أمير البركاوي
بعد أن اوصانا رسولنا الكريم بالاخلاق والتي هي جوهر الحياة، والتحلي بها يعني بناء مجتمع قويم، فالاخلاق ترسي الاحترام والمحبة وتنبذ التصرفات السيئة، إذ إنها القاعدة، التي لا بد من الاستناد عليها لرقي الأمم، ولهذا كانت لنا جولة تحقيقية لاهمية ترسيخ معاني التربية الاخلاقية وبيان مردوداتها الايجابية.
تعاملٌ حسن
المستشار الأسري والنفسي اخلاص جبرين اكدت، أن "مادة التربية الاخلاقية يجب أن تفعّل في المدارس، لما تحويه من دروس وعِبَر في التربية الأخلاقية، والتي نحن بأمس الحاجة لها لأولادنا وبناتنا الطلاب".
وتضيف، "اننا نعيش في فترة حرجة جدا من تقدم وتطور صناعي إلكتروني سريع، وأصبح الطالب تقريبا بعيدا عن الوالدين لانشغالهم بالعمل، والطالب يعيش بمعزل عنهم، حيث ينشغل بالدراسة واللعب والانشغال بالألعاب الإلكترونية، فأصبح يعيش بعالم ووالديه بعالم آخر".
وبينت، ان "دروس التربية الأخلاقية تحتوي على طريقة التعامل الصحيح في جميع مجالات الحياة، ويجب أن تحوي الاتكيت في التعامل مثل آداب الطريق والطعام والزيارة، وآداب الحوار والاستماع، وآداب اللبس، وآداب السفر، وآداب الشراء والبيع، وآداب الصلاة، وآداب المدرسة، وغيرها من السلوكيات الإيجابية، التي يجب أن يكون على اطلاع واسع بها، كي يستفيد منها في حياته المستقبلية".
واشارت جبرين، الى أنه، "نحن نشجع على عودة دروس التربية الأخلاقية وضمن المنهج لحاجتنا الماسة إليها، حيث يمكن للمعلم أن يقدم دروسا لتطوير المهارات والقدرات والخبرات، كغرس القيم والمبادئ والأخلاق وحب الوطن والمواطنة الصالحة".
وتابعت، "يجب أن يعيش أطفالنا في مجتمع، وعليهم أن يكونوا عنصرا فعالا إيجابيا فيه، من خلال العمل التعاوني الجماعي، وإقامة السفرات العلمية والعملية، أو القيام بحملات تثقيفية مثل حب الزراعة والحفاظ على البيئة، والحفاظ على الممتلكات العامة وغيرها من السلوكيات الإيجابية، التي تعود بالفائدة على الطالب ثم الأسرة ثم المجتمع ككل".
الأخلاق لا تدرس
يرى الفنان صائب غازي، أن "الاخلاق لا تدرس وانما تكتسب من البيت والمجتمع ودور العبادة والإعلام والفنون، اذ إنها منظومة تحيط بالفرد تبدأ معه منذ الطفولة ويندمج معها ويتوارث معاييرها".
وتابع، ان "سلوك المدرسين في المدرسة هو منهج أخلاقي بغض النظر عن المادة، التي يدرسونها، التعليم بشكل عام اذا كان مستواه رفيعا وعلميا حقيقيا فهو منهج أخلاقي، سلوك المجتمع بشكل عام في الشارع والأسواق والمؤسسات هو منهج أخلاقي".
واوضح غازي، أن "النسيج الاجتماعي هو المقياس الأساس لرفعة المجتمع، وسلوك العائلة والأصدقاء والانتباه الى الكلمات، التي تقال هو اساس الخلق، الإعلام والفنون كذلك يتحملان مسؤولية أخلاقية كبيرة ومباشرة ومؤثرة في السلوك ونمط التفكير، لأن دورها مهم في بث القيم الاجتماعية والأخلاقية".
بذرة الاخلاق
ويحذر الفنان صائب، انه "ليس كل شيء يصلح للعرض والقول كما نرى اليوم وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، فهو يبث ويعرض كل ما هو غث وسمين، واذا ما فسدت المؤسسات الإعلامية والفنية وفسدت وسائل التواصل الاجتماعي وفسد الإعلامي والفنان، ومنحنا بدورنا الفرص للتافهين في نشر تفاهاتهم فسوف تكون العواقب خطيرة على الفرد والمجتمع على حد سواء". لافتا الى انه، "لست مع وضع مادة تدريسية متخصصة بالمنهج الأخلاقي أو الوطنية، لأن الطالب قد ينفر منها، فالمثالية لا تكون عبر الكتب وانما عبر السلوك، مثال ذلك لو منحنا الطالب بذرة نبات أو شجرة وجعلناه يرعاها طوال العام الدراسي، وتابعنا معه نشأتها وعلمناه الأهتمام بها حتى تنضج وتصبح شجرة مثمرة، هنا نكون قد زرعنا فيه حب الوطن، وأعطيناه درسا أخلاقيا في اسلوب الرعاية والاحترام والاهتمام بالآخر، والشجرة هي رمز للعطاء".
عاداتٌ دخيلةٌ وخطيرة
اما باقر العربي (طالب جامعي) فيقول: في المناهج السابقة كانت التربية الاخلاقية والاسرية تعلم في المدارس كمادة أساسية، منها احترام الكبير والعطف على الصغير، وتربط بالتربية الاسلامية، لأن الاسلام منهج كامل يحتوي على عدة ابواب واسعة وشاسعة".
ويسترسل العربي قائلا: الآن للأسف انعدمت الاخلاق بسبب بعض العادات الدخيلة، والتي سيطرت على بعض سلوك الفرد، وينعكس هذا سلبا على المجتمع، فلا يسمحون للمعلم أن يعلم الطالب، وهذا ما يدمر كيان المجتمع بالكامل، فيصبح الجيل الجديد جيل مافيات وجيلا متخلفا وكاسرا، لأن الركيزة الاساسية الطفولة من منطلق التعلم من الصغر كالنقش على الحجر".
أقدم القيم
يعتقد الكاتب ولاء المانع، أن "من الضروري جدا الاهتمام بالتربية الأخلاقية، لأن الأخلاق أقدم القيم الاجتماعية التي اسست للمدنية، وصنعت الحضارة، وهي أقدم من الاديان نفسها، والتي تعكزت على الاخلاق من أجل حياة أفضل للبشرية".
مؤكدا، أن "غرس الأخلاق والقيم النبيلة في مراحل مبكرة من حياة الطفل قادر على خلق جيل جديد، سيكون ثريا وغنيا بكل القيم الإنسانية الكبيرة".