مرتضى ثامر: (بولوتيكدادا) تهدف إلى الوصول لمجتمع فني متذوّق

ولد وبنت 2024/08/19
...

  بغداد: سرور العلي 

بدأ شغف الشاب مرتضى ثامر بالرسم منذ نعومة أظفاره، في مرحلة الابتدائية بالتحديد، فكان يرسم على المقاعد الدراسية والكراسات، ما أثار إعجاب أساتذته بالمدرسة، فقاموا بتشجيعه على الاستمرار، وتأثر بالمدرسة الكلاسيكية، فكان يحاكي أعمال الرسامين الغرب.

كرافائيل واندريه زورن، والرسام ورامبرانت، والرسام الفلامنكي أنطوني فان ديك، وكان يقضي ساعات طويلة في تقليد أعمالهم، وتحليل ألوانهم والحالة البصرية في وقت يستغرق أسابيع وأشهراً، وتلك الممارسة ساعدته على فهم أخطائه عندما ينتج عملاً فنياً يحمل اسمه، مؤكداً «أول نتاج حقيقي قمت بتنفيذه كان في سنة 2011، وإلى الآن محتفظ به رغم أخطائه الكثيرة، لكنني دائماً مؤمن في البدايات، لأن البداية أساس كل عمل فني عظيم،  وهذه القاعدة اتخذتها في أي عمل أقوم بإنتاجه، مهما كان ضعيفاً، أو مثالياً للمشاهد أو المتذوق الفني». 

وثامر حاصل على شهادتين، وهما الدبلوم لقسم الخط العربي والزخرفة في معهد الفنون الجميلة في الديوانية، وشهادة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة في بابل بقسم الرسم الأكاديمي. 

ولفت إلى أنه  في عام 2020 قام بإنشاء أكاديمية مع أصدقائه الفنانين، والعمل على نشر الفن بكامل صفاته الفنية  في داخل المحافظة، متبعاً الأساليب والمدارس الفنية الأوروبية، وهذه الرسالة أو التجربة الفنية ساعدت على ظهور المزيد من الورش الفنية، والأكاديميات التعليمية الباحثة عن تعليم الفن في محافظة الديوانية، كما نجح بتعليم بعض الطلبة وتقديم  الدعم لهم في بعض المؤسسات الفنية، وأقام المزيد من المعارض المشتركة، وفي مطلع هذا العام قام بتأسيس جماعة فنية معاصرة عرفت باسم (جماعة بولوتيكدادا)، إذ تهدف إلى الوصول لمجتمع فني متذوق، وذلك من خلال ما يتم طرحه في الأعمال الفنية التي تصنعها تلك الجماعة.

وأشار ثامر إلى أن ضربة رصاص تلك المفردة انطلقت من لوحة عنوانها (المعادلة)، والتي قام بتأليفها سنة 2018، وذلك  يعد رد فعل لما حدث في أرض العراق من قتل واحتلال وتضحيات لا تعد ولا تحصى، فقام بتجريد شخصية الفرد العراقي من ثيابه، حاملاً على رأسه خوذة حرب، وفي يديه إبرة يطرز بها رباطاً سياسياً، وخيط التطريز لحمه كان ينظر إلينا بقهقهة ساخرة، وكأنه يخبرنا «نعم كنا نموت ليعيش ما فعله السياسي بنا»، ومن هذا العمل المصحوب بالواقعية الرمزية استمرت تلك المفردة، حتى جعلته مؤمناً، بأن الفن هو ردود أفعال عاطفية، ويمكن إنتاج أي قطعة فنية من دون الشعور بالعواقب، وإلا فلن يستطيع صياغة الحرية من لوحة القماش الأبيض. 

وبعد إتمام دراسته لمناهج الفنون الكلاسيكية والواقعية والرومانتيكية، بدأ بمرحلة جديدة، وهي الخروج من المفاهيم الفنية القديمة، والدخول إلى الفن الحديث، عالم يرى فيه الفنان كلود مونيه، وهو يلتقط الأشياء ويحول الهواء إلى لون ويضعه على قماش اللوحة، وعالم يرى فيه دالي وهو يحبس كوابيسه وأحلامه على هذا القماش، وتعبيرية سيزان، وعبثية موديلياني، وتمرد دوشامب والفنانين الدادائيين، ومن هذه النافذة تمت ولادة عمل فني عنوانه (الغوص)، وبمفاهيم وأفكار سريالية بحتة، وتم ترشيحه كأفضل عشرة أعمال أصلية لجائزة عشتار، في جمعية الفنانين التشكيليين في 

لعراق.  

وبحسب ثامر فإن الفنان هو نتاج الدراسة الأكاديمية، ولكن التوازن بين الاثنين مهم، ويمكن أن يختلف بشكل كبير اعتمادًا على الفنان في مسيرته الفنية،  ففي النتاج الدراسي يتلقى الفنان تعليمًا رسميًا لاكتساب المهارات الفنية، وفهم تاريخ الفن واستيعاب المفاهيم النظرية، ويمكن أن تتضمن هذه الدراسة التعرف على التقنيات والمواد والأساليب والسياق الثقافي للفن، أما من الناحية الإبداعية فإن العملية تشير إلى الحالة الذهنية للفنان أثناء عملية الإبداع، وهي تتضمن الحدس والإلهام والتعبير العاطفي والرؤية الشخصية، إذ تسمح الحالة الإبداعية للفنانين باستكشاف عوالمهم الداخلية، وترجمة أفكارهم ومشاعرهم إلى أعمال، وبالتالي يجد الفنانون الناجحون طريقة لدمج جميع هذه العناصر، لتطوير تلك القطعة الفنية الفريدة، وإنتاج أعمال ذات مغزى

 وتأثير.

شارك ثامر بالعديد من المعارض الفنية ومنها، في مسابقة البوستر الفني (زواج القاصرات)، المدعوم من كندا، ومعرض (كي لا ننسى سبايكر وآمرلي)، في العراق، ومعرض (سرياليون معاصرون)، مع نخبة من الفنانين في تركيا، ومعرض جائزة عشتار، ومعرض جماعة بولوتيكدادا، وشارك أيضاً في معارض بهولندا وقطر ولبنان وتونس.