في إجراءات مكافحة غسيل الأموال

اقتصادية 2024/07/28
...

محمد شريف أبو ميسم

يُقصد بكلمة غسيل الأموال إضفاء الشرعيَّة والصفة القانونيَّة على أموال مكتسبة بطرق غير شرعيَّة وغير قانونيَّة، كما في تعاطي الرشوة والاختلاسات والغشِّ التجاري وتزوير النقود، وتجارة المخدرات والسلاح وكذلك مكافآت أنشطة الجاسوسيَّة.
وتُعدّ هذه الظاهرة من أخطر الظواهر العالميَّة التي أرّقت المعنيين بمحاربة الفساد ومراقبة التبادلات والتعاملات الماليَّة الخاصَّة بعصابات الاتجار بالبشر والمخدرات وتهريب السلاح وتمويل الإرهاب، فتأسَّست على إثر ذلك منظمات دوليَّة وأبرمت اتفاقيات للحدِّ من هذه الظاهرة التي ظلّت ملاصقة لحالة الفساد المالي والإداري التي يشهدها العالم عموماً.
ومن هذا المنطلق تحرص عموم المصارف العالميَّة على تنفيذ توصيات الجهات ذات العلاقة بهذا الشأن وفي مقدَّمتها توصيات مكاتب مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب عبر آليات تطوَّرت إلى الحدِّ الذي يجعل الزبون لا يشعر بالإجراءات الرقابيَّة ويمنح (موظف الامتثال وهو المسؤول عن هذا الشأن) ثقة وهو يحصل على البيانات المطلوبة لمتابعة حركة الأموال ومصادرها دون إحراج في ما يبقى الزبون مدلّلاً دوماً وعلى حقّ.
وبناء على ما تقدّم نسجِّل هنا ملاحظة متعدّدة الملامح ما زالت تتكرَّر في بعض فروع المصارف العاملة، على الرغم من إدخال التقانات واختزال حلقات الترهّل في الأداء من خلال تطبيقات النظام المصرفي الشامل وعلى الرغم من توصيات الجهات ذات العلاقة بشأن حماية الجمهور بهدف إعادة الثقة وتشجيع الجمهور على الادخار وزيادة التعامل مع القطاع المصرفي ومن ثمَّ المساهمة في تدوير المدخرات عبر رفع نسب الائتمان وبالتالي دعم محاور التنمية المستدامة من خلال سحب الكتلة النقديَّة المكتنزة لدى الجمهور إلى ساحة التداول المصرفي.
إذ تُلزم المصارف العاملة عموم زبائنها الذين يريدون فتح حسابات جارية أو توفير أو حسابات الودائع ملء استمارة "اعرف زبونك KYC" التي من خلالها يتمّ الحصول على المعلومات التي تخصّ الزبون (وثيقة رسميَّة بطاقة وطنيَّة أو جواز سفر، بطاقة سكن أو تأييد سكن موقع من الجهات ذات العلاقة، صور خلفيَّة بيضاء، وكثير من الفروع تطلب كفالة شخص يسمَّى الشخص التعريفي، إذ يقوم هذا الشخص بالإقرار بأنه يعرف الشخص في حال فتح حساب جار) ثم يثبت مصدر الأموال المودعة ويتم التوقيع على الاستمارة، وكلّ هذه الإجراءات التي تتم في ظروف متباينة بين فرع وآخر في جانب، وعندما يريد الزبون سحب أمواله أو بعض من أمواله المودعة في حساب التوفير مثلاً في جانب آخر، إذ يُلزَم من جديد (في بعض الفروع) بملء استمارة "اعرف زبونك" ، والأدهى من ذلك أن يكون ملزماً بتحديد وجهة صرف هذه الأموال، كأن يأتي بمكاتبة في حال شراء سيارة أو شراء منزل وبخلافه سيكون غير مرغوب به في التعامل مع المصرف مرةً أخرى، وهذا ما أبلغت به شخصياً في أحد المصارف.