الصائغ لـ «الصباح»: نسعى للوصول الى الشرائح والفئات العمريَّة كافة

ثقافة 2024/07/16
...

 بغداد: وسام الفرطوسي

تعد إذاعة الفرقان جزءاً من المؤسسات الإعلاميَّة المتخصصة التابعة لشبكة الإعلام العراقي، وتحتضن برامجها مجمل التوجهات المذهبيَّة والعقائديّة لجميع أطياف الشعب العراقي بلا انحيازٍ أو تمييزٍ، أنتجت العديد من المسلسلات الدراميَّة من بينها مسلسل «وليد الكعبة»، ومسلسل آخر يتحدث عن سيرة الشيخ عبد القادر الكيلاني (رض)، كما قامت بإنتاج ملحمة الإمام الحسين «ع» بمسلسل درامي تحت عنوان «الحسين سيد الشهداء»، وأيضاً مسلسلات أخرى تتحدث عن الإمام أبي حنيفة النعمان والصحابي الجليل جعفر الطيار وبقية الصحابة الأجلاء، كما أنتجت التلاوات والختمات القرآنية بأصوات كبار القراء العراقيين.
بدأت الإذاعة برامجها المباشرة بواقع برنامجين يومياً لتصل إلى خمسة وثلاثين برنامجاً مباشراً أسبوعياً تتضمن برامج إرشادية ودينية واجتماعيَّة وثقافيَّة، تعنى بمختلف شرائح المجتمع، فضلاً عن برامج متخصصة باللغة العربيَّة وشرح وتفسير القرآن الكريم والأحاديث النبويَّة بطريقة مبسطة، وتستضيف الإذاعة أسبوعياً شخصيات دينيَّة وثقافيَّة وفكريَّة واجتماعيَّة للحديث عن موضوعات في مجالات عدة، كما أنها تركز على برامج التلاوة للقرآن الكريم، إذ إنها تقدم خمسة عشر برنامجاً للتلاوة في اليوم الواحد.
شاركت إذاعة الفرقان في العديد من المهرجانات المحليَّة والعربيَّة والإسلاميَّة وحصلت على  جوائز عديدة بمختلف المجالات، وللحديث أكثر عن إذاعة الفرقان كان لـ»الصباح» حوارٌ مفتوحٌ مع مدير الإذاعة الأستاذ مصطفى عبد الكريم الصائغ.

* هل لنا بإضاءة حول تأسيس إذاعة الفرقان، وعن الظروف التي دعت الى تأسيسها؟
- تأسست إذاعة الفرقان بتاريخ 1/ 8 / 2005 في غرة شهر رجب لتكون إذاعة القرآن الكريم والبرامج الدينيَّة.
 بعد إعادة هيكلة وزارة الإعلام العراقيَّة وتأسيس شبكة الإعلام العراقي وإعادة تشكيل مفاصلها عقب إزالة النظام المباد، كان وجود إذاعة دينيَّة ضرورة من ضروراتها فصدر قرار التأسيس في العام المذكور في ظروفٍ حساسة جداً من تاريخ العراق بعد 2003 في ملحق بناية صغيرة غير مأهولة في الشبكة وبأبسط الإمكانيَّات تمهيداً لتخصيص بناية خاصَّة لها ضمن مبنى الإذاعة والتلفزيون في الصالحيَّة.

* الفرقان واحد من أسماء القرآن الكريم.. يفرق بين الحق والباطل، ما يضفي على الإذاعة صبغة إسلاميَّة دون الديانات الأخرى.. تسمية إذاعة المؤمن أليست أدق؟
- ربما سيكون أدق، لو كان الأمر بذات الفكرة التي جاءت في السؤال، إنَّما الفرقان (الكتاب) الذي يفرق بين الحق والباطل هي فكرة شاملة للأديان كافة؛ ولأنَّ الإسلام هو الدين الرسمي للدولة العراقيَّة فقد كانت الصبغة الإسلاميَّة واضحة على التسمية، ولأنَّ (الدين عند الله الإسلام) وإنَّ (ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكنْ كان حنيفاً مسلماً)؛ أي إذا اتفقنا أنَّ الإسلام هو الديانة الشاملة الجامعة الخاتمة.

* ما هي تخصُّصات الملاك العامل فيها؟
- تتنوعُ تخصصات الملاك العامل في الإذاعة حالها حال باقي الإذاعات من مخرجٍ ومعدٍ ومنسقٍ ومذيعٍ ومقدم برامج ومراسلٍ ومصحح لغوي وعلاقات ومنتج، غير أنَّ هناك اختلافاً بين معد البرامج الذي يعمل في الإذاعة (الفرقان) وغيرها، إذ يتطلب الأمر منه أنْ يكون ذا خلفيَّة دينيَّة عميقة وأنْ يكون مقدم البرامج له معرفة في القرآن الكريم من جهة وقراءات في حوار الأديان والشرائع، إذ إنَّ أغلب تخصصات ملاك الإذاعة في هذين الجانبين على وجه الخصوص هي شريعة وعلوم قرآن ولغة عربيَّة.

