعلني وأسرتي نشعر وكأنّنا نعيش العيد ثلاثين يوما».
نكهة الشهر الفضيل
لشهر رمضان نكهة خاصة لدى البغداديين إذ ينتظرونه بشوق، لا سيما في المناطق الشعبيَّة ومنها ساحة الإمام الأعظم في منطقة الاعظميَّة والكاظميَّة وحتى الكرادة، فينير ساكنوها وأصحاب المحال التجاريَّة فيها المصابيح والنشرات الضوئية والفوانيس حتى ساعات الفجر الاولى، هذا ما تحدث به أبو ابراهيم «66» عاماً صاحب إحدى المطاعم الشعبيَّة في ساحة الامام الاعظم ابي حنيفة ويضيف: «أن لشهر المغفرة في الاعظمية والكاظمية والكرادة نكهة خاصة تختلف عن بقية مناطق بغداد لما لتلك المناطق من خصوصيَّة منفردة فهي تعد من أجمل مناطق العاصمة في رمضان وأهالي تلك المناطق متمسكون بإحياء شعائره وطقوسه المتنوعة فالفرحة تعم وجوه الجميع وكل يحتفل بطريقته».
أبو إبراهيم أشار بالقول: «قبل أسبوع على الأقل أجهز المطعم بجميع المواد الغذائيَّة التي يجب أن تتوفر في رمضان مثل العدس لصنع الحساء والتمر والحلوايات واللبن فهي وجبات اساسية في مائدة الإفطار، فضلا عن الأكلات البغداديَّة الشعبيَّة، كذلك أقوم بحملة تنظيف وتزيين واجهة المطعم بالنشرات الضوئيَّة، واضع هلال رمضان على جميع طاولات المطعم استعداداً لاستقبال الصائمين للافطار والسحور».
قوة شرائيَّة
إنَّ استعداد البغداديين لشهر البركة لا يقتصر على شراء المواد الغذائيَّة فقط، فهناك أنواع مختلفة من الاكسسوارات الرمضانيَّة التي تزيّن المنزل ومائدة الافطار منتشرة في الأسواق، وتسعى اغلب النساء إلى اقتنائها ومنها شخصيات «الفوانيس» الرمضانيَّة واواني الطعام المتكونة بشكل هلال يعبر عن الشهر، هذا ما قاله منتظر الزبيدي صاحب احد المحال لبيع التحف والاواني المنزليّة واضاف: «أن الاقبال على شراء المباخر والشخصيات الرمضانية والفوانيس وبعض أواني الطعام الخاصة بالشهر الفضيل كبيرة، لا سيما قبيل قدوم ايامه المباركة فقد اصبحت ضمن العادات والتقاليد، وأعتقد أنّها وعلى لسان أغلب النسوة تضفي نوعاً من البهجة في نفوس أفراد الأسرة وتجعل الصغار قبل الكبار يترقبون بشوق هلاله».
الزبيدي أوضح بالقول: «إنَّ ارتفاع الأسعار بشكل كبير أثر سلباً على قوة شراء الأسر لتلك الاكسسوارات والزينة وجعلتهم يكتفون بتسوق المواد الغذائية الاساسية».
أما زميله مجيد الحلي فقد بيَّن: «أنّ الاقبال على شراء التحف والأواني الرمضانيَّة هذا العام أقل من الأعوام السابقة، عازياً الأمر إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراق الذي انعكس بدوره على ارتفاع أسعار جميع المواد في السوق».