العراقيون يحيون ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر

الثانية والثالثة 2025/04/10
...

 بغداد: متابعة محمد الأنصاري


أحيا العراقيون أمس الأربعاء، 9 نيسان، الذكرى السنوية لاستشهاد المفكّر والمرجع الديني السيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية بنت الهدى (آمنة الصدر) على يد الطاغية المقبور صدام، ويتوافق يوم استشهاد الصدر مع يوم سقوط نظام صدام في 9 نيسان 2003، حيث استعادت الفعاليات الرسمية والشعبية المواقف الشجاعة المشرِّفة التي واجه بها الشهيد الصدر الأول النظام الدكتاتوري حين وقف منفرداً وآثر الشهادة على الخنوع لنظام البعث المجرم.

وقال رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد في تغريدة على حسابه بمنصة (X): إنه "في ذكرى استشهاد سماحة السيد محمد باقر الصدر وشقيقته العلوية بنت الهدى، في يوم سقوط نظام الاستبداد، نستذكر باعتزاز الموقف الشجاع للشهيد الصدر في مواجهة الدكتاتورية التي أدخلت البلاد في الحروب والصراعات العبثية والإجراءات التعسفية على العراقيين".

وأضاف رشيد، "نؤكد بهذه المناسبة على ضرورة تعزيز التجربة الديمقراطية في البلد والحفاظ على ما تحقق من منجزات وطنية، والعمل المشترك بين الجميع لضمان عدم تكرار مآسي الماضي، والانطلاق نحو بناء مستقبل مزدهر يعيش فيه جميع العراقيين بأمن وسلام".


حديث رئيس الوزراء

كما استذكر رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أمس الأربعاء، سقوط النظام الدكتاتوري الذي تزامن مع ذكرى استشهاد السيد الصدر الأول.

وقال رئيس الوزراء في تغريدة على منصة (X):  "تمر علينا اليوم الذكرى الثانية والعشرون لسقوط النظام الدكتاتوري، فبعد سنين طوال من الظلم والتعسف وتدمير البلاد واستباحة العباد، ولَّت إلى غير رجعة أسوأ طغمة تسلطت على العراق والعراقيين".

وأضاف: "وما كان لهذا النظام أن يسقط لولا التضحيات العظيمة التي قدمها أبناء شعبنا، من مختلف المكونات، ومن جميع القوى الإسلامية والوطنية، وقد شاءت القدرة الإلهية أن يتزامن هذا السقوط للنظام البعثي الاستبدادي، مع ذكرى استشهاد آية الله العظمى، السيد محمد باقر الصدر، وأخته السيدة آمنة الصدر (رضوان الله عليهما)، بما مثله هذا الحدث من انتهاك وجرم، تجاوز به النظام المباد كل القيم والأعراف والمواثيق".

وتابع السوداني: "نحن إذ نحتفي بهذه الذكرى، فإننا نؤكد أهمية المكتسبات التي تحققت لأبناء شعبنا الكريم في التأسيس لنظام ديمقراطي يكفل حقوق جميع العراقيين، في ظل الدستور والقانون، وإن بلدنا اليوم بفضل الله، يعيش أمناً واستقراراً ملحوظين، وانطلاقاً لعجلة الإعمار والتنمية، وهو ما حرصت حكومتنا على تحقيقه منذ بداية عملها التنفيذي بأن تتحرك في مسارات البناء السياسي والإصلاح الاقتصادي وتحقيق طموحات وتطلعات أبناء وطننا الكريم".


البرلمان يعزي

بدوره، عزّى النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، الحوزة العلمية في النجف الأشرف وآل الصدر والعراقيين بذكرى استشهاد المرجع السيد محمد باقر الصدر، وأكد أن دم المرجع الصدر مثّلَ البداية لانحدار حقبة البعث الدموية وزوالها من جسد العراق.