* هل تصنّف إذاعة الفرقان كإعلام ديني صرف؟ أم تندرج في الإعلام المدني الذي يعمل على التعريف بالدين؟
- سؤالٌ ممتازٌ، إذ إنَّه بسبب التراكمات الذهنيَّة لدى المجتمع التي أنتجتها الساحة الدينيَّة بعد 2003، أصبح الإعلام الديني مطوقاً بأطواقٍ وأسوارٍ ضيقة لا تتعدى المذهبيَّة، بل وداخل المذهبيَّة التجزئة المرجعيَّة والقياديَّة لدى مختلف المذاهب، هذا ما جعل الأمر محصوراً بالإذاعات الموجهة كلٍ حسب طائفته وفريقه ومذهبه بل وقيادته ومرجعيته، الأمر الذي دعانا الى ضرورة إدراك المستمع وتمييزه بين لغة الخطاب الديني الإعلامي الموجه وبين خطابنا الديني الإعلامي المعتدل الذي يمثل الخطاب الديني الإعلامي الرسمي لجمهوريَّة العراق وهنا كان إعلامٌ مدنيٌ يعرف الدين بنسبة واضحة جداً للمستمع.

* ما هي مقومات الإعلام الديني ضمن تقديركم؟
- إنَّ من أخطر مهامّ الإعلام ووسائل الإعلام هي صناعة الرأي أو تضليل الرأي، وإنَّ من أخطرها هو الخطاب الديني أو الإعلام الديني كما أسميتموه؛ ذلك لطبيعة المجتمع العراقي وعلاقته العاطفيَّة الدينيَّة المتجذرة مع المنظومة الدينيَّة والتفافهم حول القيادات الدينيَّة وكما هو واضحٌ وجليٌّ للجميع، وهنا تكمنُ فرصتنا في إظهار خطابنا الديني كجهة معتدلة شاملة تتبنى الوسطيَّة في لغتها.لذا فإنَّ الصدق والأمانة والموعظة الحسنة والابتعاد عن الابتذال بكل صورهٍ والتطرف بكل أشكاله وبناء المجتمع بلغة سلام ممنهجة وإعادة تصدير الأفكار الدينيَّة التاريخيَّة المترسخة لدى ذهن المستمع وتحويلها الى مادة لا تدعو للتفرقة بقدر ما هي تخصُّ المرحلة تلك وظروفها ورجالها، وليس على القارئ أو المستمع لها اليوم إلا أخذ المفيد منها والوقوف عند النتائج المترتبة التي تصبُّ بمصلحة الدين والمجتمع.

* كيف تجددون ماضي الكتب المقدسة وفق الفهم المعاصر؟
- تعتمد الإذاعة في طرحها مثل هذه الموضوعات على محاذير هائلة، لذا تعهد المهمة الى الباحثين ورجال العلم والمتخصصين في الشأن الديني لدى الديانة المبحوث فيها، من خلال استضافتهم في البرامج الحواريَّة التي من هذا النوع، ولنا أمثلة متعدد ضمن برامجنا؛ كون الأمر خطيراً جداً، فليس بين (الدعوة لديانة ما والترويج لها) وبين (بحثها والاستفادة منها وإعادة إنتاج أفكارها) إلا شعرة.

* هل خطابكم الإعلامي موجهٌ للمؤمنين حصراً؟ أم توجهون هامشاً لهداية الضالين؟
- إنَّ من أبرز مهامنا في خطابنا الإعلامي الديني هي جذب من هم على هامش الابتعاد عن الدين وتعاليم السماء الى منظومة الأخلاق الدينيَّة والتعاليم السماويَّة فهي تشكل الحصة الأكبر؛ ذلك أنَّ المؤمن الحقيقي لا يحتاج منَّا الكثير سوى إحاطته ببعض المفاهيم التي صعب عليه فهمها وإدراكها، أما الآخر فهو الأكثر احتياجاً لخطابنا ونحن أكثر انشداداً له لجذبه.

* ما أهم مرتكزاتكم البرامجيَّة؟
- تتوزع الخطة البرامجيَّة لإذاعتنا بين 40 ‎%‎ برامج دينيَّة قرآنيَّة في حوار ديني مباشر، و10 ‎%‎ للمرأة والأسرة في حوارٍ دينيٍ مباشر، و35 ‎%‎ لبرامج اجتماعيَّة بإطار ديني كون الدين بمنظورنا منهج حياة، و10 ‎%‎ برامج ثقافيَّة وتربويَّة وشبابيَّة، 5 ‎%‎ برامج التاريخ والسيرة واللغة.

