سالم مشكور
تصنيف جديد جرى تداوله مؤخراً يضع العراق في مقدمة عشر دول هي الأكثر سوءاً في خدمة الانترنت. لا نحتاج الى البحث في صدقية الجهة صاحبة التصنيف، فالواقع يؤكد هذه النتيجة، ومعاناة المواطن المستمرة تدعمها. أينما ذهبنا خارج العراق نجد الانترنت أكثر سرعة، وأقل كلفة. كل الدول باتت تعتمد خدمة الجيل الرابع، وبعضها سيبدأ الجيل الخامس فيما نحن ما زلنا في خدمة الجيل الثالث لكنه أعرج. سرعة بطيئة وخدمة سيئة. الغريب أن وزارة الاتصالات ترجع السبب الى عدم وجود بنى تحتية خاصة بالشركات. صحيح تماما، ولكن من السبب؟. يحاول بيان للوزارة أن يلقي اللوم على داعش وتخريبها، فيما الوزارة مسؤولة هي ذاتها عن تردي هذه الخدمة، كيف؟. جودة خدمة الانترنت تعتمد على البنية التحية وهي تحديداّ الكابل الضوئي. الوزارة تضغط منذ سنوات لإبقاء الكامل الضوئي حكراً عليها، وتسعى من خلال مجلس الوزراء الى منع شركات الاتصالات من انشاء بناها التحية أو السماح لشركات خاصة بإنشائها. الكابل الوحيد هو الذي تملكه الوزارة وهو مهترئ وممدود فوق الأرض في مناطق عديدة بين المدن ما يجعله عرضة للتلف أو التخريب. ولأنه قطاع حكومي فان تصليح أي عطل فيه يستغرق أياما وربما أسابيع، مقابل ساعات فقط يستغرقها التصليح في حال تبعيته للقطاع الخاص كونه المتضرر من كل دقيقة تأخير. صحيح ان الوزارة اتفقت مع شركة خاصة على مدّ شبكة جديدة من الكابل الضوئي لكنها ستحتكر ذلك أيضا وستكون حصة الوزارة من عائداتها سببا لغلاء الأسعار وبالتالي انخفاض جودة الخدمة. هذا الامر يتعارض مع أساسيات معايير الاقتصاد الحر الذي يقوم على التنافس بدل الاحتكار.
الغريب أن البرامج الحكومية وقبلها الدستور تؤكد أن الاقتصاد العراقي حرّ لكن الأداء على الأرض يتجه الى مواصلة الاحتكار الحكومي ومنع القطاع الخاص من ممارسة دوره.
سوء الانترنت حاليا سببه احتكار الوزارة للكابل الضوئي وبيع سعات الانترنت الى الشركات بأسعار تساوي عشرين ضعف السعر الموجود في دول الجوار مما يدفع الشركات الى تخفيض السرعة (الجودة) ورفع الأسعار.
وفي ظل هذا الوضع يصبح الحديث عن الجيل الرابع مجرد ضرب من الخيال والمستحيل.