الاكتفاء في إنتاج الحنطة

اقتصادية 2024/07/04
...

محمد شريف أبو ميسم


يقال إنَّ حاجة العراق من الحنطة تصل لنحو 4.2 ملايين طن سنوياً، لكنَّ الإنتاج لم يتجاوز في العام 2022 نحو 2.5 مليون طن لأسباب مختلفة، كان في مقدمتها تكرار عدم صرف مستحقات الفلاحين، ما تسبَّب في عزوف العديد منهم عن الزراعة في ذلك العام، بجانب شحّ المياه واستمرار استخدام أساليب الري القديمة التي تكثر فيها الضائعات وينخفض فيها معدل توزيع المياه في المساحات السطحية، وتشهد زيادة في إنبات الأدغال والحشائش التي تنافس الحنطة في الحصول على المياه والعناصر الغذائية في التربة، فكان لابد من زيادة استخدام أساليب الري الحديثة التي تتقدمها المرشات المحورية في زراعة الحنطة، والتي كان لها دور بالغ في زيادة الإنتاج إلى نحو أربعة ملايين و248 ألف طن في العام الماضي.
والمرشات المحورية هي إحدى منظومات الري الحديثة التي تعد وبامتياز مكوناً أساسياً في أنظمة الري المحورية المركزية، وقد ساهمت مساهمة كبيرة في الحدّ من الهدر في مياه السقي وضمان توزيع موحد للمياه في الأراضي الزراعية بما يضمن توزيع المياه بمعدل أسرع بكثير من قدرة معظم أنواع التربة على الامتصاص، وبما يؤدي إلى سيلان المياه في معظم أنواع التربة، وزيادة غلة الأرض في الوقت ذاته.
ويبدو أنَّ هذا الإنجاز الذي أسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي للعام 2024، كان مدعاة لتشجيع وزارة الزراعة على تنفيذ خطط التحول نحو زيادة استخدام تقانات الري الحديثة، فقامت في كانون الثاني الماضي بتوقيع عقد مع وزارة الصناعة بقيمة 33 مليار دينار لتجهيز الوزارة بنحو 475 مرشة محورية. وهذا العدد من المرشات المحورية إذا ما تم إدخاله في حقول زراعة الحنطة فإنه يمكن أن يحوّل العراق إلى بلد مصدّر للحنطة بامتياز، إذا علمنا أنَّ مجموع ما تم إدخاله من مرشات في الحقول الزراعية منذ عام 2003 إلى ما بعد 15/ 10/ 2022 كان 1400 مرشة فقط، ثم تحقق الاكتفاء الذاتي عند إدخال نحو 12 ألف مرشة محورية في العام الماضي، وبهذه الدالة القياسية فإنَّ ولوج 475 مرشة محورية جديدة إلى حقول زراعة الحنطة من خلال العقد مع وزارة الصناعة سيسهم حتماً في زيادة معدل الإنتاج خصوصا أنه تم صرف مستحقات عموم الفلاحين في أوقاتها وبأسعار مدعومة وتشجيعية، فما بالك بزيادة عدد تلك المرشات المتعاقد عليها لتجهيز الوزارة بألف و300 مرشة محورية من قبل وزارة الصناعة، وستة آلاف مرشة محورية أخرى من شركة باور النمساوية.
وخلاصة القول إنَّ التقديرات العلمية للمعطيات التي عرضناها تتحدث عن مجموع مرشات سيصل إلى اثني عشر ألف مرشة في العام 2024، وهذا العدد من المؤمل أن يغطي مساحة مليون دونم، ثم ستزداد هذه المساحة بزيادة أعداد المرشات التي تم التعاقد عليها.