التدريس الإلكتروني .. هل يتفوق على المدرس الخصوصي؟

اسرة ومجتمع 2019/06/02
...

بغداد/ مآب عامر
“لا أفهم درس الرياضيات بسهولة، حتماً سأرسب في هذه المادة”، هذا ما تحدثت به آية سلمان (14عاما)، في محاولة لاقناع والدتها، ولكن من دون جدوى، فقد استمرت الأم بالرفض مكررة على مسامعها  {وضعنا المعيشي لا يسمح لنا بتوفير مدرسين خصوصيين}. 
ومع ضيق حاجة آية لفهم شروحات المادة الدراسية لجأت في النهاية إلى الاعتماد على مقاطع الفيديو التي ينشرها أكاديميون وأساتذة في المواقع الالكترونية والتواصل الاجتماعي ممن يقدمون دروسا ومحاضرات مجانية.
وتضيف: لقد استفدت في بعض الأمور، ولكني كنت أعاني من التشتت في بعض الموضوعات المطروحة.   وهذه الطالبة ليست الوحيدة، فقد ارتفعت في الآونة الأخيرة اعداد المقبلين على التعليم الالكتروني المجاني، إذ كانت الوسيلة الوحيدة للحصول على شروح لموضوعات يستعصي فهمها، بكبسة زر من دون الحاجة للبحث عن مدرس لقاء أجر مالي. 
 
إخفاق مدرس المادة
بعض المدارس الأهلية والخاصة، تهتم بالتدريس الالكتروني بشكل كبير، وتترك له مساحة كبيرة في التعليم، يقول فاضل جليل (38 عاما)، وهو أب لثلاث بنات: إن التعليم الالكتروني أو التدريس وسيلة جديدة لحل مشكلة المدرس الخصوصي، فقد حقق التواصل المستمر بين المعلم والطالب.  
ويضيف ان مُدرسة ابنتي ترسل نماذج اسئلة عبر مواقع التواصل، وأفتتحت مجموعات الكترونية لمتابعة وتدريس طلابها، طبعا هذا الأمر يختلف من معلم إلى آخر بحسب مقدار اهتمامه وجديته في التدريس. 
لكن هذه الطريقة المتبعة في الدراسة لغير مدرس المرحلة نفسها بنظر جليل ليست أكثر من مجرد وسيلة لتوفر المبالغ التي من الممكن أن تنفق للمدرس الخصوصي.  شرح المناهج ومواضيعها، خاصة تلك التي تظهر في مقاطع الفيديو، هي الحل الأمثل لحل مشكلة اخفاق مدرس المادة في إيصال مادة المنهاج لطلبته، كما يقول جليل.
 
التدريس مباشرة
وتختلف أنواع وأساليب التدريس الالكتروني باختلاف متلقيه، فمن المحاضرين والأساتذة من يكتفي بنشر مقاطع فيديوهات تعنى بشرح المادة الدراسية على أحد المواقع من دون التواصل مع الطلبة المستهدفين، ويعد هذا اجتهادا من المعلم، خاصة خلال فترات الامتحانات الشهرية والفصلية.
والسؤال هو: هل يستطيع التدريس أو التعليم عبر هذه الفيديوهات بمواقع شبكة الانترنيت دفع الطالب للاستغناء عن شرح مدرسه داخل الصف، وكذلك الاستغناء عن المدرس الخصوصي؟
تقول الاء عقيل، وهي مدرسة حكومية لمرحلة الدراسة المتوسطة: إن التدريس الالكتروني ومتابعة مقاطع الفيديوهات الخاصة بالمناهج وسيلة قد تسد حاجة الطالب في وقت الضيق، ولكنها لا تمنحه إجابات مفصلة وآنية وكذلك بشكل مباشر مثل التدريس وجهاً لوجه، سواء داخل الصف أو عند الاستعانة بأحدهم لتدريسه. فالتدريس المباشر يمتاز - بحسب عقيل- بالتأكد من فهم المادة، وإزالة أي لبس أو شكوك في نفس الطالب تجاه اجاباته فهو يعطيه نوعا من الثقة بالنفس. وتشير إلى أن مقاطع الفيديوهات هذه جيدة، فبوسع الطالب من خلالها أن يتعرف على كل شيء يتعلق بالمادة الدراسية، لكن ستكون هناك دوما حاجة للإجابة عما يخطر في تفكير الطالب من أسئلة تجاه المادة، وهذا بالطبع صعب إذا لم يكن التدريس مباشرا بين الطالب والمدرس. 
 
مبادرات فردية
وترى وداد عبد الحميد (45 عاماً)، وهي مُدرسة بمدرسة أهلية، أن التدريس الالكتروني بصورة عامة يُخرج الطالب عن سيطرة المعلم أو مدرس المادة في الصف، لأن طريقة الطالب في الفهم أو وجهة النظر تتغير، وهو الأمر الذي لا يبدو أن الأجهزة التكنولوجية أو الفضاء الالكتروني قادر عليه. 
عبد الحميد لا تحبذ التدريس الالكتروني، فهو يعيق ويحد من تحكمها كمدرسة مادة بتصرفات الطلاب، فغالبا ما تراهم يتجولون بين مواقع ليست لها علاقة بالمادة الدراسية التي تطرحها هي خلال الدرس أو الفصل، وتقول إنهم صغار السن ويصعب التحكم بأفكارهم واستعانتهم بالانترنت ومواقع التواصل وما  تنشره من فيديوهات يزيد الامر صعوبة.
وتتابع: يجب على الطلبة التعامل مع التعلم الالكتروني باعتباره وسيلة للاطلاع وتأكيد المعرفة، لا الاعتماد عليها كلياً، لأنه قد تحتوي هذه مقاطع الفيديو التعليمية على أخطاء ومغالطات، وهنا عليهم البحث عمن لديه خبرة وتخصص ليؤكد مصداقية ما يعرض من شروحات لهذه المواد، لأن أي شخص يستطيع بسهولة تصوير ونشر هذه الفيديوهات من دون رقابة علمية، وإن وجدت هذه الرقابة فهي مبادرات فردية.  وتشير عبد الحميد إلى أن التعليم الالكتروني عبر مقاطع الفيديوهات المنشورة من دون استشارة أو توصية من مدرس الطالب ذاته في تمرده على مدرس المادة، إذ يدفع  الطلبة في الشعور بأنهم ليسوا بحاجة للتركيز على ما يطرحه المدرس في الصف وعدم الانتباه لما يحدث داخله، من منطلق أن لديه البديل الذي يعوضه عن محاضرات ودروس المدرس داخل الصف.