أنواعُ السكرّ وعلاقتها بسمنة الأطفال

علوم وتكنلوجيا 2024/05/26
...

 باندورا ديوان

 ترجمة: بهاء سلمان


لا يتمّ إنتاج كل أنواع السكر بشكلٍ متساوٍ؛ ففي واقع الأمر، عندما تتعلّق الحال بالسمنة لدى الأطفال، فإنَّ مصدر السكر أكثر أهميَّة بكثيرٍ من إجمالي الكميَّة المستهلكة، حسبما تشير دراسة جديدة. 

ويعاني ما يقارب الواحد من كل خمسة أطفال ومراهقين في الولايات المتحدة من السمنة، وفقاً لبيانات المراكز الأميركيَّة لمكافحة الأمراض والوقاية منها. 

وترتبطُ السمنة لدى الأطفال بزيادة خطر الإصابة بحالات صحيَّة مختلفة، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكري ومشكلات التنفس، فضلاً عن المشكلات النفسيَّة.

أحد الأسباب الرئيسة للسمنة لدى الأطفال هو الإفراط في استهلاك الأطعمة السكريَّة، إذ يتناول الأطفال الأميركيون ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما أوصت به منظمة الصحة العالميَّة، وهو ست ملاعق صغيرة من السكر المضاف يومياً. ومع ذلك، فإنَّ السكر المضاف لا يمثل سوى نسبة صغيرة من تلك التي قد نصادفها في وجباتنا الغذائيَّة.


نصيحة واجبة

«يعدُّ الاستهلاك العالي للأطعمة السكريَّة عاملَ خطرٍ لزيادة الوزن والسمنة لدى الأطفال، لذا ينصح الأطفال بتناول كمياتٍ أقل من الأطعمة الغنيَّة بالسكر، مثل الحلويات والكعك والمشروبات المحلاة بالسكر، والإكثار من تناول الفواكه ومنتجات الألبان غير المحلاة، مثل الحليب واللبن الرائب»، كما يقول الباحث الرئيسي للدراسة «جونيانغ زو»، المختص بعلم الأوبئة في جامعة غرونينغن في هولندا.

«ولكن على الرغم من أنَّ الفواكه ومنتجات الألبان غير المحلاة تعدُّ صحيَّة، إلا أنها تحتوي على كميات كبيرة من السكريات الداخليَّة، وهو السكر الذي يتواجد بشكلٍ طبيعي في الطعام، بدلاً من إضافته. خلال بحثنا، أردنا أنْ نعرفَ إنْ كان مصدر السكر، سواء المضاف أم المتداخل، يؤثر في احتماليَّة الإصابة بزيادة الوزن أو السمنة».

ويقول زو إنَّ هذا الارتباط تمت دراسته من قبل ولكنْ بنتائج متضاربة. ولعلاج ذلك، استخرج زو وزملاؤه البيانات من مركز جيكو درينثي المتخصص بسمنة الأطفال والتابع لجامعة غرونينغن الهولنديَّة، وهي دراسة طوليَّة مستمرة للأطفال المولودين بين عامي 2006 و2007 في شمال هولندا. وقام الباحثون بتحليل الأرقام لمعرفة ما إذا كان هناك أي ارتباطٍ بين إجمالي تناول السكر في مرحلة الطفولة المبكرة وتناول مصادر السكر المختلفة على وزن الأطفال وزيادة الوزن والسمنة لدى الأطفال.

في المجمل، شمل التحليل 817 طفلاً يتمتعون بوزنٍ صحيٍ في سن الثالثة. في المتوسط، تناول هؤلاء الأطفال ما متوسطه 112 غراماً من السكر يومياً، بما في ذلك السكريات الطبيعيَّة والمضافة. وكانت المصادر الرئيسة للسكر على النحو التالي:

1. المشروبات المحلاة بالسكر: 41.7 غراماً يومياً في المتوسط.

2. منتجات الألبان: 18.6 غراماً يومياً.

3. الوجبات الخفيفة السكريَّة: 13.1 غراماً يومياً.

4. الفواكه: 13 غراماً يومياً.

أعمارٌ وحسابات

وبحلول عمر 10 و11 سنة، أصبح 102 من هؤلاء الأطفال يعانون من زيادة الوزن أو السمنة. ومن المثير للاهتمام أنَّ إجمالي تناول السكر في سن الثالثة لا يبدو أنه مرتبطٌ بمؤشر كتلة الجسم في سن العاشرة والحادية عشرة. 

ومع ذلك، ما كان مرتبطاً بارتفاع مؤشر كتلة الجسم هو تناول السكر من الوجبات الخفيفة السكريَّة.في المقابل، ارتبط تناول كمياتٍ أكبر من السكر يومياً من الفواكه الكاملة بانخفاض مؤشر كتلة الجسم وانخفاض الوزن في سن العاشرة والحادية عشرة.

كما ارتبط تناول كمياتٍ أكبر من السكريات من منتجات الألبان السائلة غير المحلاة، مثل الحليب، بانخفاض فرصة الإصابة بالسمنة أو زيادة الوزن. 

في الواقع، فإنَّ الأطفال الذين يتناولون أعلى كميَّة من منتجات الألبان في سن الثالثة لديهم خطرٌ أقل بنسبة 67 بالمئة للإصابة بزيادة الوزن أو السمنة في سن 10 و11 عاماً، مقارنة بأولئك الذين يتناولون أقل كميَّة من منتجات الألبان. 

ولم تبحث الدراسة في سبب تأثير مصادر السكر المختلفة في الوزن بشكلٍ مختلف. ومع ذلك، يشير الباحثون إلى أنه قد يكون له علاقة بإفراز السكر بشكل أبطأ من قطعة من الفاكهة مقارنة بالوجبة الخفيفة السكريَّة، فضلاً عن الاختلاف في كيفيَّة تفاعل السكريات من الأطعمة المختلفة مع أجسامنا.

وبطبيعة الحال، تعتمد هذه الدراسة أيضاً على الارتباطات والملاحظات، لذلك هناك حاجة إلى مزيدٍ من العمل لتأكيد أي آليات كيميائيَّة حيويَّة محتملة تلعب هنا. 

لكنَّ البيانات تشير إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالسمنة لدى الأطفال، فإنَّ مصدر السكر قد يكون أكثر أهميَّة من الكميَّة. يقول زو: «يجب تشجيع الأطفال على تناول الفاكهة والحليب بدلاً من الحليب المحلى ومشروبات اللبن والحلويات والكعك وغيرها من الأطعمة الغنيَّة بالسكر المضاف».


مجلة نيوز ويك الاميركيَّة