جذورٌ سومريَّة لأمثال عراقيَّة وعربيَّة

ثقافة شعبية 2024/08/01
...

 حسين العامل

يقــول المثــل السـومــري (السماوات محملة فوقه، الأرض معلقة من بين يديه) وهذا المثل ذكره عبد الهادي الفؤادي في مجلة سومر، ضمن مقال منشور تحت عنوان (بحث في الأمثال العراقية - دراسة مقارنة لأمثال المجتمع العراقي القديم والمعاصر - القسم الثاني-).
ويصف المثل السومري الشخص المغرور الذي يبالغ في تقدير امكانياته وقدراته المتواضعة فيصاب بلوثة الغرور حتى يبلغ مستوى من الظن يعتقد فيه أن مصير الكون معلق بين يديه.
وقد أوردت مصادر الأمثال العراقية المعاصرة جملة من الأمثال التي تجسد ما هو مشابه لهذه الحالة كقولهم (شَايِلِ الدِنْيَا عَلَى رَاسَهْ) أو (شايل الدنيا علي خشمه) أو (بْـﮕَـدْ أُمِّ الفِلْسِينْ وْشَايلِ اِلدِّنْيَهْ عَلَى رَاسَهْ) و (شَايْلِ اِلدِّنْيَه عَلَى ﮔِـرِنْ ثورْ) و(شايف روحه شوفه)، بينما كررت العامة صياغة المثل الأخير وحدثته ليكون أكثر إهانة للمغرور فقالت (شايف نفسه فد قندرة)، أما في الأمثال الكردية فقالوا (فلان .. كل أساس بيته على كتفه).
وقد التفت الفنان عزيز علي لهكذا حالة من تضخم الأنا في الذات البشرية وانتقد مظاهر التجبر والغرور في مونولوج يقول في أحدمقاطعه:
وكلمن من كتره، ضاربله كلاو
وياهو التلزمه مطلع صدره
وشايف نفسه الحاكم بأمره
كلها تدور سلطه وامره
براسي وراسك احنا الفقره
كما انتقدت العامة مظاهر التعالي والغرور بباقة أخرى من أمثالها المعاصرة من بينها (مِثلِ الطَّاووس دُومْ نَافُخْ رُوحَهْ) أو (مِثلْ الطَّاوُوسْ، يعَاينْ عَلَى صَدْرَهْ يِنَّفِشْ، يعَاينْ عَلَی رِجْلَهْ يِفشّْ) و (نَافُخْ رُوحَهْ چَنَّهْ فسِيفِسْ) أو (نَافِش رِيشَاتَه چَنَّهْ فسِيفِسْ).
بينما سخرت الأمثال العربية القديمة من المغتر بنفسه وعبرت عن ذلك بالقول  (فلان أكبر من أبي جعفر في الدّيلم) ذكره الخوارزمي (323 هـ  - 383هـ) في كتاب الأمثال المولدة. وصنفه ضمن ما يقال في الشتم للرجل والدعاء عليه.
بينما ذكر الميداني (أَزْهَى مِنْ طَاووُسِ) في مجمع الأمثال وقال: و "من ديك" و "من ذباب" و "من ثور" و "من ثعلب".
وما يقال من شعر البحتري (205 هـ - 284 هـ) في هذا النحو:
مَا للنَّدامَى تَشَكّوْ مِنْهُ أُبّهَةً ....  فيها تَطاوُسُ عَاتي الجَهلِ مجْنُونِ
والمثل السومري موضع البحث والمقارنة ليس الوحيد من الأمثال السومرية الذي يذم وينتقد المختال والمغرور وإنما هناك الكثير من الأمثال في هذا المجال كقولهم (تَبَوَّل الثعلب في البحر وقال: إن البحر كله مني) وهذا المثل ذكره صلاح سلمان رميض الجبوري في كتاب "أدب الحكمة" في وادي الرافدين، وقال: يقال للذي يبالغ بأهميته كثيراً وهو قليل الأهمية تافه.
ومما تقول العامة في عباراتها وأمثالها المستحدثة عند ذم المتكبرين (بعض البشر نافخ روحه مثل چيس الچبس وهوه گله بربع دينار)، والچبس أو الشبس مادة غذائية رخيصة الثمن مصنوعة من طحين الذرة أو رقائق البطاطا المقلية توضع في أكياس تبدو منفوخة وأكبر مما هي عليه في الواقع، إذ لا يتناسب حجم انتفاخها مع تدني قيمتها وقيمة ما فيها من مادة
غذائية.
أما في الأمثال والأقوال العربية المعاصرة فيروى من شعر أحمد شوقي (1868 – 1932):
فإذا جاز اثريا للثري .... جرّ كالطاووس ذيل الخيلاء
بينما ذكر عبدالله حمدان بن دلموك (عاصِب راسِه بْلَيَّا وِيَع) في المتَوصِّف أمثال وحكم من الإمارات، وقال في شرح المثل: ويقال: رابِطْ راسِه، عاصِب: رَابِط. بْلَيَّا: من دون. وِيَع: وَجَع.
أي هناك من يربط رأسَه دون ألمٍ فيه.
مضربه: في الشخص الذي يحمل همّاً لا يَعْنِيه.
وفي الختام نردد ما قاله ابن شهاب (1262 - 1341) هـ: دع الكبر إن الكبر لله وحده .... وقد لعن الشيطان لمّا
تكبّرا.