وقال المندلاوي، في بيان: إن "استشهاد المفكر الإسلامي الكبير السيد الصدر (رضوان الله تعالى عليه)، يعدُّ خسارة فادحة ليس للعراق فقط بل للأمة قاطبة، وبتغييبه عن المشهد أراد أعداؤه القضاء على دوره الريادي في مقارعة الديكتاتورية، واغتيال مشروعه العلمي والفكري الذي يهدف لبناء الإنسان وإصلاح المجتمع ونهضة الأمة وفق مبادئ الإسلام، وإسكات صوته الشجاع في مناصرة المظلومين وتخليصهم من الطغيان والفساد".

وأكد، أن "الدم الطاهر لشهيد العراق والأمة الذي سال فداءً للقيم الدينية والوطنية مثّلَ البداية لانحدار حقبة البعث الدموية وزوالها من جسد العراق".

وأشار إلى، أن "تزامن سقوط نظام المجرم صدام مع ذكرى استشهاد السيد الصدر، هو انتقام إلهي واقتصاص لكل الدماء التي سُفكت ظلماً وعدواناً، وإثبات أن التجبُّر والتسلُّط والعلوُّ لا يحفظ مُلكاً ولا يُفني فكراً وعلماً، فسلاماً في هذا اليوم على الشهيد الصدر وكل شهداء العراق، واللعنة الدائمة على أعدائه".

أهل الحق

الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، الشيخ قيس الخزعلي، قال في بيان بالمناسبة: إنه "في ذكرى استشهاد المرجع الثائر ورائدِ الصَحوة الإسلاميّة الرساليّة، والفيلسوف العظيم آية الله العظمى السيد الشهيد محمد باقر الصدر، وأخته العلوية الشهيدة الطاهرة بنت الهدى (رضوان الله تعالى عليهما)، نَتقدمُ بأسمى آيات المواساة، وأحرَّ التعازي إلى مولانا صاحب الزمان، الحُجة بن الحسن، وإلى مراجعنا العظام، وعُلمائنا الأعلام، والأُمة الإسلاميّة، وشعبنا العراقيّ العزيز، داعين المَولى القدير، أنْ يوفقنا للثبات على نهجهم، وإكمال مسيرتهم الظافرة، في مُجابهة الظُلم والطُغيان وأنْ نكونَ من الآخذينَ بثأرهم من الطغمة الصداميِّة الباغية، التي ارتكبت بحقهم جريمةً بشعةً يندى لها جبين الإنسانيّة، هذه الطُغمة الآثمة التي تَزامنت نهاية حِقبة حكمها السوداء في هذا اليوم، وسلمت عراق الحسين (عليه السلام) للاحتلال الأجنبي البغيض في يوم سقوطها".

وأضاف الخزعلي: "نحن إذ نستحضر ذكرى هذا اليوم، بكل ما فيه من أحداث جِسام، فإنّنا نُؤكد أنّ دماء شهيدنا العظيم والعلوية الطاهرة، كانت وستبقى مناراً يُضيء للأحرار طريق الفخر والعزة والفداء، وإنّنا سنبقى على العهد معهم نتبع خُطاهم، فهم خير قدوة وأُسوة لمن يطلب رضا الله سبحانه وتعالى، ويسعى لخدمة مشروع صاحب الزمان (عليه السلام) في إقامة دولة العدل الإلهي".


بيان الدعوة

وفي بيانه بالمناسبة، دعا حزب الدعوة الإسلامية، القوى والأحزاب والقيادات الشيعية إلى الوحدة، وقال المكتب السياسي للحزب في بيان، تلقته "الصباح": إن "نظام البعث النازي أقدم في 9 نيسان من عام 1980 على ارتكاب جريمته النكراء بإعدام المرجع القائد والمفكر الفذ الإمام الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) وأخته العلوية الشهيدة بنت الهدى (رض)"، مبيناً أن "هذه الجريمة التي ستبقى صفحة سوداء في تاريخه الدموي، يلاحقه خزيها على مرّ الأجيال والدهور، لأنها انتهاك صارخ لكل القيم الإنسانية والإسلامية، وتجاوز على الشرائع والقوانين السماوية والأرضية فكانت نكبة الأمة الإسلامية بها كبيرة، وخسارتها فادحة، إذ إن غياب هذه القامة العلمية والفكرية والعقلية العظيمة التي رفدت الفكر الإسلامي والمعرفة الإنسانية بأبحاث معمَّقة ومؤلفات فذَّة شكل منعطفاً كبيراً في تاريخها المعاصر".

