السوداني: البنى التحتية تنامت في كل مدن العراق

بغداد: متابعة الصباح
وصف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، القمة العربية المرتقب انعقادها الشهر المقبل ببغداد بأنها حديث يليق بالعراق ومكانته، وبينما أعلن رفضه بأنْ يتحوّل التنافس السياسيّ إلى التشهير، وطمس الحقائق، أكد أن تحدّي تقديم الخدمات وتأمين العيش الكريم للعراقيين لنْ يكون ملفاً سياسياً أو انتخابياً وان البنى التحتية تنامت في كل مدن العراق. جاء ذلك، خلال مشاركته، أمس الأربعاء، في "ملتقى السليمانية الدولي التاسع"، الذي تقيمه الجامعة الأميركية في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، بحضور أكثر من 700 شخصية سياسية وفكرية وأكاديمية محلية وعربية ودولية.
وحيّا السوداني، في كلمة ألقاها، الجهود المبذولة في إقامة هذا الملتقى بمحافظة السليمانية التي تعيش أجواءَ التنمية المتصاعدة، كحال مدن إقليم كردستان العراق، وباقي محافظات بلدنا العزيز، مؤكداً المضيّ في تأسيس مقومات الدولةِ القوية، ومنظومة الحكم المسؤولة في ظلِّ اقتصاد يسعى للتنوّع والتجديد.
كلمة رئيس الوزراء
وقال رئيس الوزراء: إن "السليمانية اليوم تعيش أجواء التنمية المتصاعدة وتحصد ثمرة الاستقرار والازدهار، وقد كان سعينا، منذ اليوم الأول لتولي المسؤولية، أن يكون العراق أولاً".
وأوضح، أن "العلاقة بين بغداد وأربيل انتقلت إلى حوار فني وقانوني، وهذه سابقة تحدث لأول مرة"، مؤكداً أن "قانون النفط والغاز أصبح ضرورة ملحَّة".
وأضاف، أن "القمة العربية حدث مهم يليق ببغداد، وقد وجهتُ دعوة إلى الرئيس السوري، أحمد الشرع لحضورها".
وتابع: "لقد عاش شعبنا سنواتٍ طويلة من القهر والضغط، وتحمل أعباء المغامرات والاعتداءات، ونحن اليوم ندخل الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين، وبلادنا تزخر في كل ركن من أركانها بقصة نجاح فريدة".
وأشار، إلى أنه "في كل مدينة عراقية توجد ورشة عمل خدمية وعمرانية لا تهدأ، كما أولينا ملف (تمكين الشباب) رعاية استثنائية، فالشباب هم سلاحنا الأول في مواجهة تحديات المستقبل".
وأكد، أن "البنى التحتية تنامت في كل مدن العراق، وانخفض عدد المشاريع المتلكئة الموروثة إلى أقل من 850 مشروعاً بعد أن كانت تُعدّ بالآلاف"، موضحاً: "شرعنا في تنفيذ أكبر خطة إنتاجية لبناء محطات الكهرباء، ودخلنا لأول مرة في مشاريع الطاقة الشمسية والنظيفة والمتجددة"، وتابع، أن "نسبة إيقاف حرق الغاز تجاوزت 70 بالمئة"، مبيناً أن "العراق بحاجة إلى إصلاحات جريئة وشاملة".
وأعرب السوداني عن استغرابه، قائلاً: "من غير المقبول أن يتحول التنافس السياسي إلى استخدام مفردات التشهير وطمس الحقائق بشأن الأداء الحكومي"، مستدركاً: "تقديم الخدمات وتأمين سبل العيش الكريم لكل العراقيين لن يكون ملفاً سياسياً أو انتخابياً".
وأكد، أن "القيمة الحقيقية لأي إصلاح تكمن في الوصول إلى الفئات الفقيرة والمهمَّشة وإنقاذها من براثن الفقر"، مشدداً على أن "الحكومة ماضية في تأسيس مقومات الدولة القوية".
وأكمل، أن "العوائد الجمركية ازدادت بنسبة 128 بالمئة، وتراجعت نسبة التضخم السنوية، كما انطلق العراق بثقة في ملفات الزراعة، وضمان الأمن الغذائي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي".
وأوضح السوداني، أن "العراق أصبح محطة لصناعة الاستقرار، وهو مستعد لأن يكون شريكاً موثوقاً وعنصراً فاعلاً في تحقيق الاستقرار الإقليمي"، لافتاً إلى أن "العراق حافظ على مواقفه الثابتة والمبدأية، خصوصاً في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية".
