بغداد: شكران الفتلاوي
يرى مختصون بالشأن الاقتصادي أن "طريق التنمية" يمثل نقلة نوعيَّة في الاقتصاد العراقي وبداية لمرحلة جديدة ومهمة، تؤهله لأن يكون نقطة الوصل الرئيسة في قضايا الربط التجاري بين الشرق والغرب والخليج وأوروبا، فضلا عن أهميته الستراتيجيَّة والتنمويَّة ودوره في القضاء على البطالة وإنعاش سوق العمل وتحريك عجلة الصناعة.
وخلال مؤتمر "طريق التنمية" الذي نظمه العراق العام الماضي، وشهد مشاركة دولية واسعة عبّرت عن رغبتها الحقيقية بالمشاركة في المشروع العراقي الستراتيجي، أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أنَّ "طريق التنمية" الذي يمتد من أقصى جنوب العراق إلى تركيا هو خطة طموحة ومدروسة لتغيير الواقع نحو بنية اقتصادية متينة، وأنَّ المشروع بما يحمله من منصات للعمل وقيمة مضافة للنواتج القومية والمحلية ورافعات اقتصادية، يعد ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي، وعقدة ارتباط تخدم جيران العراق والمنطقة.
وأضاف أنَّ العراق سينطلق بهذا المشروع الواعد نحو شراكة اقتصادية مع دول الجوار والمنطقة، تجعل العراق مصدراً للصناعات الحديثة والبضائع، وسيُعتمد في كلّ هذا على الممرات متعددة الوسائط، وأكثر من (1200) كم من السكك الحديدية، وتشغيلها البيني المشترك، والطرق السريعة.
وكان المدير العام للشركة العامة للسكك الحديد التابعة لوزارة النقل، يونس الكعبي، أكد في تصريح صحفي، أنَّ "طريق التنمية يسير بخطى واثقة، وأنَّ اللجنة العليا ناقشت في اجتماعها الأخير آخر مستجدات المشروع، إذ تجاوزت نسبة تصاميم سكك الحديد 76 % والطريق السريع وصل إلى قرابة 68 %، ومسوحات التربة والطبوغرافية تجاوزت 90 %".
وأكد أنَّ "المشروع يحظى باهتمام دولي، إذ إنَّ كلّ الدول لديها رغبة بأن تكون جزءاً أو مشاركة أو مساندة للمشروع"، مشيراً إلى أنَّ "الشركات العالمية الرصينة الكبيرة أبدت استعدادها للعمل في المشروع، وهذا يعطي موثوقية أكثر بأنَّ المشروع قابل للنجاح". الخبير الاقتصادي الدكتور عدنان بهية أشار في حديث لـ"الصباح" إلى أنَّ أهمية العراق تكمن في موقعه الجغرافي، الرابط بشكل مباشر بين الخليج العربي وتركيا ثم أوروبا، الأمر الذي يؤهّله لأن يكون نقطة الوصل الرئيسة والمهمة في قضايا الربط التجاري، والترانزيت، فضلاً عن التجارة عبر البحار بين الشرق والغرب، وبالتالي وضعه في تجربة التجارة الدولية بين الشرق والغرب والخليج وأوروبا.
وتابع أنه بعد إطلاق الصين مبادرة "الحزام والطريق" انضمّت العشرات من الدول للاتفاقية التي تُحيي التجارة بين الشرق والغرب، مبيناً أنَّ مبادرة "الحزام والطريق" تشمل الخط البحري المتمثل في التجارة عبر الموانئ في البحر العربي والخليج العربي وغيرها من البحار، فضلاً عن الطرق البرية المنتشرة في شرق آسيا ثم الشرق الأوسط باتجاه أوروبا، معرباً عن أسفه أنَّ العراق، وللعديد من الأسباب غير المدروسة، ابتعد عن هذا الطريق ولم ينضمّ إلى المبادرة الصينية.
وعدّ بهية إنشاء العراق طريقاً بديلاً عن "مبادرة الحزام والطريق" وهو "طريق التنمية" بادرة مهمة، إذ تربط بين الخليج العربي المقام عليه حالياً، وميناء الفاو الكبير الذي وصل به العمل إلى مراحل متقدمة، لافتاً إلى إنجاز المرحلة الأولى منه، والتي تحتوي على خمسة أرصفة، فضلاً عن أرصفة ميناء أم قصر، وميناء خور عبد الله وميناء الزبير وجميعها موانئ تجعل البلد يمتاز بالقدرة على استيعاب السفن الكبيرة وإيصال البضائع من البحر إلى الفاو ثم إلى أوروبا.
ونوّه بأهمية وجود طريق خاص جديد يحتوي على قدرة عالية لاحتواء الكميات الكبيرة من التجارة الدولية وتفريغ الشحنات من السفن، ومن ثم انطلاقها براً إلى أوروبا من خلال "طريق التنمية" الذي يربط ما بين ميناء الفاو وغرب العراق باتجاه منطقة فيشخابور على الحدود ما بين العراق وتركيا القريبة من الحدود السورية ثم الدخول إلى تركيا وبعدها إلى أوروبا.
من جانبها، وصفت الباحثة في الشأن الاقتصادي، سهاد الشمري، في حديث لـ"الصباح" "طريق التنمية" بالنقلة النوعية في الاقتصاد العراقي، وبداية جديدة لمرحلة مهمة فهو جامع لشراكات إقليمية مهمة، تخلق أرضية مشتركة تحمي المصالح وتُنمّي وتحافظ على علاقات دول الجوار.
وأضافت الشمري أنَّ طريق التنمية يلعب دوراً في إذابة المشكلات والوقوف بوجه النزاعات، كونه مشروعاً شاملاً يبدأ من ميناء الفاو مروراً بالعديد من المحافظات العراقية، فضلاً عن قيامه بنقل المسافرين والبضائع بشكل أوسع وبوقت أقصر ويعالج العديد من المشكلات التي تخص القطاعات الحيوية في العراق، مؤكدة أنَّ المشروع الستراتيجي يعد بمثابة عودة العراق إلى المنصة العالمية باقتصاد قوي ومشاريع استثمارية موسعة.