خبراء يحثون على استغلال {الأرصدة الخاملة} في البناء والاستثمار

اقتصادية 2024/07/28
...

 بغداد: حيدر فليح الربيعي

شدَّد مختصون في الشأن الاقتصادي على ضرورة أن تنتهج المصارف الحكوميَّة والخاصَّة، سبلاً من شأنها امتصاص الكتلة النقديَّة الخاملة والمكتنزة لدى المواطنين، مؤكدين أنَّ تلك العمليَّة من شأنها تحريك العديد من القطاعات التي تعتمد على الاستثمارات الماليَّة، في حين اقترحوا رفع نسبة سعر الفائدة الممنوحة للمواطنين بهدف جذب تلك الأموال التي تقدَّر بقرابة 85 % من العملة المصدرة.
وتمثل سياسة "الإغراء المصرفي" بحسب خبراء في الشأن المالي، عنصر جذب أساسيّ للأموال المكتنزة لدى المواطنين، مؤكدين ضرورة أن تنتهج المصارف السبل الكفيلة بخلق حالة من الثقة مع المودعين، وطمأنتهم بإمكانيَّة سحب جزء أو كامل المبلغ عند حاجتهم له وبشكل سلس.
واقترح المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، سبيلين سريعين للاستفادة من فوائض الجمهور النقديَّة ولاسيما لأغراض صناديق التنمية، الأول التعاطي بسندات الاقتراض ويتولى إصدارها البنك المركزي أو الحكومة، وهي قابلة للتداول بيعاً وشراءً، وإطفاء الذمم وتحمل فائدة سنويَّة بما في ذلك إصدار الصكوك الإسلاميَّة كأداة ماليَّة هجينة" أمَّا السبيل الثاني فهو إشاعة الاقتراض والإيداع عن طريق بنوك الهاتف النقال ضمن استعمالات واسعة للصيرفة الإلكترونيَّة.
وشدَّد صالح على ضرورة أن تسعى المصارف إلى قلب معادلة الاكتناز المتمثلة باحتفاظ الجمهور بنحو 85 % من العملة المصدّرة التي ما زالت تشكّل أرصدة مكتنزة خارج الجهاز المصرفي وتعدّ أرصدةً خاملة غير فعالة، ولا تقدّم أيَّ خدمة مهمَّة للاقتصاد الوطني وأنَّ جانباً منها يعمل بمخاطر ربوية اقتراضيَّة عالية جداً؟".
وبهدف استغلال الكتلة النقديَّة المكتنزة لدى المواطنين، يرى الخبير المالي والمصرفي، عبد الرحمن الشيخلي، خلال حديثه لـ"الصباح" ضرورة أن تسعى المنظومة المصرفيَّة الحكوميَّة والخاصَّة إلى بذل مزيد من الجهود لاستغلال تلك الثروة، مبيناً أنَّ "هناك أكثر من وسيلة لامتصاص الكتلة النقديَّة المكتنزة خارج القنوات المصرفيَّة، أولها العمل بشكل دؤوب على استعادة الثقة بين المواطن والمؤسّسة المصرفيَّة وخلق حالة من الاطمئنان لدى المودع بأنه قادر على استعادة أمواله جزئياً أو كلياً عند حاجته لها بشكل سلس، مما يجعله يقتنع باستثمارها بالائتمانات المصرفيَّة التي تحقق له أرباحاً
مضمونة.
كما شدَّد الشيخلي على أهميَّة "زيادة الفوائد للودائع وتنوعها، كنوع من أساليب الترغيب بهدف امتصاص الأموال المكتنزة، وأن تُمنح له شهرياً أو فصلياً وليس بالضرورة سنوياً كما جرت العادة للودائع الثابتة، مبيناً أنَّ تلك الخطوة يمكن أن تُغري المودع بترك أمواله تُستثمر ضمن القنوات المصرفيَّة التي تحقق له عائداً ثابتاً ومستقراً".
وحثّ الخبير الشيخلي على أهميَّة التعاون بين المصارف الحكوميَّة والخاصَّة لإصدار سندات خزينة مضمونة (ممكن تداولها في سوق الأوراق الماليَّة) وبفوائد مغرية تُسهم في استثمار الأموال المكتنزة لدى المواطن في المشاريع الكبرى التي تُسهم الحكومة بإنجازها والإشراف والرقابة على تنفيذها دون استغلالها من الفساد، وبذلك تعزّز جانب الوطنيَّة لديه.
وانسجاماً مع دعوات الخبراء والمختصين، أعلنت وزارة الماليَّة عن طرح إصدار جديد من سندات (إنجاز) الحكوميَّة (الإصداريَّة الثانية) للاكتتاب العام، بقيمة (1.5) تريليون وخمسمئة مليار دينار عراقي.
بدوره، أشار الخبير والمتخصص بالاقتصاد الدولي، الدكتور نوار السعدي، خلال حديثه لـ"الصباح" إلى أنَّ "أبرز التحديات التي تواجه عمليات امتصاص الكتلة النقديَّة المكتنزة لدى المواطنين هو عدم ثقة المواطنين في الجهاز المصرفي، وهذه المشكلة تُعيق جهود امتصاص الكتلة النقديَّة المكتنزة".
ويرى الخبير السعدي أنه ولتعزيز الثقة في النظام المصرفي، يجب تحسين الشفافية والحوكمة في القطاع المالي، والعمل على إجراء إصلاحات سياسيَّة تعزِّز الثقة العامَّة في الحكومة والمؤسسات، مؤكداً أنَّ "واحدة من الطرق الأساسيَّة لامتصاص السيولة من المواطنين هي رفع سعر الفائدة، وحينها ستزيد جاذبيَّة الادخار في البنوك، مما يدفع المواطنين إلى إيداع أموالهم بدلاً من اكتنازها"، موضحاً أنه وعلى الرغم من إيجابيات رفع سعر الفائدة، لكن ينبغي أن يتمَّ ذلك بحذر، إذ قد يؤثر بشكل سلبي في الاستثمار والنمو الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومة والبنوك إصدار أدوات ماليَّة مثل السندات أو شهادات الادخار التي توفر عوائد جذابة للمستثمرين. هذه الأدوات يمكن أن تكون مغرية للمواطنين الذين يفضلون عوائد مستقرة وآمنة.