* هل تتصدون لخزعبلات المنابر التي اخترقت حدود الوعي؟
- ربما لا تتصدى الإذاعة لما أسميتموه (خزعبلات المنابر) بالشكل الذي تتصورونه أو بالطريقة التقليديَّة، فعندما تريد تعديل انحرافٍ معينٍ تتخذ أحد السبيلين أو كليهما، وهما ألا تتحدث نهائياً عن مثل هذه الأشياء وعدم إعطائها الأهميَّة في الحديث، أو التكثيف في الحديث عن أضدادها وما يقابلها من دون الإشارة إليها، الأمر الذي يضع المستمع في صورة أكثر رفعة من الخوض في معتركات القاع والجدال فيه.

* كيف تعيدون تصنيع خامة الدين بطرحٍ مشوق؟
- لأنَّ الدين الإسلامي ومن خلال القرآن الكريم دينٌ متطورٌ وله في كل يومٍ فهمٌ وقراءة جديدة مختلفة عن السابق أو مكملة لها، لذلك يتمُّ اختيار أفكار البرامج وإعادة تصنيع الأطر المتضمنة في طياتها ما يرادُ قوله وفق الدراسات الحديثة والقراءات الجديدة التي يشهدها العالم في مجال العلم الديني أو اللاهوتي والبحث العلمي الاستدلالي والمقارن منه من خلال تحديد نوع الفكرة واستضافة الباحثين الذين لهم المعلومة الدقيقة والأسلوب الأميز في طرحها.

* هل تسهمون بالتوعية والإرشاد ضد الآفات التقليديَّة.. المخدرات والفساد والانحلال الأخلاقي والمحتوى الهابط؟
- نعم بالتأكيد، وكما أسلفت كون لمثل هذه الآفات حصَّة في برامجنا، بل نراها من المرتكزات، إذ إنَّ الإنسان بطبيعته يحتاج الى المتابعة والتذكير المستمر.

* ما هي خطتكم نحو التطورات المقبلة؟
- نطمح أنْ يتمَّ تطوير وسيلة اتصالنا بالجمهور بما يتوافق مع التطور الإعلامي الحاصل في الإعلام الرقمي، فكما تعرفون أنَّ الإذاعة من الوسائل الإعلاميَّة القديمة الكلاسيكيَّة التي بات جمهورها ينحسر يوماً بعد آخر، لذا عمدنا الى البث المرئي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي جعل بعض البرامج الإذاعيَّة مرئيَّة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن كونها مسموعة من خلال الأثير ومن خلال البث الإذاعي الفضائي.
فباعتقادنا العمل على إنشاء تطبيق (Application) على الهواتف الذكيَّة باسم (الفرقان) ويضمُّ نوافذ أخرى مثل مكتبة دينيَّة وأخبار دينيَّة وتذكيرات بالمناسبات وأوقات الصلاة وغيرها، وهو ما يمكن العمل عليه مستقبلاً من جانب إعلامي مهني، أما من جانب موضوعي فهو الاستفادة من الدراسات والبحوث العلميَّة والأطاريح التي تتناول الدين بكل الأوجه ورصد عمق الفجوة للعمل على ترميمها والمحافظة على خطٍ معتدلٍ متزنٍ يحافظُ على المجتمع من الوقوع بهوة التشدد والتطرف والتشدق.

* أي الفئات العمريَّة والتعليميَّة والاجتماعيَّة أشد تمسكاً بإذاعتكم؟
- تطمح إذاعتنا للوصول الى الشرائح والفئات العمريَّة كافة بعيداً عن المستوى التعليمي والاجتماعي، لكن ما نتمسك به ونسعى في برامجنا الى استهدافه فهي فئة الشباب لما لها من أهميَّة بالغة في النهوض بواقع المجتمعات.

* هل تبلورون حاجات الشارع في برامج تلبيها؟
- هناك برنامجٌ صباحيٌّ يوميٌّ في الإذاعة (نبض الصباح) يتناول موضوعات عامَّة تبلور حاجة الشارع العراقي والمجتمع ومن صميم الواقع ويسعى للوقوف عندها والإشارة بعلاج البعض منها من خلال نشر مراسلي الإذاعة في أكثر من 10 محافظات عراقيَّة عدا العاصمة، وهناك تغطية يوميَّة ضمن فقرة (حقيبة مراسل) بتقارير من أغلب المحافظات.