الواقع الصحي والقطاع الخاص

آراء 2024/08/19
...

 عبد الستار رمضان




يعاني القطاع الصحي في العراق وإقليم كردستان من مشكلات وأزمات حقيقية وكبيرة، تصل إلى حد العجز في تقديم الخدمة الصحية للمواطن، الذي يضطره مرضه ووضعه الاقتصادي السيئ لمراجعة المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية بمختلف عناوينها وتخصصاتها. والعراق ربما يكون البلد الوحيد أو من البلدان القليلة في العالم، التي تعمل الكوادر الصحية فيه (الاطباء والصيادلة ومختلف عناوين المهن الصحية)

لدى الحكومة ويتمتعون برواتب وحقوق وامتيازات الوظيفة العامة، لكنهم في ذات الوقت يعملون لمصالحهم الخاصة ومراكزهم وفي المستشفيات الخاصة، ويكفي أن تراجع طبيباً في مركز أو مستشفى عام وتجد الكثير منهم مستعجلاً وغير مهتم بالمريض إلى جانب الانتظار الطويل، لغرض الكشف وتعذر الحصول على الدواء من الصيدلية، بل واضطرار المريض لشراء كل شيء يحتاجه حتى لو كان بغرف الانعاش والطوارئ 

والعمليات.

 باختصار إن العاملين بالمستشفيات والمراكز الحكومية أثناء دوامهم، يشعرون أنهم في المكان الخطأ وأن على المرضى مراجعتهم في عياداتهم الخاصة، والجهد والتعب والاهتمام يحفظونهم لما بعد الدوام الرسمي، الذي هو أقل وأبسط دوام للموظف العام في العراق. سوق أو(بزنس) الصحة والمراكز الصحية والمستشفيات الخاصة والصيدليات ومذاخر الادوية والمختبرات والتحليلات المرضية والأدوية الخاصة، لمرضى السرطان والامراض المزمنة سوق وتجارة كبيرة وعريضة يسيطر عليها في كل مدينة أو مكان أشخاص ذوو نفوذ شركاء أو مدعومون من رجال السلطة 

والأحزاب. 

ويكفي نظرة سريعة في اسماء المستشفيات والتدقيق في اصحابها أو من يقف وراءها لتعرف أن كل شيء في القطاع الصحي قوى وفعّال يعمل لمصلحته وجيبه الخاص، الا المريض الذي هو أضعف ما يكون في هذه العلاقة غير المتكافئة وغير العادلة. الاخبار التي تنشرها وسائل الاعلام كثيرة وهي تفيد في التعرف أكثر على أحوال الصحة، فمثلاً حذرت مديرية السيطرة على استيراد وصناعة الادوية والمستلزمات الطبية في إقليم كردستان، جميع المواطنين من وجود دواء مغشوش في أسواق الادوية في عدد من مناطق الإقليم، وأن فرق التفتيش والرقابة التابعة لها وخلال الزيارات الميدانية لأماكن صناعة وتداول الادوية تمكنت من ضبط دواء مغشوش باسم Duphaston وطالب البيان التعامل بشكل رسمي في بيع وشراء الأدوية والابتعاد عن بيع الادوية بدون لاصق يثبت اسمها محذرا المخالفين بعقوبات 

مشددة.

لكن القطاع الصحي يصعب السيطرة عليه لأن اصحاب المستشفيات والمذاخر والصيدليات، هم أعضاء نقابة الاطباء والصيدلة وهم أعضاء أو مسؤولون في اللجان الطبية ولجان المراقبة والتفتيش، والتي تبدو أشبه بلعبة المتاهة في تحديد المسؤولية والاجراءات والحلول. 

أما مستشفى «هيوا» للأمراض السرطانية في السليمانية، فقد أعلن عن عدم قدرته على استقبال المرضى الجدد لأنه لا توجد أسرّة بسبب ازدياد اعداد المرضى خلال الأيام الاخيرة بما يفوق قدرته الاستيعابية، وسبب هذه المشكلة قدوم اعداد من المرضى من وسط وجنوب العراق، تصل نسبتهم ما بين 30 بالمئة إلى 35 بالمئة، ويشكل ضغطا كبيرا على المستشفى الذي يعاني من قدم البناية التي بنيت 2007 وميزانية محددة من ذلك الوقت لحد الآن، وزيادة حالات الاصابة بنسبة ثلاثة أضعاف وتزايد أعداد المرضى من جميع المحافظات العراقية.