نحو إدارة مائيَّة سليمة

آراء 2024/07/16
...

 ا.د.محمد بهجت ثامر

تعاني اغلب دول العالم اليوم ضغوطا غير مسبوقة على مواردها المائية، بسبب زيادة اعداد سكانها ومن ثم زيادة احتياجاتهم المائية، وتشير التقديرات إلى أن العالم سيواجه نقصا بنسبة(40)% بين الطلب المتوقع والإمدادات المتاحة من المياه بحلول عام 2030.
اذ تعد المياه من أهم المصادر الطبيعية التي تلعب دوراً أساسياً في حياة الكائنات الحية الموجودة على سطح الكرة الارضية، كما أنها تعد اليوم من أهم القضايا المرتبطة بصورة كبيرة بالتنمية الاقتصادية، لذا تعد إدارة الموارد المائية بمثالية ونجاح من أكبر التحديات التي تواجه دول العالم اليوم، وقد بات ذلك واضحا بعد أزمة المياه التي اجتاحت دول العالم بسبب التغيرات المناخية، بدأت مناقشة مفهوم الإدارة المتكاملة للمياه في نطاق واسع في الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة الخاص بالبيئة والتنمية في ريو دي جانيرو عام 1992، اذ بدأت تظهر دعوات لبناء القدرات في قطاع المياه والبيئة، ثم جاء مؤتمر دبلن عام 1992 ليعطي المفاهيم الحديثة لإدارة الموارد المائية بشكل اكثر وضوحا، اذ حدد الهدف الرئيس لإدارة الموارد المائية بأنه «الاستخدام الأمثل للموارد المائية لتحقيق القدر الأكبر من الفوائد للمجتمع بما فيها الفوائد المائية « ومن ثم جاءت ورقة البنك الدولي المؤثرة عام 1993 والتي ابرزت الإدارة المتكاملة للموارد المائية وتسعير المياه والخصخصة، وإدارة احواض الأنهار الدولية، وادماج المعايير البيئية في تخطيط الموارد المائية وادارتها.
تعرف إدارة الموارد المائية بانها « مسار منهجي لأغراض التنمية المستدامة وتخصيص وتوزيع والتحكم ومتابعة تنمية الموارد المائية المتاحة التقليدية وغير التقليدية، الحالية والمستقبلية وتقييم الطلب عليها وترشيد واستدامة استخدامها في الاستخدام البشري والزراعي والصناعي بشكل منسق بما يوفر لكل نشاط تنموي المياه التي يتطلبها بالكمية والنوعية المرغوبة زمانياً ومكانياً، من اجل تعظيم الرفاه الاقتصادي مع عدم الاخلال بالبيئة».
تكمن خطورة عدم وجود إدارة مائية سليمة في الدول لعلاقتها بالأمن الغذائي، اذ تعد الزراعة مستهلكا رئيساً للموارد المائية وتمثل جزءاً كبيراً من الاستخدام العالمي للمياه.
لذا تعد الإدارة المائية السليمة للمياه في الزراعة أمراً بالغ الأهمية لضمان الأمن الغذائي، لأن الزراعة هي العمود الفقري لنظام إنتاج الغذاء عالمياً.
وتساعد الإدارة السليمة للمياه على ضمان إمدادات منسقة وموثوقة من المحاصيل الزراعية، وهو أمر ضروري لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء عالمياً لذلك فإن تبني إدارة مائية سليمة في الزراعة يلعب دوراً محورياً في الحد من الأثر البيئي للزراعة، من خلال تحسين طرائق الري كـ(الري بالتنقيط) لتقليل هدر المياه، ومن ثم يقل الضغط على المياه بشكل كبير وتخفيف العواقب السلبية الناجمة عن الاستخدام المفرط للمياه كتدهور التربة وتلوث المياه.
كما تضمن الإدارة السليمة للمياه توفير إمدادات طاقة ثابتة وموثوقة، فالماء اما يدخل بشكل غير مباشر في انتاج الطاقة عبر التبريد أو بشكل مباشر مثل الطاقة الكهرومائية، والتي تعد مصدر وقود صديقة للبيئة، لذا فإن بدون الإدارة السليمة للمياه، يمكن أن تؤدي إلى ندرة المياه أو التلوث ومن ثم نقص محتمل في الطاقة مما يترتب على ذلك عواقب بعيدة المدى على المجتمع والاقتصاد.