وأضاف، أن "الشهيد الصدر كان رجل المواقف الصلبة، فلم يساوم على مبادئه، ولم يتنازل عن آرائه، وبقي وفيّاً ومؤمناً بقضية شعبه العادلة وحريته، ومندفعاً في العمل من أجل خلاص العراقيين من القبضة البعثية الجاثمة على صدورهم، ومدافعاً عن حقوق مكوناتهم كافة بلا تمييز أو انحياز"، مشيراً إلى أن "تمسكه بأهدافه، وإخلاصه، وتضحيته بدمه الطاهر، قد أطلق تياراً إسلامياً جهادياً كبيراً، وحركة سياسية معارضة عارمة، ملأت الساحات بالرجال والمجاهدين بكل عناوينهم وقواهم 

وقياداتهم".

وتابع بيان حزب الدعوة، أن "التيار الإسلامي المتصدِّي اليوم بشتَّى تجلياته، والذي يتصدَّر الساحة السياسية العراقية، هو وليد فكر الشهيد الصدر وتضحيته ومواقفه ودوره، فهو مؤسسه، ومنظّره، وقائده، ووارثه، وعلى كل المنتمين إلى هذا (الصدر الشامخ) كعنوان سياسي، أو نظرية فكرية أو سياسية، أو مسؤول في الدولة، أو قيادي، أو متصدٍّ للشأن العام، أن يستعيد وصايا الشهيد الصدر وسيرته العطرة، ويستلهم من مواقفه الاستقامة، والنزاهة، والتضحية، والعمل المخلص؛ لأنه عمل، وكتب، وأسس حزب الدعوة الإسلامية، وتصدّى للمرجعية، وضحّى، ونذر، حياته دفاعاً وانتصاراً لمشروع قائم على الأركان الثلاثة: العقيدة، والأمة، والوطن".

وأكمل: "إننا في حزب الدعوة الإسلامية، إذ نفخر بانتمائنا إلى الشهيد الصدر تأسيساً وهوية وفكراً وخطاً وقيادة ومرجعية رشيدة مباركة، نجد اليوم أنها تتجسّد بمرجعية المرجع الأعلى الإمام السيد السيستاني (دام ظله) وحكمته التي حمت العراق في المنعطفات الخطيرة التي مرّ بها البلد بعد سقوط حكم البعث الغاشم، وما زلنا جميعاً نعيش تحت ظله المبارك".

وأشار البيان، إلى أنه "لا غرابة في اقتران يوم شهادته مع يوم سقوط الطاغية ونظامه الديكتاتوري في 9 نيسان 2003، فشهادته قد صعّدت من وتيرة العمل المعارض والتصدي للبعثيين، وأطلقت الغضب الثوري الذي اجتاح أوساطاً مختلفة من العراقيين المضطهدين، الذين كانوا يترقَّبون سقوطه المريع يومياً نتيجة ضعفه وانهياره وانحسار قوته".

ودعا حزب الدعوة الإسلامية، في ذكرى شهادة الرمز والقائد والمرجع السيد الصدر، القوى والأحزاب والتيارات والقيادات الإسلامية في الساحة الشيعية إلى "الوحدة، والحوار الجاد، بغية فتح مسارات جديدة للعملية السياسية تُنعش أمل العراقيين وتستعيد ثقتهم، عبر توفير الخدمات، وضرب الفساد والفاسدين، واقتلاع جذورهم، وإبعادهم عن مواقع التسلُّط على المال العام"، مطالباً "القوى الوطنية المخلصة بالالتقاء على مشروع وطني تضامني جامع يحمي البلاد، ويدافع عن التجربة الديمقراطية التي جاءت بعد تضحيات غالية، ومخاضات عسيرة، وانتظار طويل".


