سعاد البياتي
قدر الله سبحانه وتعالى لي أن أكون أماً، وأدرك معنى هذه النعمة بكل تفاصيلها، وأن لها لغة ونغمة خاصة لايضاهيها شيء في الوجود، منحها الباري أسمى المعاني والاوصاف، وكرمها بأن رضاها من رضا الله، وان الجنة تحت اقدامها، فالأُمومة أعظم هبة خص الله بها النساء.
ومنذ أن أصبحت أماً لم يكن بوسعي إلا أن أتذكر ماقالته لي أمي رحمها الله ( ستصبحين أماً وتدركين معناها)، صحيح يا أمي أنني اليوم أماً، وشعرت بكل ما كنت تعانيه من قبل في تربيتنا وحرصك على أدق تفاصيل حياتنا، فأي قدرة كنت تحمليها رغم بساطتك، وتواضع معيشتنا، بيد ان معاناتنا اليوم مع اولادنا في هذا الزمن اصعب بكثير من ذي قبل، فكل شيء تغير، ولكن تبقى الأم هي أسمى المخلوقات وأرفعها درجة .
فأمهات زمان كن طاقة من التحمل والعطاء والمنح، دون مقابل بصدق، فأنتجت جيلاً كبيراً بمسمياته واوصافه، فعلى الدوام تكون للأم سمات لا يستحقها غيرها، وكل ماعلينا كتابته في عيدها هي بضع كلمات من الحب والعرفان، وبضع هدايا تفرحها رغم بساطتها، فأجمل الهدايا التي يمكن أن يقدمها أولاد اليوم للأمهات هو بر الوالدين وتجنب عقوقهم، فرضا الله من رضاها، وهي دعوة خالصة لكل الأبناء لعدم تفويت هذه المناسبة عليهم التي قد لا تعود مجددا، حين يفقدون أمهاتهم بعد عمر طويل، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمها، لكن الواقع يفرض علينا أن نصوغ لها دستوراً خاصاً بحجم وجودها وعطائها، يكتب بكل لغات العالم عن مدى استحقاقها لألقاب سامية ترفع كل عام من قدرها وشأنها، وترسم بين طياتها تراتيل العطاء، الذي لا يقدر ثمن تضحياتها، فعيدها اليوم بمثابة تجديد لطريق الوصل والمودة بين الأم وأبنائها، وألا نجعل مشاغل الحياة ودوامة العمل تنسينا ذكر الامهات ومكانتهم في قلوبنا في هذا اليوم، فالكثير من الحب والاهتمام والسلوك الجيد معهن يمنح الطمأنينة والرزق لكل بار بأمه، وهذا أقل ما يمكن ان نقدمه وفاءً وعرفاناً.
لكل أم لا تزال تعانق الحياة ألف تحية حب وعرفان، ولكل أم غادرت الى جنات الله ندعو لهن بالمغفرة، وكل عام وأنتن أجمل مافي الوجود.