تداول المنافع الحكوميَّة

آراء 2024/08/20
...

 رعد كريم عزيز

ثمة سكوت مشترك لتداول المنافع الحكومية في الوزارات والمناصب العليا، من حمايات وعدد السيارات والمقتنيات في الغرف الخاصة جدا، ما يشجع المسؤول الجديد الذي يستلم مهام المسؤول القديم على التفكير بزيادة المنافع، طمعا في عرض الابهة والتباهي بشكل جديد لإشباع رغبات السلطة، والتي لا تتوقف إلا بقانون وضوابط وتحديد أوجه الصرف والمخصصات الضرورية فقط

بعيدا عن فسح المجال للتمادي في التفريط بالأموال العامة وتحميل الميزانية ثقلا وإسرافا لا يمكن معالجته لسهولة بفعل التضخم وسوء الاستغلال.

في واحدة من الوزارات وقبل سنين وفي أول يوم لتسنم الوزير الجديد، تم استبدال ساعة الحائط من ساعة مقبولة وتسير حسبما يمشي الزمن وبانضباط، لا شك فيه إلى ساعة جديدة بسعر 30 مليون دينار. ترى كيف سيكون شكل السيارات الجديدة وطبيعة الولائم والسفرات؟.

 وهنا يأتي السؤال المهم، هل يراجع المسؤول الجديد الحسابات الختامية للوزارة واذا اكتشف خللا ما هل يؤشره ويسعى لكشفه خدمة للصالح العام؟ أم يسير على نفس الطريق والنهج خدمة للصالح الخاص.

وهنا نستذكر ما كتبه الشاعر إبراهيم البهرزي عن صديقه الموظف، الذي منع المدير العام من دخول الارشيف إلا بطلب رسمي، لأن الارشيف ملكية عامة، لا يمكن الدخول إليه بدون استئذان.

وتخيلوا أن مديرا عاما اليوم طلب من موظف الارشيف الاطلاع على وثيقة ومنع من ذلك، ترى ماذا سيفعل المدير العام، وماذا سيكون مصير موظف الارشيف الشريف؟

ولم نسمع يوما عن مسؤول كبير في الحكومة العراقية قلص من حماياته، أو قلل من مخصصاته لأنها زائدة، وبدون منفعة، وما هي الا باب من ابواب الانتقاع الشخصي والفساد المالي وضعف الادارة الحكومية في تبويب أوجه الصرف ردعا لإرهاق الميزانية، الذي ينعكس سلبا متراكما على الحياة العامة في البلاد.

ومن المؤشرات في الاداء الحكومي عدم المراجعة لأبواب الانتفاع الحكومي المتضخم، ولو اطلعنا على أسعار وجبات الطعام والسيارات وحجز الفنادق وأعداد الحمايات، وقيم السكن وغيرها لشعرنا بالبون الشاسع بين الحكومة بكل فئاتها، وبين عامة الناس مما يوسع الهوة بينها وبين الشعب، وكذلك يؤخر التفكير في وضع حلول لمشكلات الناس. لأنهم يهتمون بأنفسهم وبحماية القانون، الذي يسيج المسؤولين بأسيجة عالية تحجب الناس عنهم.

نحتاج إلى مراجعة حية اذا لم نقل ثورة حقيقية لتبديل نظام المنافع الوظيفية المكشوف، والذي يتباين بين وزارة وأخرى ونسب موارد كل وزارة وكأنها ملك شخصي وليس ملكية عامة.

على الهيكل الحكومي أن يكون قدوة وبعدها نطلب من الناس أن ترشد استهلاك الطاقة.. إن وجدت كاملة غير منقوصة، وكذلك في القطاعات الأخرى، لكي نبني أسس دولة جديدة.