العراق يخطو بنجاح نحو إيقاف حرق الغاز

ريبورتاج 2024/07/30
...

 نافع الناجي

يرى مراقبون أن التوجه نحو توسعة الاستثمارات بقطاع النفط، هو خطوة إيجابية تزيد من الواردات المالية للبلاد، وتقلل من تلوث الهواء الناجم عن حرق الغازات، في الوقت الذي باشرت وزارة النفط بتصدير أولى الشحنات من غاز البروبان (المسال) بكميات تجاوزت الـ 11 ألف طن، بينما تستمر الجهود الحكومية للتوسع في استثمار الغاز المصاحب عبر تعاقدات ضخمة مع كبريات شركات الطاقة العالمية.


تصدير الغاز المسال
مسؤولون في قطاع الغاز أشاروا إلى أن خطة استثمار الغازات التي كانت تحرق سابقاً وتلوث سماء البصرة وميسان مستمرة بشكل تدريجي، بينما كشفوا عن تحقيق الاكتفاء الذاتي للعراق بالحاجة إلى الغاز الجاف، وتصدير السائل منه إلى دولٍ عديدة منها سلطنة عمان وبنغلاديش والهند، فضلا عن خطة لتصدير الغاز المبرد للضغط المنخفض إلى كوريا والصين واليابان.
وقال الخبير في مجال الطاقة ماجد عبد الحميد: إن "تصدير هذه الشحنة لغاز البروبان، هي بكل تأكيد خطوة إيجابية وتطبيق للخطة التي أعدتها الحكومة بتصدير الغاز بدلاً من حرقه وإتلافه، فضلاً عن خفض التأثيرات البيئية التي يحدثها حرق هذا الغاز".
وحول أهمية تصدير العراق نحو 11000 طن من غاز البروبان في أول شحنة له عبر الخليج، أردف عبد الحميد "من الناحية العملية فالخطوة يمكنها أن تعطي تفاؤلاً نحو التطور النسبي في صناعة الغاز، بالرغم  من محدودية الكمية المصدّرة، ولكن العراق سيعمل على رفع مستوى الإنتاج في المستقبل، كما أنها يمكن أن تكون نواة أساسية لتحسين مستوى العلاقات التجارية، وربما تكون أيضاً كحافزٍ أساسي للشركات الاستثمارية للتوجه نحو الاستثمار في الغاز العراقي".

التصدير لآسيا وأفريقيا
المهندس الكيميائي ناصر محمود، أوضح أن "طبيعة المادة المصدّرة هي مادة (LPG) وهو الغاز النفطي المسال، وهذه المادة يمكن تصديرها بحالتين، الحالة الأولى التي بدأنا بتصديرها بالضغط العالي، وهذا يعني أن الأسواق الخاصة بهذا النوع تكون قريبة وكمياته محدودة، مثل سلطنة عمان وبنغلاديش أو الهند".
مضيفاً "كما يمكننا إيصال هذا النوع من الغاز إلى بعض الدول في أفريقيا"، مستدركاً "لكن خطة شركة غاز البصرة هي العمل على تصدير الغاز السائل ذي درجات الحرارة المنخفضة، وهذا ممكن أن يصل إلى دول بعيدة جغرافياً مثل كوريا الجنوبية والصين واليابان وغيرها من دول جنوب شرق آسيا".

تطوير الموارد النفطية
ومع سعي وزارة النفط لتوسعة الاستثمارات النفطية عبر التعاقد مع كبرى الشركات العالمية، تسير وزارة النقل باتجاه تطوير الموارد النفطية التابعة لها في خور الزبير، وهي خطوة ستنوّع من الإيرادات المتحققة للدولة من دون الاعتماد على تصدير النفط فقط.
الشركة العامة لموانئ العراق تبدو مصرّة على إتمام خطط الحكومة بتنويع مصادر الدخل العراقي وواحد من أهم هذه المصادر هو تطوير الموانئ، وبحسب مصدر إعلامي في شركة الموانئ، فبإتمام هذه المشاريع سيذهب جزء كبير من إيرادات الموانئ العراقية إلى خزينة الدولة ويعزز إيراداتها غير النفطية، ومع التوسع في الصادرات العراقية المتأتية من الاستثمار لا سيما الغاز من جهة، والتوتر المستمر بين روسيا وأوكرانيا وحلفائها من جهة أخرى، يشكّل العراق موقعاً متميزاً بين دول العالم لسياسته المعتدلة.

إنتاج حقل الحلفاية
من جهتها، كشفت شركة نفط ميسان عن شروع كوادرها بشحن أول حوضيتين من منتوج الغاز المسال من منصات ‏التحميل في مشروع استثمار ومعالجة الغاز المصاحب في حقل (الحلفاية) الواقع بمنطقة الكحلاء جنوبي مدينة العمارة.‎
وذكر مدير هيئة الإنتاج والتصريف المهندس كاظم صالح، أن "إنتاج هذا النوع من غاز الطبخ المسال، يعد الأول ‏من نوعه في محافظة ميسان"، لافتاً إلى أن "المشروع ‏سينتج ما بين (850 - 1200) طن يومياً، تسوّق منها كمية مئتي طن إلى فرع شركة تعبئة وخدمات الغاز في ‏المحافظة، بينما يسوّق الإنتاج المتبقي إلى المحاور التابعة إلى شركة التعبئة في محافظات بغداد، واسط و‏ديالى".
ومن المؤمل أن يتمكن المشروع الذي تنفذه شركة‎ (CPECC) ‎الصينية من الوصول إلى طاقة (300) ‏مليون قدم مكعب قياسي، وهو أحد المشاريع التي تمثل أهمية كبيرة من ‏الجوانب الاقتصادية والتنموية ‎في البلاد، بحسب صالح.
يذكر أن غاز البروبان يندرج ضمن إطار الغاز السائل أو الغاز النفطي المسال وهو يختلف كثيراً عن الغاز المستخدم كوقود في تغذية محطات الطاقة الكهربائية، وهذا الأخير هو الغاز الطبيعي الجاف ويحتوي كمركب رئيس يشكّل الميثان النسبة الأكبر منه، بينما غاز البروبان غاز مسال أو غاز نفطي مسال يختلف تماماً ولا يستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية، ولهذا يصدّر العراق الفائض من هذا الغاز.
ويبلغ احتياطي العراق 132 تريليون متر مكعب قياسي من الغاز، وهو بالمرتبة 13 من احتياطيات الغاز الطبيعي عالمياً.