باريس: غيث طلال
قصر الإليزيه هو المقر الرسمي للرئيس الفرنسي ويضم أيضا مكتب رئيس الدولة ومكان اجتماع مجلس الوزراء، يقع القصر بالقرب من شارع الشانزلزيه في العاصمة باريس، وعلى الرغم من البدء في بناء القصر في القرن الثامن عشر، وإجراء الكثير من التعديلات عليه خلال القرون التالية، فإنه حافظ على تصميمه القديم .
يرجع تاريخ البناء إلى العام 1718، حينما اشترى الكونت هنري لويس قطعة أرض وشيَّدَ عليها قصرا يسكن فيه، وقد تمَّ بناؤه ما بين الأعوام 1718 و1722، وبعد ان توفي الكونت هنري لويس عام 1753 جرى بيع القصر إلى جان أنتوانيت بواسون مركيزة بومبادور.
وبعد أن اشترته أجرت عليه بعض التعديلات، حيث كلفت المهندس المعماري لاسورانس بإعادة تصميم المجلس الرسمي والطابق الأول والحديقة، فصمم الرواق المعمد عند مدخل المبنى، وسياج الشجيرات، وقبل وفاة المركيزة، أوصت بالقصر إلى لويس الخامس عشر، الذي جعله في البداية مقرًا للسفراء فوق العادة بقرار ملكي، ثم حوِّل إلى مكان لعرض الصور الزيتية للمرافئ الفرنسية.وفي عهد لويس السادس عشر، خصص القصر لسكن السفراء فوق العادة، كما فعل جده من قبل. وفي عام 1787، باعه إلى ابنة عمه، دوقة بوربون، وخلال الثورة الفرنسية في نيسان 1793، قبض على دوقة بوربون، وخصص القصر لاستخدامات أخرى . وفي عام 1794، أصبح مقرًا لهيئة نقل القوانين والأنظمة، ودارًا للمطبعة التي تتولى طبع النشرة القانونية.
بعد إطلاق سراح الدوقة عام 1795، استعادت ملكية القصر في عام 1797، غير أنها بسبب ضائقة مالية أجّرت الدور الأرضي من القصر، وسمحت للتاجر هوفين وهو من سكان القصر المستأجرين، أن يهيئ غُرف الرسم والحديقة للرقص لعامة الناس، فقام ببناء رواقين مسقوفين على جانبي المدخل، ليسهل دخول الناس إلى الصالة الرئيسية الكبرى، وخلال هذا الوقت أخذ القصر اسم الإليزيه.
ثم عرضت الدوقة وهي في منفاها في إسبانيا القصر للبيع بالمزاد العلني، فاشترته عائلة التاجر هوفين، وأجرت بعض أجزائه سكنًا للناس ثم باعت ابنة التاجر هوفين القصر في عام 1805، لتسدد ديونها، فاشتراه جواكيم موراه مارشال فرنسا، وكلف المهندسَين بارتليمي فينيون وبارتليمي تيبو، بتجديده، وإحداث التغييرات اللازمة له. والتي شملت زيادة تصميم كنيسة مادلين، وبناء بيت السلم الكبير على يسار المدخل الرئيس وتصميم قاعة طعام ضخمة في الجناح الغربي، فيما حول رواق الصور إلى قاعة رقص، وهي القاعة المسماة الآن صالون موراه.انتقل الإمبراطور نابليون إلى جناح كارولين، وابتدأ حياته فيه عام 1809 إلى أن خرج في حملته على النمسا. وبعد انفصاله عن زوجته جوزفين، آلت إليها ملكية القصر، ثم استعاده نابليون في عام 1812، وبقي الإليزيه شاهدًا على تاريخ الإمبراطورية الفرنسية إلى ساعاتها الأخيرة، حيث وقع نابليون تنازله عن العرش فيه، وعلى وجه التحديد في غرفة البودوار الفضية.ومنذ بدايات الجمهورية الفرنسية الثانية، أصدرت الجمعية الوطنية مرسومًا يقضي بجعل قصر «الإليزيه الوطني» مسكنًا لرئيس الجمهورية الفرنسية، وهو الأمر الذي استمر في الجمهوريات الفرنسية الثالثة والرابعة والخامسة.