علي لفتة سعيد
إن العمل في مرحلة الشباب يختلف عن مرحلة الشيخوخة، التي تعد المحك الحقيقي للموظف، الذي يضمن حياته بالحصول على راتب تقاعدي، لذا فإن معادلة الآخر غير الموظف بالحصول على التقاعد، تأتي من خلال تفعيل قانون الضمان الاجتماعي الذي هو (نظام تأميني تكافلي عام، يهدف لحماية الأشخاص اجتماعياً واقتصادياً، يحدد القانون مزاياه ومصادر تمويله، وتموّل المزايا من اشتراكات يتحمّلها الأشخاص المؤمن عليهم وأصحاب العمل، ويهتم هذا النظام بتحقيق اعتبارات الكفاية الاجتماعية).
مما يعني الاهتمام بالشريحة الاجتماعية الكبيرة وتحقيق ما يفكّرون به وتحويله من حلم إلى حقيقة وترويج ثقافة، أن حياة من يسجّل في دائرة الضمان الاجتماعي، ويوفّر المال لنفسه كما أيّ موظفٍ يستقطعون منه (التوقيفات التقاعدية) من راتبه، لكي تكون ضمانة مستقبلية.
ولكن أين تكمن المشكلة؟
تكمن بالثقافة العامة وفقدان الثقة. وقد أجريت استطلاعًا بين شريحة غير الموظّفين في المحال والمطاعم وورش الصيانة، وغيرها وحصلت على إجابة إن لا ثقة بإيداع المبلغ لدى دائرة الضمان، وأن الأمر طويلٌ جدا قد يصل ما بين عشرين إلى 40 عاما من الادّخار وإيداع المبلغ. وكذلك التفكير السلبي من حتمية عدم الحصول على المبلغ إذا ما مات قبل بلوغه السن القانونية أو تعرّض إلى حادثٍ أصابه بالعوق، والكثير من الإجابات التي كما يقول وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الاسدي تعني أن ثمة مخالفات عديدة في فهم الضمان الاجتماعي وعدم انتشار ثقافته. فضلا عن أن الكثير من العمال يحصلون على راتب الرعاية الاجتماعية، لذا فهو يخاف التسجيل، لأنه سيتم شطب اسمه من الراتب، الذي يأتي لبعضهم على طبقٍ من الراحة، وهو يعملون ولديهم فرص عمل مدرّة بشكلٍ جيد. كما نسمع منهم مباشرة، فبعضهم لديه ورشة في الحي الصناعي والآخر لديه محل نجارة، أو بيع المرطبات وحتى بيع الكرزات والملابس وعديد الاعمال المختلفة، لأن ثقافة راتب الرعاية هي أنه لا يحصل شيء من الدولة وغير موظّف.
وهناك أسبابٌ أخرى وهي أن بعض أصحاب الأعمال والشركات لا يسجّلون العمال لديهم مخافة مطالبتهم بالضريبة والرسوم، بل إن الوزير كشف أن اصحاب عمل يسجلون أقاربهم بالضمان الاجتماعي، وليس العمال الفعليين لديهم، ولهذا لا نجد ثقافة التقاعد المضمون، إلّا بنسبةٍ قليلة، وأن عدد المسجلين بحسب الوزارة وصل إلى أكثر من 360 ألف. رغم أن الوزارة تقول المتوقع أن يصل عددهم إلى مليون وهو رقم قليل
جدا.
لذا يكمن الحل بالبحث عن طرقٍ جديدة واستخدام الآلية الالكترونية، واستخدام دفاتر التوفير مثلا، لكي يكون رصيدًا يمكن استخدامه في أيّ وقتٍ يشاء، إذا ما تعرّض إلى حادث، مع الحصول على فوائد التوفير، وبذلك فالتوفير يشجّع على إخراج المال من البيوت إلى المصارف، حتى لو كان المصرف داخل دائرة الضمان الاجتماعي، ويمنح ثقةً للمودع أن ما يوفّر مالًا سيعود إليه بالنفعن وأنه سيستلم الراتب التقاعدي في مواعيد ثابتة. فضلًا عن تخليص الموظّف في هذه الوزارة من روتينية البحث عن العمّال في هذا المكان أو ذاك، حتى أن أرباب العمل لا يستقبلونهم، فالأمر لا يخلو من استغلالٍ وظيفيّ لهذه الشركة أو ذاك المعمل، حتى أصحاب المطاعم.