وأكد، أن "الدولة القوية هي دولة المؤسسات التي تضع العراق أولاً وتحترم الدستور"، مستدركاً: "العراق اليوم ليس كما كان في عام 2014".
وبيّن رئيس الوزراء، "سأرشح في الانتخابات المقبلة، فهي فرصة لدعم مشروع إصلاحي للعراق"، وأشار إلى أن "الحشد الشعبي جزء أساسي من المنظومة الأمنية، وكل العمليات الأمنية في العراق تُنفذ من قبل قواتنا الأمنية".
وأوضح، أن "التحالف الدولي موجود في العراق في إطار استشاري، والعراق يعدُّ عضواً أصيلاً في هذا التحالف"، مردفاً أن "علاقتنا مع واشنطن ستراتيجية، والعراق حريص على تطويرها".
لقاء على الهامش
وعلى هامش الملتقى المنعقد في السليمانية، التقى رئيس الوزراء، رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، حيث جرى استعراض الأوضاع العامة وأهم الملفات التنموية والاقتصادية على المستوى الوطني.
وأفاد بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، بأن "اللقاء شهد بحث الأوضاع السياسية في البلاد، ومناقشة الملفات المشتركة، والتأكيد على استمرار التنسيق والتعاون بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق، بما يعزز وحدة الصف الوطني، وخدمة مصالح العراق العليا، وكذلك التأكيد على أهمية ضمان الحقوق الدستورية لجميع المكونات، وتعزيز التعاون بين جميع القوى الوطنية، للحفاظ على أمن البلاد واستقرارها، ودعم جهود الحكومة الاتحادية في تنفيذ مشاريعها التنموية في عموم العراق".
وأضاف البيان، أن "اللقاء ناقش تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على العراق، والتأكيد على ضرورة إبقاء العراق بمنأى عن الصراعات، ودعم المبادرات التي تنتهج الحلول السلمية والحوار في تسوية الأزمات الإقليمية".
الشبكة في الملتقى
وانطلقت صباح أمس الأربعاء، فعاليات ملتقى السليمانية الدولي التاسع بحضور كبار الشخصيات السياسية، حيث يجمع الملتقى تحت سقف واحد أكثر من 700 شخصية سياسية، فكرية، وأكاديمية، من داخل العراق وخارجه.
وشارك في الملتقى، وفد من شبكة الإعلام العراقي، برئاسة رئيس الشبكة، كريم حمادي ورئيس مجلس الأمناء، ثائر الغانمي، وعضو المجلس ئالان عبد الله، وعدد من مديري المديريات.
ويتناول الملتقى جملة من المحاور والملفات الحساسة، لعلَّ من أبرزها الوضع السياسي في العراق، والعلاقة بين بغداد وأربيل، والتحديات الاقتصادية، وتأثير المتغيرات الإقليمية والدولية في مستقبل البلاد، إذ يعدُّ الملتقى فرصة نادرة لتبادل وجهات النظر بصدق وشفافية بعيداً عن الضغوط السياسية، ومن المؤمل أن تُترجم هذه النقاشات إلى خطوات عملية، بحسب القائمين عليه.
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة جامعة السليمانية، رئيس الجمهورية السابق، برهم صالح: إن "جامعة السليمانية في ملتقاها أصبحت منصة للتطور وإيجاد فرص للشباب"، مبيناً أنه "نسعى إلى جعل العراق والإقليم مكاناً أفضل مما توارثناه في الماضي".
وتابع: "لم يكن هذا الملتقى ممكناً لولا دعم حكومة الإقليم وهذه المساحة التي يمكن من خلالها مناقشة الاختلافات والتكلم عن التاريخ الذي يجمعنا".
حوار الإقليم
من جانبه، أكد رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، أن رؤية رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، في حلِّ الخلافات بين بغداد وأربيل صحيحة.
وقال بارزاني، في كلمته خلال الملتقى: إن "العالم يشهد تغييرات جذرية وسياسية كبرى والتي تغير العلاقات الدولية والتوازنات الإقليمية والدولية"، مشيراً إلى أن "الحروب مثل ما يحدث في أوكرانيا وغزة، والتنافس الاقتصادي المحتدم، تؤثر في كل المنطقة".