كلمات الحكيم

من جانبه، شدد رئيس "تحالف قوى الدولة الوطنية" السيد عمار الحكيم على أهمية الحفاظ على اللحمة الوطنية في الذكرى الثانية والعشرين من سقوط النظام البائد والذكرى السنوية لاستشهاد السيد الصدر الأول.

وقال السيد الحكيم في بيان بالمناسبة تلقته "الصباح": "في التاسع من نيسان نعيش مناسبتين مهمتين تتجلى فيهما السنن الإلهية والإرادة الربانية أن يجتمعا مع بعضهما ليمثلا علامة فارقة في تاريخ العراق، استشهاد الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر وأخته الجليلة العالمة الفاضلة السيدة بنت الهدى (قدس سريهما)، وسقوط نظام الاستبداد الذي ارتكب أبشع الجرائم بحقِّ العراقيين بمختلف مكوناتهم".

وأكد، أن "إقدام الديكتاتورية على اغتيال الشهيد الصدر يمثل خسارة فادحة تكبدتها الإنسانية جمعاء، كونها فقدت علماً بارزاً أثرى المكتبة العالمية بآثاره المعرفية الجمَّة، وفي مختلف الصعد".

وأضاف السيد الحكيم، أنه "بهذه المناسبة نجدد دعوتنا إلى القوى الوطنية لتوحيد صفوفها والتعالي على المصالح الفئوية والحزبية، والانطلاق صوب تحقيق ما يصبو إليه أبناء شعبنا، وتحكيم العقل والمنطق، والاحتكام إلى الدستور في مواطن الخلاف، والحفاظ على اللحمة الوطنية، وحماية الوطن في هذا المنعطف الحساس الذي تمر به المنطقة والعالم".


حفل مؤسسة الشهداء

في غضون ذلك، أقامت مؤسسة الشهداء، برعاية رئيسها الدكتور عبد الإله النائلي، حفلها السنوي بمناسبة ذكرى سقوط النظام الصدامي وإعدام المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية الشهيدة بنت الهدى (رضوان الله تعالى عليهما)، وذلك تحت شعار: "سقوط الطغاة انتصاراً لدماء الشهداء".

وشهد الحفل حضوراً رسمياً وشعبياً واسعاً، بمشاركة عدد من الشخصيات السياسية والدينية البارزة، من بينهم نائب رئيس المؤسسة الحقوقي يوسف عبد الجبار أرهيف، وممثل حزب الدعوة الإسلامية الشيخ عبد الحليم الزهيري، وعضو مجلس النواب النائب حسين مؤنس، والأمين العام للتيار الرسالي الشيخ عدنان الشحماني، إضافة إلى عدد من المديرين العامين، وذوي الشهداء، ونخبة من المثقفين والإعلاميين.

وفي كلمة له خلال الحفل، أكد النائلي أن "استذكار هذه المناسبة يمثل وقفة وفاء لدماء الشهداء، وانطلاقة من ذاكرة العراقيين التي ارتبطت بسقوط الطاغية وبداية مرحلة جديدة من الأمل والتحرر". ووصف الشهيد الصدر بأنه "فقيه بارع، ومفكر متفرد، سبق زمانه ورفض مهادنة الطغاة"، مشيراً إلى أن "اغتياله واغتيال أخته العلوية لم يكونا مجرد جريمتين سياسيتين، بل إعداماً للفكر والعلم، واغتيالاً للكرامة والنبوغ والأمل".

كما أشاد النائلي؛ بدور القوات الأمنية وجهاز الأمن الوطني في إلقاء القبض على المتهم سعدون صبري، المنفذ لحكم الإعدام بحق الشهيد الصدر وأخته، معتبراً هذه الخطوة "انتصاراً للعدالة"، ومطالباً ببذل المزيد من الجهود لملاحقة جميع مرتكبي الجرائم بحق الشعب 

العراقي.