مختصون: أغاني الكبار تشوِّه ذائقة الأطفال

ثقافة 2024/07/31
...

 بغداد: رشا عباس

 تصوير: نهاد العزاوي 

يشعر البعض بالصدمة لما يسمعه من كلمات وأغانٍ يتلفظ بها الطفل أمامه لمغنين غير معروفين، بطريقة تدهش المتلقي في كيفية حفظ تلك الكلمات وأدائها بالحركات، فالانفتاح الإعلامي المرئي وتوفر أجهزة الموبايل بكثرة لدى تلك الشريحة المهمة، أخذ يؤثر بشكل سلبي في ذائقتهم.

بعد أن كانت المدرسة ورياض الاطفال هي المتنفس الوحيد لأطفالنا في حفظ الأناشيد والغناء ذات الأبعاد التربوية، والتي تنمي لديهم حب الخير والفضيلة والعلم والوطن. بات الطفل اليوم عرضة لتلقي سموم ذوقية وثقافية وفكرية خطيرة.


غياب درس الفنيَّة

"الصباح" استطلعت آراء بعض المختصين والمهتمين بالطفل، وسلطت الضوء على ذائقتهم، التي بدأت تنحدر بمستوى الأغاني الهابطة، التي يرددونها من دون رقابة، بغض النظر عن الكلمات والمحتوى. يقول الباحث حيدر شاكر:" غياب درس الفنية في أغلب المدارس الحكومية وتهميش مضمون الدرس من الأغاني والأناشيد الهادفة لطفل هما من دفع تلك الشريحة البريئة إلى الاستماع لأغاني الكبار، لا سيما الهابط منها الذي يدخل إلى عقولهم بسهولة ويترك أثرا سلبيا في داخلهم، من حيث الكلمات واللحن، حتى تتأثر تلك الذائقة، وهي تصدر من فنان لا يبالي بالثقافة الموسيقية وجمالها وبحورها غير المتناهية، مضيفا خلال تجربتي بموضوع الطفل، التي بدأت أمارسها بمدارس بغداد منتصف العقد السبعيني وحتى إعداد السطور، فإن سبب التغير بذائقة الاطفال، تتحمله الجهات المعنية بثقافة وتربية الطفل المسؤولية، وهي من جعلت الطفل يذهب بعيدا عن منطقته، ومن ثم الأهالي الذين يشجعون على لفظ كلمات لا تليق بعمره.

وأوضح شاكر، نحن ندرك أن الطفل هو أكثر مخلوق يستقبل كل ما يعرض عليه، إذن كيف لنا أن نؤسس لأغاني أطفال وذائقة في ظل ظروف وأفكار، بعيدة كل البعد عمّا يريده الطفل العراقي، مطالبا من جريدة "الصباح" أن تجعل هذا الموضوع في زاوية الأهمية وتتبنى فكرة إقامة ندوة ثقافية تخاطب الجهات المعنية والمختصين، ولفت انتباههم على تلك المشكلة، داعيا وزارة التربية إلى تفعيل درس الفنية وجعله درسا يخاطب ذائقة الطفل الموسيقيَّة. 


كائنٌ إيقاعي

اما الكاتب عبد الجبار حسن فقد أشار إلى أن للطفل خامة عقلية تتأثر بالمرئي والمسموع، وبطبعه وأساسه الاجتماعي والبيئي والانفعالي كائن إيقاعي كثير التأثر بما يسمعه وما يراه ويتأثر به تأثرا مباشرا، سلبا أو إيجابا، فأغاني الكبار تصدح ليلا ونهارا في مكبرات الصوت من مناطق الأفراح، لتنشر الفزع أولا والضجر في نفوس الكبار، والصغار أكثرهم حفظا لما يسمعون ويتكرر على مسامعهم في المحلة والبيت 

والشارع. تلك المسؤولية تقع على عاتق الجميع، فغياب الرقابة الرسمية اليوم، هي من شجعت الأصوات النشاز تبرز، الأمر الذي أثر تأثيرا سلبيا في مسيرة العملية التربوية، التي لم تنتبه عليها 

وزارتا التربية والثقافة ولا اللجان البرلمانية. 


طاقاتٌ وإمكانيات

الدكتور الفنان حسين علي هارف المهتم بثقافة الطفل أوضح أن العراق يمتلك عددا كبيرا من الشعراء والملحنين والمطربين المختصين بالطفل، ولديهم دراية كاملة بما يحتاجه، لا سيما في ظل الإسفاف الموجود من طارئي المهنة، تلك الطاقات والامكانيات تحتاج إلى دعم من الجهات المعنية، لتنهض بتلك الشريحة وتغير مسار ذائقتهم من ضمن الاحتياجات، هو عدم وجود فضائية خاصة بالطفل، يلجأ لها المنتج والفنان ويتابعها الطفل وهذا الموضوع طرح قبل أيام عند لقاء بعض من المهتمين بالطفل بدولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووعدنا بمساعدتنا في تنفيذ تلك الخطوة. 

موضحا نعم أغاني الكبار تؤثر في ذائقة الطفل، كونها تحمل الشجن والعواطف المفرطة، فضلا عن الكلمات غير المناسبة لإعمارهم ولا تلبي احتياجاتهم، مؤكدا أهمية أغاني الأطفال في مخاطبتهم وتمرير الأفكار والنصائح والإرشادات بطريقة خفيفة ومبسطة، بعيدا عن العنف 

والإجبار.