سعاد البياتي
كثيرٌ من كلمات الأسف رددتها مع نفسي حينما حضرت واقعة خطبة بين فتاة وشاب لإحدى الأسر القريبة مني، ليس ندمي على مشاركتي لذلك إنما ماحدث فيها من تفاصيل، وكاد أن ينتهي الموضوع بالنهي المطلق، لولا تدخل الخيرين، إلا أنه تأجل إلى اشعار آخر، فقد بلغت المطالبات المادية في قيمة المهر وحيثياته من قبل أهل العروس في ما يعرف (بالحاضر والغايب) حداً كبيراً ومغالى به، حتى أفصحت عيون الحاضرين بالدهشة وأخرست الألسن كي يتبينوا من أهل الشاب مدى الاتفاق المسبق الذي وصفوه باللامعقول، ورجعنا نتحدث بالقضية المخجلة التي عينت(بالسلعة والتجارة).
غلاء المهور بات ظاهرة مقلقة زادت حسب الإحصائيات الأخيرة من العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج، فضلاً عن غياب المعايير المنطقية في ذلك، حتى وإن كانت الفتاة متعلمة وذات مستوى تعليمي جيد، فالشاب الذي ينوي الارتباط بإحدى الفتيات، في أكثر الأحيان يكون متفاهماً معها مسبقاً على حالة القبول، ويكون ميسور الحال نوعاً ما لتكوين أسرة بسيطة يصدم أخيراً بطلبات أهلها ووضع مبالغ كبيرة لعقد القران، ضماناً لابنتهم على حسب ادعائهم، متناسين أنه ورد في الحديث الشريف عن سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم) قوله (خير الصداق أيسره)، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، إلا أن العديد من الأسر تتجاوز قيمة الحديث الشريف وتبالغ في صداق البنت
وتعيق أمر زواجها وتبنيها أسرة في ذلك، مع أن الحكمة منه هي حفظ قدرها، ونتفق جميعاً على أن المهر فرضته الشريعة الإسلامية كحق من حقوق الزوجة لكن ليس بالشكل الذي نراه اليوم.
وكثيراً ما نسمع ونرى قصصاً عن قيمة العقد والمهر بين الفتاة والشاب بأنها شيء رمزي ومعنوي كحفظ القرآن أو عمرة أو غيرها من الصداق المريح، فبالرغم من أن المهر أحد حقوق الزوجة، كما شرعه الإسلام، إلا أن الحكمة منه هو حفظ قدر الفتاة المخطوبة، ولم تكن الحكمة منه تعجيز القضية وإرهاق الشباب وهم في بداية حياتهم، وهذا الأمر معنوي، فبعض الشباب يرهقون أنفسهم بالديون أو القروض لأجل الاقتران لتأمين المهر وتكاليف الزواج، الذي يكون مرهوناً بقضاء تلك الديون، وقد يفضي بهم بالنهاية إلى مشكلات حينما يصعب عليهم مواجهة التبعات المالية التي ترتبت بذمتهم، وذلك غير مستحب اطلاقاً.