كركوك.. معادلة الديمقراطيَّة العراقيَّة

آراء 2024/08/01
...

فائق يزيدي

ثمانیة أشهر مرت تقريبا على إجراء انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم، ومن ضمنها كركوك تلك المحافظة التي حرمت من هذا العرس الديمقراطي منذ نحو عقدين من الزمن، ومرت بأحداث ومراحل أثرت في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فيها، واليوم لا تزال هذه المحافظة تنتظر اكتمال تشكيل ادارتها وانتخاب محافظ جديد لها، ينهي ما يمكن تسميته بحالة الفوضى الادارية التي كانت تعاني منها جراء المحاصصة السياسية في ظل غياب انتخابات محلية.

بعد تدخل وجهود مباشرة من رئيس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، بدأت حالة الانسداد السياسي في كركوك تتفكك حيث عقد المجلس أولى جلساته في 11 تموز بناء على دعوة من رئيس الوزراء، وبدأ خطوته الاولى نحو العمل واكمال ادارة المحافظة، لكن وبسبب الخلافات السياسية وإحجام الكتل والقوى داخل مجلس المحافظة، والتي أفرزتها صناديق الاقتراع فإن المجلس لم ينجح في انتخاب رئيس له ولا انتخاب محافظ، لأن التوافق السياسي لا يزال غائبا في تقاسم المناصب في المحافظة.
إن خصوصية كركوك وتنوعها المكوناتي، حيث تضم مختلف أطياف الأمة العراقية من عرب وكرد وتركمان ومسيحيين وغيرهم يحتم على الجميع أن يكون هناك توافق في إدارة المحافظة دون تهميش أي مكون وان ينال الجميع استحقاقهم الانتخابي ككتل وقوى سياسية، لكن أيضا قبل كل هذا لا بد أن ينال المواطن الكركوكلي استحقاقه الانتخابي، حيث توجه إلى صناديق الاقتراع لينتخب اعضاء للمجلس، من أجل تشكيل حكومة محلية تقدم الخدمة له وتكون امتدادا للحكومة الاتحادية التي ترفع شعار الخدمة والانجاز، لذلك فإن القوى السياسية مطالبة اليوم بالكف عن التمسك بمصالحها الحزبية والفئوية على حساب مصالح ناخبيها وجمهورها، وعليها الايمان بالهوية العراقية لهذه المحافظة، بعيدا عن الهويات الفرعية، فحجم المشكلات في المحافظة وحاجة المواطن للخدمات والحياة الكريمة كبيران، وبالتالي لا مجال لإضاعة المزيد من الوقت.
حسنا فعل رئيس الوزراء الاتحادية بدعوة مجلس المحافظة لعقد جلسته الاولى، فهو بذلك وضع حدا للجدل الذي استمر نحو ٨ أشهر، وفك أولى العقد في الانسداد السياسي ليمهد الطريق امام انهاء الانسداد، حيث بات هناك سقف زمني وتوقيت قانوني يجب خلاله تسمية المحافظ، وهو ما يشكل اداة ضغط على القوى والكتل السياسية للإسراع في حسم خلافاتها بشأن المناصب، وفي حال عدم التجاوب مع جهود الحكومة الاتحادية ورئيسها الهادفة إلى إنهاء الانسداد السياسي، فإن خيار إعادة الانتخابات قد يكون مطروحا للخروج من الازمة، فهذه المحافظة العراقية لا بد أن تشكل ادارتها وتنتخب محافظا، وفق القانون والدستور، فهي تعتبر رمزا للعراق ووحدة مكوناته، وهي تمثل معادلة الديمقراطية العراقية فهي النموذج المصغر لهذا البلد الذي يجمع مختلف المكونات القومية والدينية والمذهبية ودستوره ونظامه الديمقراطي كفيل بحفظ حقوق الجميع على قدم المساواة.