دينيس أوفربي
ترجمة وإعداد: أنيس الصفار
تعهدت الولايات المتحدة بتخصيص 1,6 مليار دولار لبناء «تلسكوب فائق الجسامة» سيثب بعلم الفلك الأميركي الى آفاق عهدٍ جديد، أعلن ذلك في 27 شباط الفائت المجلس القومي للعلوم وهو الجهة التي تقدم المشورة للمؤسسة القومية للعلوم.
وقد أمهل المجلس المؤسسة القومية لغاية شهر أيار كي تحسم قرارها ما بين خيارين متنافسين مقترحين لهذا التلسكوب.
هذا الإعلان كان مبعث راحة للفلكيين الأميركيين القلقين من أنْ يتخطاهم نظراؤهم الأوروبيون في مهمة تحري أسرار السماء بتلسكوبات أكبر وأكثر تطوراً.
يبقى التساؤل: أي التلسكوبين سيبنى؟
يأمل الفلكيون أنْ تتوصل المؤسسة، وهي الممول التقليدي للتلسكوبات في الولايات المتحدة، الى طريقة تتيح استثمار التمويل في المشروعين معاً.
المشروعان المشار إليهما هما: «تلسكوب ماجلان العملاق» في «لاس كامباناس» في شيلي، و»تلسكوب الثلاثين متراً» الذي قد يقر له موقع «ماونا كيا» على جزيرة هاواي، المعروفة أيضاً باسم «الجزيرة الكبيرة».
كلا التلسكوبين سيكونان أكبر حجماً وأعلى قدرة من أي تلسكوبٍ آخر حالياً، سواء على الأرض أم في الفضاء، ومن المتوقع أنْ تصلَ كلفة كلٍ منهما الى 3 مليارات دولار أو أكثر، ولكنْ ما تمَّ جمعه حتى الآن من خلال التعاون الدولي الداعم يقلُّ عن نصف الكلفة المتوقعة.
يصفُ «مايكل ترنر»، عالم الفضاء الفخري من جامعة شيكاغو، التطور الأخير بأنه «أنباءٌ رائعة لعلم الفلك في الولايات المتحدة وطريقٌ واقعيٌّ نحو بناء التلسكوب فائق الجسامة».
يقول ترنر: «هذا التلكسوب سوف يبهرنا قبل أنْ نشعرَ بصورٍ عن الكواكب الخارجية والمراحل الأولى لنشوء الكون.
نحن نتمنى طبعاً لو أنَّ الأمر يسيرُ أسرع من هذا، ولكنه التاريخ.. فنحن ننطلقُ الى الأمام بأقصى سرعة وأعيننا مثبتتة على المستقبل البعيد».
منافسة أوروبية
في الوقت نفسه الذي يتقدم فيه المسعى الأميركي يقوم المرصد الأوروبي الجنوبي ببناء تلسكوب فائق الجسامة في شيلي.
مرآته الرئيسية، التي ستتألف من 798 قطعة سداسية الشكل، سوف تكون الأكبر والأقوى على الإطلاق حيث سيبلغ قطرها 39 متراً.
هذا المرصد سيكون ايضاً الأول الذي يكتمل العمل به قبل منافسيه، حيث يخطط الفلكيون الأوروبيون أنْ يباشروا باستعماله في 2028.
إذا ما نجحت هذه الجهود ستكون هذه هي المرة الأولى منذ قرنٍ التي يشاد فيها أكبر تلسكوبٍ عاملٍ في العالم خارج الأراضي
الأميركية.
«تلسكوب ماجلان العملاق» و»تلسكوب الثلاثين متراً» مشروعان تعاونيان متعددا الجنسيات، ولكل منهما مقرٌّ رئيسٌ في باسادينا بولاية كاليفورنيا، ولا يبعد المقران عن بعضهما سوى بضعة أميال.
كان الدعم المالي من قبل «المؤسسة القومية للعلوم» مثار خلافٍ بين الجماعتين منذ البداية قبل نحو 20 عاماً.
بيد أنَّهما اتفقتا على ضمّ جهديهما معاً في مشروعٍ أميركي مهمته بناء «تلسكوب فائق الجسامة» ضمن إطار المختبر القومي للأبحاث البصرية والأشعة تحت الحمراء في أريزونا، بحيث يستطيع علماء الفلك الأميركيون استخدام كلا التلسكوبين.
بيد أنَّ تكاليف التلسكوبين استمرت بالتصاعد حتى لم يعد مبلغ 1,6 مليار دولار قادراً على تحقيق ما كان يستطيع تحقيقه ذات يوم، كما أنَّ عجلات الوسط العلمي والحكومة الفيدرالية بطيئة الدوران.
تقول «لينيا أفالوني» كبيرة موظفي قسم البحوث في المؤسسة القومية للعلوم: «قد تستغرق العملية ما بين ثلاثة وخمسة أعوام، ونحن لم يمضِ على اندماجنا بالمشروع سوى عامٍ واحدٍ أو أكثر
بقليل».
عن صحيفة «نيويورك تايمز»