ينابيع الشَّهادة.. وجهٌ مشرقٌ لبابل

ريبورتاج 2024/07/29
...

 أ.د. عامر صباح المرزوك


تُعدُّ النَّشاطات والمهرجانات الفنِّيَّة الحدث الأهمَّ والأبرز في محور عمل النِّقابات والمؤسَّسات الفنِّيَّة بكلِّ تنوُّعاتها، كوَّنها الوجه المشرق للمدينة، وفرصة لجميع الفنَّانين روَّاداً وشباباً ليتواصلوا في ما بينهم، للاستمرار في العطاء الفنِّيِّ خدمةً للحركة الفنِّيَّة العراقيَّة.

صدر كتاب (ينابيع الشهادة: التأسيس والإنجازات 2012 - 2024م) تأليف الفنان زهير المطيري عن دار الفرات للثقافة والإعلام بواقع (284) صفحة من القطع المتوسط وضمن إصدارات نقابة الفنانين في بابل.

انطلقت فعاليَّات الدَّورة الأولى من مهرجان ينابيع الشَّهادة المسرحيِّ للمدة 18 – 20 / 1 / 2012م الَّذي أقامته نقابة الفنَّانين العراقيِّين/ فرع بابل بمشاركة مسرحيَّة محلِّيَّة منوَّعة، ومعرض تشكيليّ، ومحور بحثيّ، وجلسات نقديَّة، وجوائز، واستمرَّ المهرجان سنويًّا ليتطوَّر وينفتح على المحافظات العراقيَّة واللِّجان والضُّيوف، إلى أنْ وصلنا اليوم إلى النُّسخة العاشرة منه، استمرارًا لما قدَّمه المؤسِّسون لهذا المهرجان وعلى رأسهم الفنَّان الرَّائد زهير المطيري الَّذي كان يترأَّس الهيئة الإداريَّة لنقابة الفنَّانين في بابل

وقتذاك.

لهذا المهرجان خصوصيَّة وذكرى عطرةً، كونه من المهرجانات الأولى عراقيًّا الَّتي اهتمَّت بقضيَّة الإمام الحسين (عليه السَّلام) فنِّيًّا، وبتنوُّع المشاركات (مسرح، تشكيل، موسيقى، سينما)، متَّخذًا من مفهوم (الشَّهادة) السِّمة الكبرى له، ليجمع بين واقعة الطف الكبيرة من جهة، ومفهوم العدالة والتَّضحية والشَّجاعة 

من جهة أخرى، وكلَّ هذه الثيِّمات تصبُّ في القضيَّة الحسينيَّة الَّتي نسعى جاهدين أنْ ندافع عنها، وننتمي لها، وأنْ نفكِّر كيف نقدِّم أعمالاً فنِّيَّة كبيرةً تليق باسم الحسين (عليه السَّلام)، وتواكب الحياة المعاصرة، وتقدَّم الحلول النَّاجعة لها.

حوى الكتاب نتاج الدَّورات التِّسع لمهرجان ينابيع الشَّهادة المسرحيِّ منذ تأسيسه حتَّى الدَّورة التَّاسعة الَّذي عقدت عام 2022م، وسبقتها البدايات الفنيَّة الحسينيَّة الَّتي دفعت الفنَّان زهير المطيري إلى تأسيس هكذا نوعٍ من المهرجانات بعد سقوط النِّظام البائد، وتشكيل فرقة مسرحيَّة باسم فرقة أحباب الحسين (ع) للمسرح الحرِّ والَّذي كان باكورة أعمالها هي مسرحيَّة (سيِّد السَّاجدين) (ع)، وعرضت بتاريخ 19 / 3 / 2004م في حسينيَّة الجمعيَّة في وسط مدينة الحلَّة، واستمرَّت النَّشاطات الحسينيَّة في تقديم العروض المسرحيَّة في أماكن ومناسبات دينيَّة مختلفة حتى جاء عام 2012م فتمت إقامة المهرجان، وتقديم أوَّل عروضه من إخراج الفنان زهير المطيري أيضًا.

 عانى هذا المهرجانِ كثيرًا منْ شحِ الدعمِ وعدمِ التواصلِ - بشكلٍ مستمرٍ - كترتيبٍ زمنيٍ موحدٍ، حالهُ حالُ أيِ مهرجانٍ دوليٍ أوْ حتى محليٍ، لكنَ الإصرارَ والعزيمةَ كانتْ هيَ الأقوى منْ أجلِ أنْ يبقى المهرجانُ، وكنتُ أحدُ جنودهِ الذي عملوا في لجانهِ منذُ تأسيسهِ، وهناكَ الكثيرُ منْ الفنانينَ البابليينَ روادًا وشبابًا ممنْ قدموا جهودًا نبيلةً لاستمرارِ هذا المهرجانِ الذي أصبحَ بصمةً جميلةً باسمِ محافظةِ بابلَ العزيزةِ، ولا ينسى أيضًا مشاركةً الفنانينَ العراقيينَ المؤمنينَ بالدورِ الفنيِ الكبيرِ الذي قدمتهُ نقابتنا في بابلَ، وكلَ الشكرِ والتقديرِ لكلٍ منْ دعمِ هذا الحدثِ الفنيِ سواءٌ كانت مؤسساتٍ أوْ أشخاصاً، فقدْ تمَ ذكرهمْ في جميعِ فولدراتْ المهرجانِ باختلافِ سنيهْ . 

 ختمَ الكتابُ بمجموعةٍ منْ الشهاداتِ الحيَّة التي واكبتْ المهرجانَ عبرِ سنيهْ، وبينتَ أهميتهِ وخصوصيتهِ منْ بينِ المهرجاناتِ المسرحيَّة العراقيَّة التي اختصتْ بقضيَّة الإمام الحسين (ع)، وكتبها كلٌ من: د. سعدْ عزيزْ عبدِ الصاحبْ، أحمدْ عباسْ علي، علي عبدِ النبي الزيدي.ِ 

 أخيرًا أُبُارك إلى الفنَّان الرَّائد زهير المطيري وهو يؤلِّف كتابًا خاصًّا عن (مهرجان ينابيع الشَّهادة المسرحيِّ)، كونه الأقرب إلى هذا الحدث المسرحيِّ البابليِّ المهمِّ، وأتمنَّى له كلِّ التَّوفيق والصِّحَّة ليرفدنا بمنجزه الفنِّيِّ والمسرحيِّ والثَّقافيِّ الَّذي امتدَّ لأكثر من خمسين عامًا.