وأضاف، أن "العالم يواجه تحديات مشتركة في مجال التغير المناخي، الذي يمثل خطراً على الأمن الغذائي، والهجرة، والإرهاب، والمخاطر الأخرى ، فالكثير من السكان حول العالم اضطروا لتغيير أماكنهم بسبب تلك الأحداث"، مطالباً "المجتمع الدولي بتحمل المسؤولية المشتركة تجاه القضايا العالمية التي تهمُّ البشرية كلها".
وتابع: "يسرّنا أن نشهد التغييرات في المنطقة وتحقيق السلام، ونؤكد دعمنا لجميع الجهود السلمية، وندفع بأي فرصة لإحلال السلام في المنطقة"، مضيفاً أن "السعي للسلام هي قوة ونهج للمؤمنين به، وليست فيه هزيمة لأحد".
وأشار، إلى أن "العالم يواجه تحديات مشتركة، ويجب أن تكون الحكومة السورية معبّرة عن جميع مكوناتها"، مؤكداً أن "إقليم كردستان يؤمن بالتكامل، وأن تقدم الإقليم يُعدُّ قوة كبيرة تُضاف إلى العراق".
وشدد بارزاني، على "الالتزام الثابت بالدستور العراقي، وأن رؤية رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني في حلِّ الخلافات بين بغداد وأربيل صحيحة"، داعياً إلى "تفعيل برلمان كردستان والإسراع في تشكيل حكومة الإقليم".
حديث الحكيم
بدوره، أوضح رئيس تيار الحكمة الوطني، السيد عمار الحكيم، أن تعديل قانون الانتخابات "رغبة أحادية" لا تحظى بتوافق وطني.
وقال السيد الحكيم في كلمة له بملتقى السليمانية التاسع: إن "الحكومة الحالية حققت تنوعاً في مصادر الطاقة، واستثمرت الغاز المصاحب".
وأضاف، أن "الأعراف التي تتقاطع مع الدستور غير مقبولة"، منوهاً بأن "قانون الانتخابات استغرق منا وقتاً طويلاً من أجل تشريعه، ولم يُنفّذ في أيٍّ من انتخابات مجلس النواب السابقة".
وأشار السيد الحكيم، إلى أن "التعديلات على القوانين عادةً ما تأتي بعد تجارب معينة، وفي حال ظهور إشكالات محددة، تبدأ الكتل والقوى السياسية بترميم تلك الإشكالات"، مبيناً "أننا لم ندخل الانتخابات وفق هذا القانون لنكتشف ثغراته، بل تم تطبيقه فقط في انتخابات مجالس المحافظات".
وأوضح، أن "انتخابات مجالس المحافظات تُعدّ الأفضل والأهدأ بين التجارب السابقة، حيث أوجد القانون توازناً بين عدد الأصوات وعدد المقاعد"، مشدداً بالقول: "لسنا مع إجراء تعديلات على قانون الانتخابات الحالي".
وبيّن السيد الحكيم، أن "الذهاب نحو التعديل يُعدّ إحراجاً للمفوضية من حيث التوقيت"، مؤكداً أن "قانون الانتخابات الحالي يُعدّ منصفاً"، وأكد أن "تعديل القانون هي رغبة أحادية لا تحظى بتوافق وطني".
آراء الأمم المتحدة
إلى ذلك، ذكر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، أن عراق اليوم مختلف عن السابق ويجب الحفاظ على المكاسب.
وقال الحسان في كلمة بالملتقى: إن "العراق وصل إلى مرحلة لا يحتاج فيها إلى بعثة الأمم المتحدة"، لافتاً إلى أن "عراق اليوم مختلف عن السابق ويجب الحفاظ على المكاسب".
وأضاف، أن "العراق أمام استحقاق دستوري وهي الانتخابات والتي نعمل على نجاحها لتثبيت مسيرة التنمية والإصلاح"، مشيراً إلى أن "المنطقة بحاجة إلى استقرار
العراق".
ولفت الحسان، إلى أنه "أما آن الأوان أن يعيش سكان الشرق الأوسط بأمان واستقرار"، مبيناً أنه "في السنوات الماضية كان الوضع في المنطقة عبارة عن احتلال وتدخلات خارجية".
وتابع، أنه "قبل سنوات بسيطة كان الأطفال في العراق وغزة يقتلون على مرأى ومسمع وأنظار الجميع، فضلاً عن بيع نساء المكونات الأخرى ومنها الإيزيديات كسلع على يد عصابات متطرفة وهذا غير مقبول"، مؤكداً أنه "يجب أن تتضافر جهود الجميع لإطلاق العنان لواقع جديد".