شبابٌ يفضلون المطاعم ويوثقون لحظاتهم هناك

ولد وبنت 2024/08/12
...

 بغداد: سرور العلي 

عادة ما تفضل الطالبة الجامعية سارة إبراهيم تناول طعامها في أحد المطاعم ببغداد، برفقة صديقاتها البنات صباحاً، قبل بدء المحاضرات أو عند الانتهاء منها، ولفتت إلى أن ذلك يعود للأجواء المختلفة في تلك الأماكن، وللذة الوجبات المقدمة وتنوعها وسرعة تلبية الطلب، وعدم قضاء وقت لطهيها بالمنزل.

وتابعت حديثها «ووسط كل تلك الأجواء والمرح نقوم بتوثيق هذه اللحظات بصور نعرضها في حساباتنا الشخصية، والإشارة بها للأصدقاء، لتبقى ذكرى في هذه المنصات الرقمية».

من جانبه عبر زميلها حسن جواد عن اهتمامه باختيار المطاعم الراقية، لتغيير الروتين اليومي، وكسره بالذهاب مع الأصدقاء، وقضاء أوقات ممتعة معهم، ويعده نوعاً من الترفيه عن أنفسهم، والحد من الاكتئاب والتوتر.

في حين ترى الموظفة فاطمة أحمد أن تلك الظاهرة أخذت بالانتشار وبشكل كبير، لا سيما مع التطور الذي نشهده اليوم، وكثرة الإعلانات عن المطاعم في السوشيال ميديا، كما أن قيام المشاهير ونجوم هذه المواقع بتوثيق الأماكن التي يتناولون فيها وجباتهم، أسهم أيضاً بجذب المزيد من الأفراد ودفعهم لارتيادها.

وأضافت «ينبغي أن يكون هناك الوعي الكافي، خاصة بوجود بعض الوجبات غير الصحية، والتي تحتوي على الكثير من السكريات والدهون، والإصابة بالسمنة المفرطة، وشكلت عبئاً جديداً على الأسرة وميزانيتها، كون تلك المطاعم تحتاج إلى مبالغ أخرى، لذلك فمن الضروري أن يكون للأسرة دور بخلق أجواء مناسبة، لجعل الأبناء يتواجدون لتناول طعامهم في المنزل، وكذلك للإعلام والفضائيات دور بالتقليل من الظاهرة».

وأشار أحمد داود العامل بأجر يومي في أحد الأفران، إلى أنه يفضل المطاعم الشعبية، كونها تلائم وضعه المادي المتدني، كما أنها تقدم وجبات بسيطة وبأسعار زهيدة، كأطباق الرز والمرق.

وأسهمت المشاريع الصغيرة بازدياد تلك الأماكن، كتحويل بعض العربات والسيارات إلى أكشاك، لبيع الوجبات السريعة، والتي تحضر بشكل مغرٍ ولافت يجذب الآخرين، وأيضاً قيام بعض المطاعم بإعداد وجبات لبلدان مختلفة، كالطعام الكوري، والإيطالي، والمصري، واليمني، وتنوع الأطباق كالصينية، والهندية، والأكلات البحرية، لتكون متنفساً لأفراد المجتمع، وخلق المتعة بعيداً عن أجواء المنزل، ليصل الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك، لقيام البعض بدعوة أقربائه أو أصدقائه لتناول الطعام في المطاعم، بعد ما كان الاستقبال يتم في البيت، وبجو أسري مناسب. 

التربوي اياد مهدي عباس أوضح: «برزت في السنوات الأخيرة على الساحة العراقية ظاهرة اجتماعية، تحمل في طياتها معاني مختلفة، ألا وهي ظاهرة ارتياد الشباب للمطاعم، وتوثيق تواجدهم فيها من خلال نشر صور موائد الطعام على السناب شات، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، ما شكل  مادة للنقاش والتحليل وإبداء الرأي، ومحاولة تشخيص أهم العوامل التي أدت إلى بروزها في المجتمع العراقي، بشكل لافت للنظر، فكانت قائمة الأسباب طويلة، ومنها تطور طريقة بناء المطاعم العراقية، من حيث الديكورات والفضاءات الخضراء، والنافورات الملونة، فأصبحت تمتلك عوامل جذب وترفيه أكثر من الحدائق والمتنزهات العامة، وأيضاً منها صور الطعام التي يتعمد الشباب نشرها، للتباهي أثناء تناولهم تلك الأطعمة المتنوعة، فشكلت عامل تحفيز للشباب، لارتياد تلك المطاعم، والقيام بالسلوك نفسه، كما أنه بدافع تغيير الروتين اليومي في الطعام، والبحث عن مذاقات جديدة، وأجواء خارج نطاق المنزل».

مضيفاً «ومن أهم تلك الأسباب من وجهة نظري، والتي لعبت دوراً كبيراً في انعاش هذه الظاهرة، وأدت إلى تنامي أعداد المطاعم بشكل غير طبيعي، هو تحسن الجانب الاقتصادي للفرد وللأسرة العراقية بشكل كبير، مقارنة مع العقود الزمنية الماضية، وكذلك الرفاهية المالية التي يعيشها الشباب العراقيون اليوم، يسرت لهم ارتياد هذه المطاعم ودفع أسعار وجبات الطعام فيها، بالرغم من ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ

فيه».