بغداد: غيداء البياتي
لا ينسى منذر السامرائي «43» عاما تلك الانثى المقدسة التي كانت سببا في قدومه إلى هذه الحياة، فهو يترك كل العالم ويذهب ليقبل يديها، ويرتمي بأحضانها كلما رغب وتمنى وليس في عيد الام فقط كما يقول ويضيف مبتسما : {الرجل الذي يقدس أمه حتما سيحب زوجته ويقدر أمومتها، فلا يمكن أن ينزعج أو يغار من أولاده عندما يحاولون دائما ان يقدموا ولو كل عام وردة أو هدية لوالدتهم، في عيد الأم، أو في أي يوم آخر من السنة».
السامرائي بين :» ان وجود يوم للأم يذكر الاولاد بمن حملتهم كرها ووضعتهم كرها شيء جميل، على الرغم من أني أفضل أن يكون الاولاد مهتمين وفرحين بأمهم طول أيام العام، فهو من الإيمان لأن الله تعالى وصف في عدة آيات نعمة الأم وما لاقته في الحمل والوضع من صعوبة، فأمر الاولاد على برها واستحقاقها عليهم من جميل الصحبة، ومن باب تبادل الحب والعطاء وليس الغيرة او الانزعاج يسعدني كأب أن أنال جزءا من اهتمام اولادي، فكما اعطيهم من جهدي وحبي ارغب بالحصول عليه منهم ايضا، والله تعالى أمر ببر الوالدين، وليس الأم فقط، وطوال العمر وليس يوما واحدا، بل وجعل إحسان المرء لوالديه من أعلى درجات الإحسان، التي يؤجر بها الاولاد ويجعلهم موفقين في الدنيا والآخرة».
غرس المحبة في نفوس الأجداد
اما علي العامري «50» عاما قال بعد أن تنهد قليلا:» بالرغم من حبي وتقديري الكبيرين لأمي، إلا أني لا أحب يوم عيد الأم، وأحاول قدر الأمكان ألا اتواجد في المنزل مع زوجتي، ليس بسبب الغيرة من الاولاد، بل لأنها حرمت أصلا من الأمومة بسببي، فلم نحظَ بأولاد يحتفون بعيد ست الحبايب، وهذا ما يشعرني بالحزن وتأنيب الضمير، لكن الجميل أن زوجتي البالغة من العمر «48» عاما تشعر بسعادة كبيرة، لأن الله عوضها خيرا بأولاد وبنات شقيقاتها، الذين يسعون في كل عام بهذا اليوم أن يحيطوها باهتمامهم وحبهم، من خلال تقديم الهدايا لها، وتقبيلها والاحتفال معها، لأنها على حد قولهم أمهم الثانية».
المعلمة في مدرسة القسطل المختلطة سحر البياتي «49» عاما زرعت في قلوب أبنائها حب الجد والجدة، كما غرست في نفوسهم حب الوالدين، لأن ذلك برأيها يعد جزءًا من العبادة، وعلمتهم إن من أغضبهم أغضب الخالق عزَّ وجل، هذا ما أشارت اليه البياتي بداية حديثها، ثم استرسلت بالقول:» إن غرس الحب والاحترام في نفوس الأولاد للأجداد يعلمهم احترام وتقدير وحب الوالدين، والحمد لله أن اولادي يهتمون بي ويحيطونني بحبهم كل يوم، كما انهم يحبون ويحترمون والدهم، لكن الاخير يحاول عبثا انتزاع فرحتي بأولادي، وهم يحيطونني بالهدايا والورود في يوم عيد الام، وذلك بقدومه على إطفاء الشموع الموقدة، وخفض صوت الاغنيات الخاصة بالأم، كونه يرى أن الاجدر بالأبناء الاحتفاء بالأب كل يوم، لأنه من يتعب ويكد ويخطط، من أجل رسم مستقبلهم الزاهر حسب اعتقاده».
الرأي الاجتماعي
الباحثة في علم الاجتماع تقوى محمد قالت لـ «اسرة ومجتمع»:» إن الغيرة غريزة فطرية داخل كل شخص، سواء كان رجلا أو انثى، كبيرا أو صغيرا، لكن لا أحد يعرف أن بعض التصرفات، التي قد تبدو غير مريحة للعائلة، وهي ما يظهرها الآباء في يوم الاحتفاء بعيد الامهات أمرا طبيعيا ام غيرة؟ أو أنها ربما تكون من كبير حب الاب لأبنائه، وتمنى التعامل بالمثل وليس الغيرة، فعلى الرغم من تخصيص يوم للاحتفاء بعيد الاب تنظمه عدة دول، لا سيما العربية منها لتكريم الآباء والاعتراف بتضحياتهم، من أجل أولادهم، لكن عيد الأب لا يحظى باهتمام الاولاد أو المجتمع مثل عيد الأم، واعتقد أن هذا الأمر يعود لالتصاق الوالدة أكثر في الأبناء، خلال جميع المراحل العمرية لهم، فهي المسؤولة عن تربيتهم ورعايتهم، والأم تقضي أكبر وقت مع الأبناء على عكس الأب الذي يهتم بالجانب الاقتصادي للأسرة، هذا من جهة ومن ناحية أخرى فإن انتشار الأسرة النواة واندثار الأسرة الممتدة، التي كانت تشكل ترابطا أسريا كبيرا بين الأجداد والأبناء والأحفاد، أصبح الأب بحاجة للكثير من الاهتمام «.
ومن اجل تجنب شعور الأب بعدم عدالة الابناء بتقسيم اهتمامهم بين الوالدين، لا سيما في مناسبة الاحتفاء بعيد الام اشارت تقوى الى :» ضرورة توجه الاهتمام بالاب كونه يعاني ايضا من العزلة الاجتماعية، خاصة مع زواج الأبناء وابتعادهم».
محمد تمنت لو يكون هنالك يوم للأسرة، بدلا من يوم للأم وآخر للأب، لان وجود يوم تجتمع فيه الأسرة هو بادرة طيبة تقوي اواصر المحبة والتألف بين الافراد.
وألا يكون اهتمام الأبناء بوالديهم في يوم واحد فقط بل يكون على مدار السنة.