عاصمة الإعــلام العربي

آراء 2024/06/27
...

 د. محمد وليد صالح 


 إن بناء العلاقات بين المؤسسات داخل البلد وخارجه مسألة غاية في الأهمية بهدف تأمين مصادر التنمية الثقافية للدولة وتداول المعلومات وتحديثها، وكان لمشروع بغداد عاصمة الإعلام العربي بالتعاون مع الأمانة العامة لقطاع الإعلام والاتصال في جامعة الدول العربية ومجلس وزراء الإعلام العرب في السنوات السبع الماضية، دور في رسم البدائل وتحديد الأهم منها على وفق المتغيرات المحلية والدولية، لأن إرساء صورة الدولة على المستويين الداخلي والخارجي لا تقتصر على نقل ما يجري وتحليله سياسياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً. 

وهذا يحتاج إلى جهود متواصلة من وسائل الإعلام لبناء وتصحيح وتدعيم الصورة الذهنية الايجابية ومعالجة الجوانب السلبية، فالشأن السياسي المحلي يساعد في إرسال صورة متغيرة عن الدولة، فضلاً عن التصريحات الإعلامية المنسجمة مع رؤية الدولة لتنمية مؤسساتها، لتصبح أكثر تفاعلاً مع المجتمع الدولي بواسطة العلاقات الدولية المتنوعة والمتوازنة بهدف كسب ثقته

بها.

ومن أحد مرتكزات بقائها واستمرارها كلاعب سياسي هي وسائل الإعلام كمصدر أساس للمعلومات السياسية بل وتقدم للفرد المهارات التي تمكنه من التعامل معها وتقويمها، فلم يتوقف دور هذه الوسائل على طرح القضايا التي يفكر حولها الأفراد، وإنما تقدم لهم الطرائق والأساليب التي تعلمهم كيفية التفكير حول هذه القضايا، أي إن هذه الوسائل الإعلامية هي القنوات الأساسية التي تعمل بواسطتها حملات التسويق السياسي، فالتعامل لا يتوجب أن يكون أساسه أن وظيفتها النشر فقط وإنما كأحد عناصر السوق السياسية المهمة، فضلاً عن أهمية وسائل الاتصال كأحد مكونات عملية التسويق لصورة الدولة الذهنية. 

فتشكيل الصورة النمطية بتقديم وتكرار جانب من الحقيقة واغفال الجوانب الأخرى ويتضح ذلك بشكل خاص في المعالجات الإعلامية للقضايا العالمية المختلفة، إذ يتم التعبير عن الصورة القومية للشعوب الأخرى والترويج لها في الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية، ومن غير الممكن أن يعتمد الفرد على خبرته المباشرة في تكوين صورة عن شعوب ودول العالم كافة، أي إن هذه الوسائل تقوم بدور الوسيط في نقل المعلومات والتصورات عن هذه الدول.  

وعلى وفق ستراتيجية هيئة الإعلام والاتصالات على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي التي تشتمل على غايات وأهداف تنمية بنية قطاعات الإعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من النواحي التنظيمية وتحسين مخرجاتها واستقلاليتها وإدامة بيئة تنظيمية فعالة وتطويرها لاستقطاب الاستثمار، وكذلك أهمية دعم وسائل الإعلام الحر وتنظيمها والحد من الفوضى لتأمين بنية صالحة للتنمية المستدامة.

إنَّ ذلك يتطلب توافر الوسائل والأساليب التي تسهم في صياغة خطط وبرامج محلية وتجارب دولية بما يتناسب وطبيعة الحدث الثقافي الإقليمي، فضلاً عن أهميتها في نقل ثقافات الدول والمجتمعات عبر نماء أفكارها بكيفية التعامل معها بصورة متبادلة لزيادة النشاط التسويقي وربطه بعملية التنمية الثقافية، بوصفها المصدر الأساس للثقافة عن طريق الآثار والتراث وخطوط المراحل التأريخية لتطور البلد إعلامياً وثقافياً بأي شكل من أشكال التعبير الفني.